"المطاعنة".. من شيخ العرب همام إلى حبيب العادلي


الأقصر – LCA
تنتمي غالبية القبائل التي تتخذ من مدينة الأقصر مقرا لها، إلى أصولٍ سامية بعضها يرجع إلى سُلالات مصرية قديمة، وأخرى إلى سُلالات عربية وفدت من شبه الجزيرة العربية أيام الفتح الإسلامي، استمر تدفقها إلى مصر طوال القرون الماضية، من أهمها قبيلة "المطاعنة".
شيخ العرب همام
يعود نسب المطاعنة، إلى "محمد بن سليمان"، المُلقب بـ "مطاع"، ويعتبر "بن سليمان" من "تميم بن الحسن بن محمد"، إلى أن يمتد نسبه إلى "عبدلله بن أبي بكر الصديق".
قَدِموا في عهد "الفتح الإسلامي"، واستقروا في جنوب الأقصر بمركز "إسنا"، وتفرعت هذه القبيلة، وانتشرت على مر السنين، وتعاقب دورها الريادي في العهود السابقة، خاصة في عهد المماليك، حيث أن المطاعنة كانت تُداين الخزانة الملكية.
أبرز ما كان في هذا العصر من قضايا، هو الدور الكبير الذي قام به المطاعنة في الدفاع عن "شيخ العرب همام"، و"الهوارة"، عندما استحلّ المماليك دماء الهوارة، إلى أن انتهت حياة شيخ العرب "همام"، ودُفن بالمطاعنة؛ اتباعًا لتوصيته، حيث يُـعرَف مقامه في قرية "كيمان المطاعنة".
في عهد الخديوي إسماعيل، تمثلت المطاعنة في أول مجلس نيابي في مصر، وكانت "إسنا" رأس مديرية البحر الأحمر، وقنا، وأسوان، ونجح في هذه الانتخابات، الشيخ "عبد الرحمن خالد عسكر المطعني"، الذي كان من العشرة الذين يَردون على خطاب العرش.
التمثيل النيابي
واستمرت قبيلة المطاعنة في التمثيل البرلماني على مر التاريخ، بل تعاقبت الأجيال في بيت آل الشيخ "إبراهيم"، المُنتمي لعائلات السلمانية، ومثلوا في البرلمان لمدة تزيد عن 120 عامًا، حيث كان أول تمثيل برلماني للمطاعنة، من خلال الشيخ "إبراهيم طايع تميم".
ويعتبر الشيخ "إبراهيم"، من الشخصيات التي برزت في الصعيد لعلاقته بكل من الملك فؤاد، والشيخ "محمد عبده "، شيخ الأزهر؛ لأنه كان من زملاء الدراسة، واستمرت الصداقة.
ولم يكن هو نجم الفن الوحيد الذي برز في الصعيد، وإنما لحقه شقيقه "أحمد بك فراج طايع تميم"، الذي تولى أول وزير خارجية عقب ثورة يوليو 52، وأنجب "إبراهيم فراج"، الأمير الذي استمر نائب في مجلس الأمة، ومجلس النواب، وأنجب المستشار "أبو الحسن فراج"، مُساعد أول وزير العدل، والذي وافته المنية عقب سماعه خبر توليه وزارة العدل.
ويُعَد "أبو الحسن فراج"، من مشايخ القضاة، فعمل عضو يميل له الشيخ "جاد الحق علي جاد الحق"، شيخ الأزهر الأسبق.
ومن تلامذة "فراج"، "ممدوح البلتاجي"، وزير السياحة الأسبق، الذي كان وكيل للنيابة العامة في عهده، والمستشار "مقبل شاكر"، رئيس المجلس الأعلى للقضاة الأسبق، والمستشار "محمد أنور أبو سحلي"، الذي كان وزير للعدل الأسبق.
ولم تنته العلاقة البرلمانية لهذا الجيل، بل استمرت إلى "صلاح الأمير"، ثم شقيقه "زكريا الأمير"، ثم إلى "وائل زكريا الأمير".
لم تكن علاقة المطاعنة مُنتهية بالبرلمان عند بيت واحد، وهو بيت "آل الشيخ إبراهيم"، بل تمثلت في عهد السادات، حيث كان نائبها "حسن النوبي عامر"، فيما مثّلها بـ "كوم أمبو"، رجل يُدعى "غريب الجلعان".
المجال العلمي
في المجال العلمي، استطاعت قبيلة المطاعنة الانتشار في العديد من الجامعات المصرية، حيث يوجد المئات من أبناء تلك القبيلة بالجامعات المختلفة، الذين تولوا أماكن قيادية، ودرجات علمية.
ويعتبر أبرز أعضاء التدريس من قبيلة المطاعنة، الأستاذ الدكتور "عادل عبد العزيز سند سليم"، عميد كلية الطب بسوهاج الأسبق، والأستاذ الدكتور "عبد الحفيظ الطاهر"، والأستاذ الدكتور "الطاهر مكي"، عميد الأدب الأندلسي، والأستاذ الدكتور "أحمد عبد العزيز"، وكيل كلية أصول الدين وآخرين.
أما في المجال القضائي، فـتبلغ قبيلة المطاعنة في الهيئة القضائية، نسبة لا تقل عن واحد ونصف في المائة من أعداد الهيئات القضائية.
وتُعَد هذه النسبة من أكبر الأعداد التي مثلت فيها محافظات بأكملها في الهيئة، ويعتبر من أبرز أعضاء الهيئة القضائية، المستشار "محمد عبد الوهاب"، رئيس استئناف القاهرة، وعضو المجلس الأعلى للقضاء الأسبق، والمستشار "محمد خلف الله"، رئيس إحدى الدوائر في محكمة استئناف القاهرة، والتي تُتنَاوَل أمامه الآن قضية قتل المتظاهرين وأول قاضي حكم على رموز النظام السابق بأحكام مشددة، وأبرزهم "رشيد محمد رشيد"، وزير التجارة والصناعة الأسبق، و"حبيب العادلي"، وزير الداخلية الأسبق.
ومن أبناء المطاعنة في النيابة الإدارية، نسبة كبيرة أيضًا، أبرزهم، المستشار "محمد عوض"، النائب الأول لرئيس هيئة النيابة الإدارية، والمستشار "التهامي سليم"، رئيس النيابة الإدارية بالأقصر، وآخرين.
أما في هيئة قضايا الدولة، فأبرزهم المستشار "محمد مصطفى"، الشهير بــ "نافع أبو عرجة"، وكان يتولى النائب الأول ورئيس هيئة قضايا الدولة مستشار وزير الداخلية وآخرين.
وتُعتبر قبيلة المطاعنة، الوحيدة التي احتزت كافة الطرق الصوفية، فلا يوجد بيت من تلك قبيلة، إلا وبه أحد أبناء الطرق الخلوتية، والطريقة الأحمدية، والطريقة الرفاعية، والطريقة العزمية، والطريقة الإدريسية، والطريق المحمدية.
وأخيرًا.. يمتاز أهالي المطاعنة باحتفاظهم بالقيم العربية القديمة، التي توارثوها من الأجداد، فـ فيهم الكرم، وفيهم المجد، وفيهم العزة والكبرياء، وفيهم الحقد، وفيهم الحسد، ولكن أيضًا يجمعون بين خفة الظل وروح الُدعابة.