التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 03:40 م , بتوقيت القاهرة

في إطار زيارة الرئيس لعُمان.. تاريخ علاقات البلدين في تقرير لـ"الاستعلامات المصرية"

وصفت الهيئة المصرية العامة للاستعلامات زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لسلطنة عمان بالزيارة المهمة، نظرًا لما سوف تتناوله الزيارة من لقاءات واجتماعات واتفاقيات وتشاورات مهمة بين البلدين في مختلف المستويات، خاصة أن مصر والسلطنة بينهما علاقات ممتدة على مر التاريخ.


وقالت هيئة الاستعلامات المصرية، في تقرير لها اليوم السبت، على خلفية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى مسقط بدعوة من  السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، إنها أول زيارة للرئيس السيسي للسلطنة منذ توليه مهام منصبه، كما ستشهد الزيارة لقاءً مرتقبًا بين الرئيس السيسي والسلطان قابوس، يعقبه اجتماع بين الجانبين، يتناول سبل تعزيز التعاون بمختلف المجالات، كما يتناول اللقاء المباحثات والتشاور بشأن القضايا العربية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.


وأشار التقرير الذي أصدرته الهيئة العامة للاستعلامات، إلى أن العلاقات المصرية العمانية تستمد قوتها من البعد التاريخي وعمق العلاقات الثنائية بين البلدين وتشعبها على مختلف الأصعدة إذ تقدم العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان دومًا وفي مختلف المراحل والظروف نموذجًا طيبًا ورفيعًا للعلاقات بين الأشقاء وما ترتكز عليه من تقدير واحترام متبادل ومن ثقة ووضوح وحرص على كل ما يخدم السلام والاستقرار في المنطقة.


وأوضح التقرير أنه على الصعيد السياسي هناك تشاور دائم بشأن المواقف والسياسات بين مصر وسلطنة عُمان تجاه تطورات الأوضاع في المنطقة، حيث يدعو البلدان إلى حل المشاكل بالحوار والحفاظ على تماسك الموقف العربى تجاه مختلف التحديات التى تواجه الأمة العربية.


تواريخ وزيارات


منذ مسيرة النهضة للسلطان قابوس بن سعيد عام 1970 وافتتاح سفارة السلطنة بالقاهرة عام 1972 فإن العلاقات بين البلدين الشقيقين تعتبر نموذجًا للعلاقات العربية-العربية وتزداد رسوخًا يومًا بعد يوم، وتحرص السلطنة على المشاركة في المؤتمرات التي تدعو لها مصر مثل مشاركتها في المؤتمر الاقتصادي الدولي والذي عقد بشرم الشيخ في مارس 2015، وحفل افتتاح قناة السويس الجديدة وغيرها من المناسبات الأخرى.


وخلال الفترة القليلة الماضية تعددت الزيارات والاتصالات بشكل مكثف بين مسؤولي البلدين، حيث زار سامح شكري وزير الخارجية سلطنة عمان في 12 نوفمبر 2017 في اطار جولة شملت الأردن والكويت والبحرين والإمارات والسعودية، حيث نقل رسالة من الرئيس السيسي إلى السلطان قابوس، تناولت العلاقات الثنائية، والتشاور حول تطورات الأوضاع في المنطقة.


وفي نوفمبر 2017 زار الفريق أول صدقي صبحي وزير الدفاع والإنتاج الحربي والقائد العام للقوات المسلحة مسقط، وهو في طريقه إلى الهند، حيث التقى بدر بن سعود بن حارب البوسعيدي الوزير العماني المسؤول عن شؤون الدفاع، وتم خلال اللقاء استعراض مجالات التعاون العسكري القائم بين البلدين الشقيقين وبحث عدد من الأمور ذات الاهتمام المشترك.


تعاون مشترك


تعود الصلات الوثيقة بين القاهرة ومسقط إلى عقود من الزمن، إضافة الى صلات الدم والنسب و المصاهرة التي بدأت منذ قرون ثم تعمقت بعد الفتح الإسلامي لمصر حيث وفد إلى مصر بصحبة القائد  عمرو بن العاص الكثيرون من الأشقاء العمانيين من أبناء الأزد.


فعلى مر التاريخ ارتبطت السلطنة بعلاقات وطيدة مع الحضارة المصرية فقد كانت تمثل حلقة وصل بين حضارتي وادي النيل وما بين النهرين من جهة وحضارة وادي السند من جهة أخرى، والعلاقات بينهما ضاربة في التاريخ القديم إلى ما قبل 3500 سنة، الأمر الذي أدى إلى قيام علاقات تجارية واقتصادية واسعة، تطورت بعد قيام سلطنة عمان الحديثة، إلى أبعاد سياسية واستراتيجية وروابط اجتماعية وثقافية.


وتمثل سلطنة عمان حالة خاصة في الوجدان المصري على مر العصور منذ 3500 عام، حين كانت الملكة المصرية "حتشبسوت" ترسل أساطيلها التجارية إلى مدينة "ظفار" العمانية لتحمل بالسلع التي استخدمت في تعطير المعابد الفرعونية .


ويشار إلى موقف العمانيين من الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، حيث أعلن السيد سلطان بن أحمد (1792-1804) استياءه من هذه الحملة، وأوقف المفاوضات الفرنسية العمانية التي تمهد لعقد معاهدة بين الدولتين، واعلن احتجاجه الرسمي على اعتداء فرنسا على دولة عربية مسلمة.


فيما اتسمت علاقة البلدين بقدر من الدفء في زمن سعيد بن سلطان ووالي مصر "محمد علي" باشا، وقد عبرت الرسائل التي بعث بها السيد سعيد بإعجابه بالبناء الحديث للدولة التي اقامها محمد علي في مصر، كما عبرت عن وجود رغبة لدى سعيد في اقامة علاقات أوثق مع والي مصر.


بينما أعلنت سلطنة عمان تأييدها لمصر خلال العدوان الثلاثي في عام 1956، فحين عرف العمانيون بأمر العدوان الثلاثي على مصر انفجرت مشاعر الغضب في كل أنحاء عمان، وعبر المئات من العمانيين عن استعدادهم للمشاركة في نضالها الوطني ضد المعتدين .


كما تذكر مصر العديد من المواقف المشرفة للسلطان قابوس حيث اطلق مبادرة تاريخية حينما أصدر مرسومًا أثناء حرب اكتوبر 1973 بالتبرع بربع رواتب الموظفين لدعم مصر مع إرسال بعثتين طبيتين عُمانيتين لمصر.


كما ان مواقف الدولتين من قضايا الصراع العربي الإسرائيلى، والتطورات التى لحقت بالقضية الفلسطينية، تظهر تطابق مواقف الدولتين ، ويكفى الإشارة هنا إلى أن سلطنة عمان كانت إحدى الدول العربية التى احتفظت بعلاقتها بمصر فى أعقاب زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للقدس عام 1977، وما ترتب على ذلك من توقيع اتفاقيات معاهدة كامب ديفيد، التى نجم عنها مقاطعة عربية شاملة لمصر.


وتؤكد مؤشرات العلاقات المصرية العمانية انها تسجل دائما تقدما ملحوظاً نتيجة العديد من المستجدات الإيجابية في ظل استمرار الاتصالات بين القاهرة ومسقط، ‏انطلاقا من المواقف الثابتة للسلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان التي تعكس تقديره العميق ‏لمصر ولشعبها بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي، فضلاً عن التوافق في السياسة الخارجية للبلدين، والتي تقوم على مبادئ مهمة في مقدمتها ‏الحرص على استقرار الدول وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ونبذ الخلافات العربية ‏العربية وضرورة توحيد الصف العربي لمواجهة الأخطار المحدقة بالأمة.


استثمار عماني مصري


تشير الإحصاءات إلى أن مجموع صادرات السلطنة إلى مصر بلغ 834. 16 مليون ريال عماني حوالي (765 مليون جنيه تقريبا ) خلال عام 2016م في حين بلغت وارداتها من مصر نحو 015. 48 مليون ريال عماني أي حوالي ( 2.2 مليار جنيه مصري ) .


كما تعقد اجتماعات ولقاءات اقتصادية بمشاركة الشركات العمانية والمصرية بهدف تنمية العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين ، واستناد القطاع الخاص في كلا البلدين إلى المناخ الطيب بين الدولتين وهناك لجنة وزارية بين البلدين تعقد اجتماعات دورية بهدف تنمية العلاقات الاقتصادية بينهما، ويبلغ عدد الشركات المصرية في السلطنة أكثر من 142 شركة تعمل في مجالات عديدة منها التجارة العامة والمقاولات والتمويل والأوراق المالية والاستثمارات الهندسية والتصميم ومقاولات الصرف الصحي والتنمية السياحية والتأمين والخدمات التعليمية والثروة الحيوانية.


وفي إطار حرص الدولتين على تنمية علاقاتهما الاقتصادية فقد اتخذتا أخيرًا العديد من الإجراءات والقوانين المشجعة للمستثمرين ورجال الأعمال، إذ توجد فرص تجارية في السلطنة ذات عائد اقتصادي لاسيما بعد تحول مناخها الاستثماري إلى بيئة تنافسية جاذبة من خلال توقيعها اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة الأمريكية ما يفتح المجال أمام المنتجات المصرية نحو السوق العماني والسوق الأمريكي في ذات الوقت.


وفي 24 فبراير 2017 وقعّت مصر وعمان، 3 اتفاقيات للتعاون الثنائي بين وزارتي القوى العاملة في البلدين، في ختام اجتماعات الدورة الـ13 من أعمال اللجنة المصرية العمانية المشتركة، التي عقدت بالقاهرة برئاسة وزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزير الدولة للشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي وشهد الوزيران في الجلسة الختامية التوقيع على 3 اتفاقيات للتعاون الثنائي في مجالات الشباب والرياضة والطلائع، والتدريب العمالي بين وزارتي القوى العاملة، كما تم التوقيع على محضر اجتماع أعمال الدورة الحالية للجنة المشتركة ،  لتنشيط مختلف جوانب العلاقات الثنائية ، وهو ما سيدفع خطوات تنشيط وتفعيل أطر ومجالات التعاون بين مصر وسلطنة عمان بشكل أكبر وفي كل المجالات خلال الفترة القادمة وبما يدعم جهود التنمية في الدولتين ويعود بالخير على شعبيهما الشقيقين.


وفي مايو 2017 انعقدت بالقاهرة أعمال اللقاءات الثنائية بين الشركات العمانية والمصرية بهدف تعزيز التبادل التجاري بين البلدين حيث تشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهما من الاستثمارات الخليجية ‏والعربية في مصر، وهناك تعاون ملحوظ بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين.


تاريخ من العلاقات


‏ وقعت حكومة جمهورية مصر العربية متمثلة في الهيئة العامة للاستعلامات وحكومة سلطنة عمان متمثلة في وزارة الإعلام العمانية في مايو 2014 مذكرة تفاهم لتفعيل التعاون الإعلامى لتشجيع التعاون الإعلامى وتبادل الدراسات والبحوث الإعلامية والمعلومات المتاحة لدى الطرفين، ودعم الإنتاج المشترك للإصدارات المطبوعة والإلكترونية التي تلقي الضوء على العلاقات التاريخية بين البلدين ، وتقديم التسهيلات للباحثين والمتخصصين فى الإعلام وتشجيع تبادل الزيارات والخبرات الإعلامية والتدريب المشترك فى كافة المجالات التى تخدم العمل الإعلامى


‏ وتعد مذكرة التفاهم تفعيلاً للاتفاق الثقافي المبرم في عام 1974، وبروتوكول التعاون الإعلامي ‏الموقع في سنة 1983، تتضمن المذكرة توثيق أواصر التعاون الإعلامي وتبادل الخبرات ‏للارتقاء بمهارات الكوادر البشرية، والاتفاق على تطوير التعاون عبر عدة قنوات اتصال فى ‏مقدمتها: القيام بتبادل منتظم للأنباء والأخبار المصورة عن الاحداث الجارية فى البلدين، ‏وإعطائها الأفضلية في وسائل النشر والإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية، وكذلك المواقع ‏الالكترونية إضافة إلى تبادل الدراسات والمعلومات.‏


وتمتلك مصر ثقلا ثقافيا وإعلاميا ملموسا في سلطنة عمان، إذ لا تخلو جريدة من أخبار مصر أو مقالات كبار الصحفيين المصريين كما لمبدعي مصر (فنانون – أدباء - موسيقيين) مكانة مرموقة في المجتمع العماني.


كما يقوم الأزهر بدور بسلطنة عُمان، فهناك بروتوكول موقع بين الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ‏والشؤون الدينية العُمانية، كما استقطبت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية العمانية على مدى العقود الماضية عدداً كبيراً من الوعاظ والخطباء المصريين للمساجد التابعة لوزارة الأوقاف والمساجد الخاصة، كما تواصلت البعثات العمانية إلى جامعة الأزهر بمختلف كلياتها ومعاهدها منذ عام 1970 إلى يومنا هذا حيث حصل العشرات منهم على درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه.


كما استضافت القاهرة فعاليات مهمة في إطار العلاقات الوثيقة بين مصر وسلطنة عُمان ففي دار الأوبرا أقامت جمعية الصحفيين العُمانية في أكتوبر 2010 معرضا للصور الفوتوغرافية تحت عنوان: "ملامح من عُمان كما استضافت القاهرة فعاليات مهمة في إطار العلاقات الوثيقة بين البلدين في مقدمتها الأيام الثقافية العمانية التي أقيمت في ديسمبر عام 2012 بالقاهرة والإسكندرية.


كما يشار أيضا إلى دور مكتبة الإسكندرية في تعميق العلاقات الثقافية بين البلدين، ويذكر فى هذا الصدد مساهمة السلطان قابوس في إنشاء المكتبة وأيضا افتتاحها، حيث حضر حفل الافتتاح وفد رفيع نيابة عن السلطان، وقد استضافت المكتبة العديد من الأنشطة الثقافية العمانية، حيث أقيم بالمكتبة في عام 2013 اليوم الثقافي العماني الذي أقيم عام 2013 بحضور عدد من الوزراء المصريين والعمانيين، وقدم خلاله عددا من المحاضرات التي تعكس أوجه التواصل بين البلدين الشقيقين.


وفي مارس 2016 جاءت المشاركة المصرية في مهرجان مسقط السينمائي في مارس 2016 حيث شهد المهرجان حفاوة بالغة بالفن والإبداع المصري، وتم خلاله تكريم نخبة من نجوم وفناني مصر، بالإضافة إلى تكريم اسم الفنان الراحل نور الشريف.


أما عن الجالية المصرية في سلطنة عمان فيبلغ عددها نحو 59 ألفا يلقون رعاية من شعب وحكومة السلطنة ويساهمون فيما تشهده من نهضة في مختلف المجالات.


اقرأ أيضًا


"صحة البرلمان": نسعى لاستخراج قانون المسؤولية الطبية بدون عوار دستوري