التوقيت الخميس، 09 مايو 2024
التوقيت 05:47 ص , بتوقيت القاهرة

كيف تواجه الدولة ارتفاع سعر الدولار بدون تدخل من "المركزى"؟

أرشيفية للدولار
أرشيفية للدولار

عاد سعر الدولار فى السوق المصرى للارتفاع مقابل الجنيه خلال الأيام الماضية بعد فترة طويلة من الثبات، وذلك بسبب عدة أسباب عالمية ومحلية، ورغم أن هذا التقلب فى سعر صرف الدولار هو أمر طبيعى بعد قرار تعويم الجنيه، والذى بمقتضى التعويم سيكون أكثر تأثرا بالمتغيرات العالمية سواء الاقتصادية أو السياسية، إلى جانب الأحداث المحلية.

ونظرا لأن ارتفاع الدولار مؤخرا يعتبر متغيرا عالميا تزامن مع ارتفاع أسعار النفط وهو ما يشكل تحديا واضحا أمام الاقتصاد العالمى فلن نخوض فى تداعيات ارتفاع الدولار عالميا، ولكن سنركز على تداعيات ذلك على السوق المصرى وتأثيره على برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى لم يكتمل بعد.

ومن المعروف أنه كان من المتوقع بعد قيام مصر بتحرير سعر الصرف منذ نوفمبر 2016 أن يتعرض الجنيه إلى تقلبات صعودا وهبوطا نتيجة تأثره بأى متغيرات عالمية أو إقليمية أو محلية، ويأتى ارتفاع الدولار الأخير نتيجة ارتفاع العوائد على أذون الخزانة الأمريكية من جانب وارتفاع العوائد علي الدين الحكومى فى اقتصاديات ناشئة أخرى مثل تركيا والأرجنتين من جانب آخر وتراجع الأجانب عن الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى لمصر وكلها عوامل أدت لتراجع الجنيه أمام الدولار.

كما أن استمرار ارتفاع الدولار أمام الجنيه يعنى ارتفاع أعباء الدين الخارجى وارتفاع فاتورة الواردات خاصة فى ظل ارتفاع أسعار البترول عالميا وبالتالى استمرار العجز التجارى والضغط على الموازنة العامة للدولة وبالتالى تآكل نتائج الإجراءات الإصلاحية السابقة من مراجعة لسياسة الدعم بشكل عام وتحرير سعر الصرف وغيره من الإصلاحات الأخرى.

وإذا استمر تراجع الجنيه أمام الدولار قد يضطر البنك المركزى إلى عدم الاستمرار فى خفض أسعار الفائدة والذى قد بدأه مؤخرا ويعتبر هذا الخفض أمرا مطلوبا لتشجيع الاستثمار فى القطاعات الإنتاجية التى تعانى من ارتفاع تكلفة الاقتراض وتكلفة الاستيراد، بالإضافة إلى انخفاض جاذبيتها مقارنة بعوائد الاستثمار فى مجالات أخرى مثل شهادات الادخار المختلفة أو فى مجال العقارات أو تجارة السلع وغيرها.

ولمواجهة تراجع الجنيه أمام الدولار قال تقرير للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية إنه أصبح من الضرورى التركيز على إصلاح الجانب الحقيقى للاقتصاد المصرى والذى لم نخطو فيه خطوات كبيرة والتركيز على زيادة الإنتاج وتنويعه ما بين زراعى وصناعى وخدمى، وتحسين جودة المنتجات والخدمات وهو ما يتطلب بالضرورة تذليل العقبات التى تواجه الاستثمارات الحقيقية سواء المحلية أو الأجنبية، خاصة فيما يتعلق بتيسير الحصول على الأراضى والقضاء على البيروقراطية وإصلاح منظومة التعليم والتدريب.

وكل ذلك يظل رهنا بالتطبيق الشامل والمتكامل لبرامج الإصلاح الاقتصادى الحقيقى التى لا تركز فقط على البعد المالى وإنما تستهدف أيضا الإصلاح الإدارى والاجتماعى الشامل، مع تقديم الدعم الكامل للمنتجين والمستثمرين الذين تحملوا تبعات الإصلاح الاقتصادى وستزيد معاناتهم مع رفع الدعم عن الطاقة نهائيا مع بداية العام المالى 2018 /2019 واستمرار ارتفاع الدولار والفائدة.

وأخيرا، فإن التصريحات التي صدرت عن البنك المركزى كرد فعل لارتفاع الدولار أمام الجنيه باحتمال التدخل فى السوق ينافى تماما أى سياسة للسوق الحر ويزيد من عدم الثقة فى الاقتصاد المصرى ويدفع المستثمرين للخروج من السوق المصرى.

وكان محافظ البنك المركزى قال فى 8 مايو 2018 بالعديد من الصحف المحلية أن البنك المركزى سيتدخل فى سوق الصرف لو وصلت العملة لسعر غير مقبول.