التوقيت الجمعة، 24 مايو 2024
التوقيت 08:34 م , بتوقيت القاهرة

Ant Man - حجم أصغر ولدغة أكبر مع مارفل

فكرة تباين حجم الإنسان ليصبح صغيرا جدا مقارنة بالآخرين أو العكس، فكرة قديمة. أشهر معالجاتها في الأدب الغربي الحديث قد تكون رحلات جليفر للأديب جوناثان سويفت (1667 – 1745م).     
  
أنتجت هوليوود رحلات جليفر عدة مرات، واقتبست الفكرة ككل في معالجات أخرى مختلفة ومتنوعة أشهرها  The Incredible Shrinking Man 1957 - Fantastic Voyage 1966  - Honey, I Shrunk the Kids 1989.


اقرأ أيضا: سندريلا الفرعونية


الرجل النملة Ant-Man يلعب على نفس التيمة. الشخصية ظهرت أول مرة ضمن مطبوعات مارفل المصورة 1962 وغالبا تأثر مبتكروها بنجاح الفيلم الأول 1957. وكادت أن تتحول لفيلم أواخر الثمانينات، لولا ظهور الفيلم الأخير الذي خطف الفكرة تجاريا أولا في نفس الفترة.



مرت عقود تغير فيها الكثير منذ هذه المحاولة. فنون الخدع البصرية وصلت الى القمة بفضل الكمبيوتر وألاعيب الجرافيك. شخصيات الكوميكس أصبحت منجم الذهب تجاريا في هوليوود. شركة مارفل دشنت قطاع خاص للإنتاج السينمائي، نجح خلال سنوات معدودة في بناء عالم متكامل ومترابط من شخصياتها ابتداء بـ Iron Man 2008 وصولا للفيلم رقم 11 أوائل هذا الصيف Avengers: Age of Ultron. 


اقرأ أيضا: عصر مارفل يتوسع في Avengers: Age of Ultron 


حان الوقت بالتأكيد ليزور الرجل النملة الشاشات، ويلدغ بطريقته الخاصة شباك التذاكر.  



مصدر قوة مشروع Ant-Man سينمائيا هو نفسه مصدر قوة فيلم مارفل Guardians of the Galaxy الصيف الماضي. طزاجة الشخصيات التي لم تحقق في الكوميكس نفس شهرة وانتشار شخصيات (الرجل الحديدي - كابتن أمريكا - هالك - ثور.. الخ). مشاهدة جديد نسبيا مقارنة بشخصيات وصراعات نعرف عنها الكثير.


اقرأ أيضا: أبطال الكوميكس وسجن قوانين السينما


لكن على العكس من Guardians of the Galaxy الذي حقق المتعة من بداياته حتى في مرحلة تقديم الشخصيات وربطها ببعض، يمكن اعتبار النصف الأول من Ant-Man ضعيف نسبيا. خاصة مع كليشيهات مثل المجرم الذي يبحث عن فرصة ثانية.. علاقة الأب المتوترة مع بنته.. السلاح الخطير في اليد الخطأ.. إلخ.


أنقذ النصف الأول نجاح مارفل في الحفاظ على سمعتها الجيدة جدا في اختيار نجومها، واقتناص بول رود للدور الرئيسي. ممثل الأدوار المساعدة خفيف الظل، صاحب معدل الانتشار المتوسط.



رود لا يتمتع بوسامة أو قوة بنيان أقرانه من النجوم في عالم مارفل، أو بتاريخ حقيقي من النجومية سينمائيا، وهو ما يجعله مثالي هنا لشخصية صعلوك، شاءت الظروف أن يتورط في مهمة بطولية. خفة ظله وبساطته وتاريخه السينمائي عناصر أفادت الفيلم، بشكل يقارب استفادة شخصية الرجل الحديدي Iron Man من الاختيار الموفق لـ روبرت دواني جونيور في الدور.


اقرأ أيضا: رحلات روبرت داوني جونيور (من الإدمان إلى الرجل الحديدي)


اختيار نجم للدور الرئيسي كان سيضعف الشخصية، وكعادة مارفل في حشد صف ثان من كبار النجوم ذوي الوزن الثقيل في أعمالها، اختارت هنا مايكل دوجلاس الذي أضاف للفيلم نفس التأثير والرونق الذي أضافه سابقا نجوم أخرون لباقي السلاسل منذ بداياتها (جيف بريدجيز في Iron Man - أنتوني هوبكنز في Thor - تومي لي جونز في Captain America).


على كل اللعب على وتر الأب والابنة، وفر رغم كل شىء مساحة عاطفية مختلفة عن المعتاد في أفلام مارفل (الثنائي العاشق). وعنصر سيجذب غالبا عدد كبير من الأطفال للاستمتاع بالفيلم. العنصر الثاني هو لمسات الكوميديا.



معدل الكوميديا في الفيلم أعلى من أغلب أفلام مارفل، وتظهر فيه أحيانا لمسات تخص غالبا السيناريست والمخرج الموهوب إدجار رايت. عملاق الكوميديا الذي قدم أفلام Shaun of the Dead - The World's End وكان من المخطط أن يخرج الفيلم، قبل أن ينسحب بسبب خلافات مع مارفل، تاركا سيناريو تم تعديله على يد أخرين.


عشاق أعماله سيلاحظون بصمته الكوميدية بوضوح عدة مرات. في طريقة سرد صديق البطل اللاتيني (مايكل بينا) القصص للبطل، بينما يعرض المونتاج مشاهد فلاش باك لها. أو مقاطع تواجد البطل في أحد محلات الأيس كريم مثلا.


رغم أن المخرج بيتون ريد الذي تم اختياره في النهاية، متخصص كوميديا بالأصل أيضا، يبدو فارق الموهبة بوضوح بين الرجلين. ادجار رايت أستاذ كوميديا بصرية، وهو مالا يتقنه ريد. من المؤسف أنه انسحب فعلا لأن نسخته من الفيلم كانت بالتأكيد ستصبح أفضل وأكثر كوميدية. 



الإثارة الحقيقية تبدأ عندما يرتدي البطل أخيرا بذلته الخاصة، ويتحول للرجل النملة. أول مشهد تحديدا جيد جدا، بفضل طرافة الموقف، وجودة المؤثرات البصرية، واختيار مواقع أحداث نعرف تفاصيلها، يتحرك فيها البطل بحجمه الجديد.


للأسف لم ينجح ريد كمخرج بنفس القدر في باقي المشاهد. ورغم ما توفره فكرة تباين الحجم من فرص ذهبية من حيث توظيف تقنية العرض ثلاثية الأبعاد، يزور صناع الفيلم التقنية نادرا وبصورة سطحية، كعادة أغلب أفلام هوليوود مؤخرا. 


اقرأ أيضا: Pixels - جيم أو?ر آخر لهوليوود مع الفيديوجيم


يعيب بعض المقاطع أيضا أن مونتاج مشاهد الأكشن ينتقل من زاوية لأخرى، أسرع مما يجب، بشكل يفقدك أحيانا القدرة على التركيز، ويقطع لحظات استمتاعك. وهى ضريبة دفع ثمنها مع المتفرج، فريق المؤثرات البصرية الذي قدم مجهود ممتاز طوال الفيلم، خصوصا في مشاهد النمل. 



في هذه المشاهد تحديدا، توصل خبراء الفريق لمعادلة متزنة وذكية جدا، على صعيد التصميم والتنفيذ، تُوفر للنمل درجة قبول وخفة ظل قريبة مما نراه في أفلام الكارتون، دون أن تسحب الحد الأدنى من المصداقية، باعتباره نفس النمل الذي نعرفه في الحياة الحقيقية. المدد الزمنية لظهوره قصيرة، لكن كلها مصدر بهجة لا يتوقف على الشاشة الكبيرة. 


النصف الثاني مغامرة مسلية جدا ومختلفة. حبكة أقرب لأجواء Ocean's Eleven منها الى أجواء التدمير والمواجهات الضخمة المعتادة في أفلام مارفل. ما دمنا تحدثنا عن Avengers فمن الجدير بالذكر أن الرجل النملة Ant-Man لن يتوقف في هذة المحطة، وسنراه لاحقا في مغامرات مشتركة معهم. دمج كل هذا الطاقم الكبير بشكل متوازن في فيلم واحد، خاصة بعد انضمام سبيدرمان أيضا للأفلام القادمة، مهمة غير سهلة نهائيا.  


اقرأ أيضا: كيف سقط سبيدرمان في شِباك Avengers؟


في جميع الحالات لدى مؤلفي ومخرجي الأفلام القادمة الأن شخصية ذهبية، تجيد اقتحام أماكن يستحيل أن يتسلل اليها عمالقة Avengers.  



باختصار:
رغم النصف الأول الروتيني نسبيا، وبعض عيوب الإخراج، الفيلم ككل مغامرة أخرى ممتعة تمزج بين الأكشن والكوميديا على طريقة مارفل، بفضل أداء مرح من بول رود ومايكل دوجلاس، وتواجد قصير لنمل لطيف جدا لدرجة قد تجعلك تتردد مستقبلا في استخدام أي مبيدات ضده!


لمتابعة الكاتب على الفيس بوك