التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 08:04 ص , بتوقيت القاهرة

ديدبول - البطل الخارق الذي لا يطيق الخارقين!

آخر 10 سنوات شهدت نشاطا مكثفا من هوليوود في تقديم أفلام الأبطال الخارقين، المقتبسة من القصص المصورة. هذه النوعية انتزعت عاما بعد عام صدارة شباك التذاكر، وأصبحت الورقة الرابحة باستمرار في اللعبة. 


المحطات الأشهر قد تكون ثلاثية باتمان للمخرج كريستوفر نولان، بالإضافة إلى دستة أفلام بالتمام والكمال مع قطاع الإنتاج السينمائي لشركة مارفل، المملوكة حاليا لشركة ديزني. عالم كامل مترابط يصبح فيه كل فيلم مغامرة مستقلة، وحلقة جذب لما يليه، ابتداء بـ Iron Man 2008  وصولا إلى Ant Man المعروض حاليا في صيف 2015.


اقرأ أيضا:
Ant Man - حجم أصغر ولدغة أكبر مع مارفل
عصر مارفل يتوسع في Avengers: Age of Ultron



العام القادم سيشهد تكثيفا أشد. شركة وارنر ستنضم للعبة ببناء عالم سينمائي متكامل من شخصيات دي سي كوميكس، ابتداء من Batman v Superman: Dawn of Justice المقرر عرضه في مارس.


اقرأ أيضا: أبطال الكوميكس وسجن قوانين السينما


مارفل تجاهد للحفاظ على مكانتها، وحققت خطوة مميزة بفضل اتفاقها الأخير مع شركة سوني، المالك الحالي لحقوق شخصية سبيدرمان، لدمج الشخصية مع أفلام Avengers القادمة. ابتداء بـ Captain America: Civil War المنتظر عرضه في مايو. وفي نوفمبر 2016 ستقدم الفيلم الأول لـ Doctor Strange مع النجم بيندكت كامبرياتش في الدور الرئيسي. 


اقرأ أيضا: كيف سقط سبيدرمان في شِباك Avengers؟



شركة فوكس ستواصل عروضها مع X-Men: Apocalypse أواخر مايو 2016، بينما سيعود ولفرين (هيو جكمان) بمغامرة مستقلة ثالثة جديدة في مارس 2017.


وسط هذا الزحام من أفلام المغامرات ذات الطبيعة الأسرية، المصنوعة لتوافق التصنيف الرقابي PG-13 في الولايات المتحدة، يأتي أخيرا عمل مختلف في فبراير 2016. عمل بتصنيف رقابي R يسمح بمشاهد دموية وجنسية، وشتائم وبذاءات. عمل يماثل الشخصية البذيئة المقتبس منها. الـ Deadpool.


أول ظهور في كوميكس مارفل للشخصية تم في The New Mutants #98 فبراير 1991 على يد الرسام والمؤلف روب ليفلد وشريكه الكاتب فبيان نسيزا. في البداية كانت الشخصية لمرتزق شرير صاحب لسان طويل ودم خفيف. وبشكل يقارب نسبيا سبيدرمان، مع إضافة سيوف محمولة على الظهر وملامح ساخرة، ستذكرك نسبيا بشخصيات سلاحف النينجا.



تجول الديدبول كشرير في مطبوعات مارفل ضد أبطال Avengers - X-Men وغيرهم، قبل أن يفوز بسلسلته الخاصة في ديسمبر 1997. وعلى مدار السنوات التالية تم ابتكار عشرات المغامرات بخصوصه، بصفات وقصص منشأ مختلفة. لكن تظل مواصفاته الأساسية هي اللسان البذىء اللاذع، والقدرة على الشفاء من الجروح والإصابات، والمهارة غير العادية في استخدام السيف.


رحلته في السينما أكثر إثارة. وارتبطت منذ بدايتها بنفس الممثل الذي انتهى بالدور بالفعل (ريان رينولدز).


عام 2004 أنتجت شركة نيولاين سينما فيلم Blade: Trinity للمخرج ديفيد جويار عن شخصية أخرى من عالم الكوميكس، وبمشاركة رينولدز في دور مساند. وبفضل نجاح الفيلم استقرت شركة نيولاين على اختيار نفس المخرج والممثل لصناعة فيلم Deadpool قبل أن يتم إلغاء المشروع، وتنتقل الشخصية الى شركة فوكس. في مرحلة لم تكن فيها حقوق شخصيات الكوميكس سينمائيا بُعشر قيمتها الحالية تجاريا.


فوكس خططت لنفس اللعبة التي لعبتها مارفل، لكنها لم تسبقها في التنفيذ. الخطة كانت أن تحصل الشخصية على فيلم مستقل مع ريان رينولدز، بعد ظهورها لأول مرة في X- Men Origins: Wolverine 2009 كخصم لـ ولفرين.


مشاهد من أول ظهور


ظهرت الشخصية في الفيلم بشكل مختلف عما يعشقه جمهورها في عالم الكوميكس، وافتقدت لأهم عناصر قوتها في الفيلم (كسر الحائط الرابع). سنناقش هذه النقطة تفصيليا لاحقا. 


رغم النجاح التجاري وقتها للفيلم، والإشادة بأداء رينولدز، واعلان فوكس أن الفيلم المستقل سيشهد ظهور الشخصية بتفاصيلها المعروفة كاملة، ترددت الشركة في التنفيذ وانتقل المشروع من مخرج لمخرج وطاقم لطاقم عدة مرات.


تم إسناد السيناريو لـ ريت ريز وبول ويرنك. الثنائي الذي أثبت كفاءته في كتابة كوميديا وسط أجواء غريبة في فيلم Zombieland 2009. وفي ابريل 2011 تم اختيار تيم ميللر خبير الخدع البصرية لإخراج الفيلم في أولى تجاربه. وقام بالفعل بتنفيذ مشهد تجريبي من الفيلم مع شركة Blur Studio في يناير 2012. مجرد مشهد أكشن كوميدي سريع ضمن السيناريو، تم تنفيذه مؤقتا بالجرافيك، مع إضافة صوت رينولدز لاحقا.  


الطعنة الكبرى التي عرقلت التنفيذ كانت غالبا فيلم شركة وارنر Green Lantern 2011 أو الفانوس الأخضر، المقتبس من شخصية أخرى شهيرة من دي سي كوميكس، مع نفس الممثل ريان رينولدز.



فشل الفيلم تجاريا ونقديا وأعاد النظر في فكرة انتاج ديدبول أو اسناد الدور لـ رينولدز. ومع تخبط القرار توقف كل شىء. وازداد التردد بعد عرض فيلم المغامرات R.I.P.D. 2013 المقتبس أيضا من سلسلة كوميكس. والأكثر فشلا في تاريخ رينولدز كنجم بالنظر لتكلفته الإنتاجية المرتفعة.


لكن كل شىء تغير بعد أن قام أحد العظماء المجهولين بعمل استثنائي على الإنترنت في يوليو 2014، وهو تسريب المشهد التجريبي سابق الذكر لـ Deadpool. يمكنك مشاهدته هنا.


 


شركة Blur Studio أصدرت النسخة الـ HD للمشهد في اليوم التالي مباشرة، قبل أن تسحبه سريعا بناء على طلب فوكس. لكن مع درجة الإشادة والمساندة الجماهيرية الجنونية على الإنترنت، خلال الشهور التالية بسبب المشهد الذي لم ينقطع عن التواجد بروابط مختلفة رغم كل محاولات الملاحقة والحجب، قررت فوكس أخيرا الموافقة على تنفيذ الفيلم رسميا، مع نفس الممثل والمخرج في سبتمبر 2014.


وهكذا بعد رحلة ومعاناة طويلة استمرت أكثر من 10 سنوات، بدأ رينولدز تصوير الفيلم أخيرا في مارس 2015 وانتهى منه أواخر يوليو. وظهر أخيرا منذ أيام أول اعلانات رسمية. المجموعة كلها أكثر من ممتازة، ومطابقة لكل المواصفات القياسية التي ميزت الشخصية في الكوميكس.



الأجواء العنيفة الدموية. البُعد الأخلاقي الغائب عن البطل. والحس الساخر والأداء الصوتي العبثي وسط الصراعات. رينولدز بالمناسبة ممتاز جدا في نقطة الأداء الصوتي، وهو ما ستلاحظه في The Voices 2014 مثلا مؤخرا. وأخيرا نقطة الفيصل (كسر الحائط الرابع).


اقرأ أيضا: ريان رينولدز وأسطورة القط الشرس في The Voices  


الحائط الرابع مصطلح متوارث من عالم المسرح، حيث من المفترض أن الشخصية لا ترى الجمهور ولا الجمهور يراها. وبالتالي يتخيل الممثل وجود حائط رابع وهمي أمامه بدلا من الجمهور، يماثل حائط موقع الأحداث (منزل - مكتب.. الخ).


عندما تتعامل الشخصية مع الجمهور وتعترف بحضوره وتواجده أمامها، أو تُحدثه مثلا مباشرة، يوصف المشهد بـ(كسر للحائط الرابع). المصطلح حاليا مستخدم في المسرح أو السينما أو التليفزيون أو الكوميكس. شاهد مثلا الحوار الآتي مع القراء، من أحد إصدارات ديدبول.



المخرج وودي آلان كسر الحاجز الرابع في العديد من أفلامه، وأشهرها مشهد في Annie Hall 1977. مارتن سكورسيزي فعلها عدة مرات أيضا في بعض مشاهد The Wolf of Wall Street 2013 - Goodfellas 1990. 


 في مصر ستجد هذا مثلا في مشهد سخرية سهير البابلي من طريقة تناول أحمد بدير للطعام، في مسرحية ريا وسكينة: "وكتاب الله ما هو تمثيل وبجد وبحق وحقيقي".


من المشاهد الكوميدية المصرية التي أعشقها في فن كسر الحائط الرابع، مشهد يمكنك مشاهدته هنا من فيلم رمضان فوق البركان للمخرج أحمد السبعاوي مع عادل امام. تحديدا في نهاية الدقيقة الثانية. 



ديدبول لا يكسر الحائط الرابع أحيانا في الكوميكس. ديدبول هو أشهر شخصية تكسر هذا الحائط!.. يمكنك ملاحظة ذلك في الكوميكس السابق ضمن أحد الأعداد، أو في اعلان الفيلم. مثلا في الثانية الـ 33 من الإعلان، يطلب البطل بدلة خارقة غير خضراء، لا يتم تنفيذها بالجرافيك!


ما يطلبه ويسخر منه، هو ما تم تحديدا مع رينولدز في فيلم Green Lantern. وبسبب تنفيذ الزى بهذه الطريقة الشبة كارتونية وقتها، نال الفيلم هجوما حادا من الجمهور والنقاد.



هنا تحديدا تظهر نقطة قوة ديدبول وجوهر مشكلته جماهيريا أيضا. نكات ديدبول هنا تحتاج الى مُتفرج يعرف الكثير والكثير عن الكوميكس، وعن تاريخ أبطال الفيلم. نكتة الزي الأخضر مضحكة بالتأكيد لكل جمهور مهرجان كوميك كون. ومضحكة أيضا لمدمن سينما أمريكية مثلي، لكن بدون معرفة إسقاطاتها تفقد معناها.   


مخرج الفيلم يتفهم هذه النقطة وصرح في حوار له منذ أيام، أنه لا يعرف بعد عدد النكات المماثلة التي سيتضمنها الفيلم فعليا بعد المونتاج النهائي، لأن أغلب الجمهور عالميا لن يفهم دعابة الزى الأخضر الكارتوني وما يماثلها.


إلى أى درجة اذا سيشق ديدبول طريقه في شباك التذاكر، وسط زحام شخصيات الكوميكس الهوليوودي حاليا؟.. هل ستنجح الإعلانات في حشد ملايين للمشاهدة، رغم عدم معرفتهم مسبقا بالشخصية؟.. هل سيستفيد الفيلم من اختلافه عن الباقين، أم سيتضرر من التصنيف R؟.. كلها أسئلة سنعرف اجابتها في فبراير 2016.



لكن في جميع الحالات رحلة إنتاج الفيلم، تصلح كفيلم مسلي في حد ذاته!.. نجم انتظر 12 عاما قبل أن يفوز بالفيلم الذي أراده. جمهور انترنت حسم القرار لشركة فوكس بدلا من خبرائها. إعلان يسخر فيه النجم من تجربة مؤلمة سابقة مع الكوميكس!


كل جينات الديدبول متوفرة بالفعل!.. من الضروري أن يكون هذا الفيلم عظيما فعلا، لأن عالم الكوميكس السينمائي في أمس الحاجة حاليا للوغد الداعر القادر على تغيير قواعد اللعبة!


تحديث 25 ديسمبر 2015:
أصدرت شركة فوكس اعلان جديد للفيلم.



لمتابعة الكاتب على الفيس بوك