التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 02:52 م , بتوقيت القاهرة

روبنسون كروزو على المريخ في The Martian

فكرة "الحياة وحيدا" بكل أبعادها الدرامية والفلسفية من الأفكار الروائية القديمة. أقدم النسخ العربية كانت حي بن يقظان للفيلسوف ابن سينا، التي أعاد عديدون صياغتها بنفس الاسم. النموذج الغربي الأشهر لها في رواية روبنسون كروزو للمؤلف البريطاني دانيال ديفو، وصدرت أول طبعاتها عام 1719.


عشرات التنويعات الأخرى ظهرت لاحقا وحققت نجاحا ومنها مثلا شخصية طرازان. ولا تزال السينما تنهل من وقت لآخر من الفكرة. آخر المحاولات الممتازة كانت في Castaway 2000 للمخرج روبرت زيميكيس، والنجم توم هانكس.


اقرأ أيضا: 10 أدوار خالدة لـ"توم هانكس"


في اكتوبر 2015 تعود الفكرة للشاشات في إطار أحدث نسبيا في The Martian أو المريخي. البطل المعزول هذه المرة رائد فضاء منسي وحده على كوكب المريخ، بعد أن افترض زملاؤه وفاته. 



الفيلم مقتبس من رواية ناجحة بنفس الاسم للأديب الشاب آندي وير، والطريف أن الرواية الشهيرة بدأت كعمل مجاني، معروض في فصول على صفحات منفصلة في مدونته الخاصة عام 2011، في فترة لم يكن فيها يتوقع نجاحا للرواية، ويمارس فيها الأدب كهواية بجانب عمله كمبرمج كمبيوتر.


بعد النجاح النسبي وبناء على نصيحة أصدقائه، صنع منها نسخة إلكترونية لأجهزة "كيندل" للقراءة، للبيع على موقع أمازون، وعرضها بأقل سعر متاح وقتها طبقا لشروط الموقع (99 سنت). بعد النجاح الأكبر انتقلت أخيرا إلى عالم المطبوعات الورقية أوائل 2014 لتواصل طريقها وتصبح من أنجح روايات الخيال العلمي في الفترة الأخيرة. طبقا لتعليقات النقاد تتميز بطابع علمي دقيق، ممزوج بجانب عاطفي وإنساني دون تصنع. 



يعتبر البعض الرواية سينمائية الجينات، باعتبارها مزيجا بين أحداث فيلم Apollo 13 إنتاج 1995 عن المهمة الفضائية المشؤومة الحقيقية التي كادت أن تنهي حياة عديدين، وبين فيلم Cast Away 2000 عن مدير أمريكي لفرع شركة شحن طرود، يضطر للحياة وحيدا على جزيرة عدة سنوات، بسبب حادث طائرة. 


يخرج الفيلم ريدلي سكوت في رابع تجاربه مع الخيال العلمي بعد Alien 1979 - Blade Runner 1982 - Prometheus 2012. الجمهور يعرفه أكثر بفضل فيلمه الشهير Gladiator 2000 مع النجم راسل كرو.


اقرأ أيضا: هاريسون فورد و7 أدوار فاز بها بالصدفة


بصفة عامة يمكن التشكيك باستمرار في اختيارات ريدلي سكوت في مجال السيناريو، لكن مستواه البصري لا ينكره إلا جاحد. رغم تفاؤلي بخصوص الفيلم، من الصعب نسبيا توقع مستوى محدد، لأن سكوت من أغرب مخرجي هوليوود من حيث تفاوت المستوى. كمثال بسيط يكفي لكل من شاهد Gladiator أن يلاحظ أن عمله السابق مباشرة كان G.I. Jane 1997. 



من الناحية التجارية لم تشهد السنوات الأخيرة نجاحات ضخمة للأفلام الأوريجنال البعيدة عن السلاسل السينمائية. ضمن الاستثناءات البسيطة لهذه القاعدة فيلم Gravity الذي بدأ عرضه في أكتوبر 2013 وInterstellar الذي بدأ في نوفمبر 2014. وهو ما يدفعنا للتساؤل، هل يمكن أن يصبح The Martian الضربة الفضائية الثالثة على التوالي لشباك التذاكر العالمي، في نفس الموعد السنوي؟ 


اقرأ أيضا: لماذا أصبح Interstellar الأول في مصر 2014 رغم كونه العاشر عالميا؟


على ذكر Interstellar فمن الجدير بالذكر أن The Martian يستضيف نجمين من نفس الفيلم (مات ديموت - جيسيكا شاستاين). ديمون رغم شهرته لا يملك سجلا حقيقيا من النجاح التجاري بعيدا عن سلسلة Bourne الشهيرة التي قدم منها 3 أفلام حتى الآن، والرهان عليه من جديد في فيلم بهذه الضخامة من حيث التكلفة، لا يخلو من مغامرة.



جيسيكا من أهم ممثلات جيلها في السنوات الأخيرة، ومن أفضل لأفضل باستمرار. أداؤها في فيلمها الأخير A Most Violent Year  كان أجمل ما في الفيلم، لكن حتى الآن لا يُمكن تصنيفها بأي حال كنجمة شباك.


اقرأ أيضا: الحلم الأمريكي رمادي أكثر في A Most Violent Year


للمريخ أيضا سجل سينمائي طويل يدفع للتشاؤوم تجاريا. الكوكب الأحمر المرعب رغم جاذبيته الشكلية جماهيريا، كان موضع سقوط لأفلام عديدة سابقة منها مثلا:
Mission to Mars 2000
Red Planet 2000
John Carter 2012
The Last Days on Mars 2013



السؤال الأهم هل وصل الجمهور لدرجة ما من التشبع مع مشاهد رواد الفضاء والخُوذات، بعد Gravity - Interstellar أم أنه حاليا في قمة الإحماء لجولة جديدة؟.. في اعتقادي الشخصي ساهم Interstellar بالأخص إلى حد كبير في خلق حالة تواصل واهتمام مع النوع، والجدل الذي أثاره من حيث القواعد الفيزيائية، يمكن أن يخدم The Martian تجاريا، اذا نجح صناع الفيلم في استثمار نفس النقطة دعائيا.


النقطة الأخرى المثيرة تجاريا، أن ديمون قدم في Interstellar دور شخص فقد عقله بسبب العزلة على كوكب، ومستعد لفعل أي شىء شرير للعودة. عدد كبير من جمهور الفيلم، سيهتم غالبا بمشاهدة The Martian باعتباره الجانب شبه التفصيلي من القصة، للسيناريو الآخر. 


على كل الإجابة النهائية بخصوص أداء The Martian تجاريا ونقديا سنعرفها في اكتوبر. الإعلان الأول جيد ويوحي بإتقان، لكن للأسف كشف الكثير والكثير من الأحداث. أعتقد أنه كان سيصبح أكثر إثارة بكثير، لو كان انتهى مع نقطة بقاء البطل وحيدا على الكوكب، ومحاولته التأقلم. 



لمتابعة الكاتب على الفيس بوك