التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 02:20 ص , بتوقيت القاهرة

مدني: 16/18 الإطار الأكثر توازنا لمكافحة التمييز بسبب الدين

أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إياد أمين مدني، اليوم الأربعاء، على ضرورة معالجة موضوع مكافحة التحريض على الكراهية والتمييز والعنف بسبب الدين والمعتقد، الذي أضحى مظهرا من مظاهر العنصرية، بما في ذلك الحد الفاصل بين حرية التعبير وخطاب الكراهية، الذي يثير لغطا كبيرا.


جاء ذلك في كلمة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، بجدة اليوم، في افتتاح أعمال الدورة الخامسة لمسار إسطنبول (من الاعتماد إلى التنفيذ: كيفية تعزيز التنفيذ الفعال لقرار مجلس حقوق الإنسان 16/18)، والخاص بمكافحة التحريض على الكراهية والتمييز والعنف بسبب الدين والمعتقد.


أضاف مدني أنه مع تنامي اتجاهات الهجرة، التي غيرت البنية الاجتماعية والثقافية لغالبية البلدان والمجتمعات، أصبح التمييز بسبب العرق وإعلان إخفاق التعددية الثقافية، وصفة لانعدام الأمن وتأجيج النزاعات والتعصب.


واستشهد مدني بما يرتكبه تنظيم "داعش" من أعمال تدمير وقتل مريع لغير المسلمين، والمعاملة المروعة التي يتعرض لها المسلمون في ميانمار، وتدنيس الكتب والأماكن المقدسة، وطباعة رسوم عبثية للنبي محمد، مؤكدا أنها كلها عوامل أسفرت عن إشاعة ثقافة التمييز والعنف.


وأوضح أنه لضمان إقامة نظام عالمي قوامه الاحترام المتبادل والتسامح وتقبل التنوع الديني، ظلت منظمة التعاون الإسلامي في طليعة الجهود الدولية الرامية إلى مكافحة التعصب والتمييز والعنف بسبب الدين والمعتقد.


واعتبر الأمين العام قرار مجلس حقوق الإنسان رقم 16/18 الإطار السياسي العالمي الأكثر توازنا وتركيزا، الذي أقرته الأمم المتحدة لمكافحة التعصب والتمييز والتحريض على الكراهية والعنف ضد الناس بسبب الدين أو المعتقد، مشيرا إلى أن القرار فريد من نوعه، كونه يتوافر على متابعة ومسار.


وحث مدني المجتمعين على إجراء مناقشات صريحة ومفتوحة وبناءة تحت مظلة التعاون الإسلامي، للمساعدة على إيجاد حلول عملية للقضايا المستعصية، التي يمكن تطبيقها عالميا عبر مختلف الأنظمة القانونية، مشيرا إلى أن الرسالة الأساسية هي ضمان المعاملة المتكافئة، وتوفير الحماية العالمية لحقوق كافة الأفراد والمجموعات والمجتمعات المستهدفة.


من جهته، حذر رئيس مجلس حقوق الإنسان، السفير يواخيم روكر، من أن تدور النقاشات دون الأخذ في الاعتبار ما يدور على الأرض، مؤكدا أن مكافحة التعصب يجب أن يقوم بها المجتمع برمته وإشراك مؤسسات المجتمع المدني للتنفيذ.


وقال إن منظومة الأمم المتحدة يمكن أن تقدم إسهامات في تنفيذ القرار رقم 16/18، مع ضرورة وضع خارطة طريق لضمان التنفيذ السليم للقرار.


وفي كلمته، قال الأمين العام لمركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، فيصل بن عبدالرحمن بن معمر، إن الاجتماع يناقش قضية جوهرية بالنسبة لمجتمعاتنا تتمثل في كيفية المحافظة على حريتين متساويتي الأهمية: حرية اتباع الإنسان لما يمليه عليه ضميره وممارسته الدينية التي نشأ عليها، وحرية التعبير في الوقت ذاته.


أضاف أنه ينبغي للحوار بين أتباع الأديان، كما أشار القرار 16/18، أن يكون نواة للجهود المشتركة في محاربة التعصب المرتكب باسم الدين والسعي لمكافحة التفرقة والعنف، مطالبا بتوفير حلول سياسية لمعالجة أسباب التعصب وخطاب الكراهية، مستدركا أن الحلول السياسية وحدها لا يمكنها بناء الثقة والتعاون بين أشخاص من أديان وثقافات مختلفة، حيث لا يتحقق ذلك إلا من خلال الحوار البناء بين الأفراد والجماعات.


وأشار ابن معمر إلى أن الحوار بشكل فعال يحتاج تقدير مساحة محايدة، يتمكن عبرها الجانبان من البدء في فهم وجهة نظر بعضهما البعض، كما ينبغي للحوار أن يكون لقاء على أرضية مشتركة ومتكافئة، إذ أن الانتقاد والإقصاء يقتلان الحوار.


وفي هذا الصدد، أوضح ابن معمر أنه من هذا المنطلق يأتي دور مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، إذ "إننا لا نصدر أحكاما ولا نقصي أي أطراف، إنما نصنع فرصا يمكن معها للأشخاص من مناقشة خلافاتهم بأمان".


أما رئيس مجلس إدارة مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، إبراهيم صالح النعيمي، فقال إن المركز يؤكد على أهمية العلاقات المشتركة والتوجه إلى توفير أرضية للحوار والتقارب بين بعضنا البعض، و"نتطلع إلى لعب دور وإدارة التنوع في حياتنا من كافة الجهات المعنية وليس الحكومات فقط".


ويشهد الاجتماع ثلاث حلقات نقاش: تشمل الأولى معالجة مجالات التوتر المحتملة بين المجتمعات وتعزيز التفاهم والحوار، عبر تبادل وتداول أفضل الممارسات في مجال وضع إستراتيجيات تواصل وإنشاء شبكات تعاون وتنفيذ مشاريع في مختلف المجالات الواردة في القرار 16/18، إضافة إلى تدريب المسئولين الحكوميين والزعماء الدينيين وقادة المجتمع على معالجة الأسباب الجذرية للتمييز على أساس الدين والمعتقد.


ويتمثل موضوع حلقة النقاش الثانية في مواجهة الدعوة إلى الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز والعداوة والعنف، من خلال تدابير إيجابية تتطرق إلى المجاهرة برفض أعمال الاستفزاز والقولبة النمطية والإساءة، وتعزيز الحوار بين أباع الأديان والثقافات على مختلف المستويات.


وتتعلق حلقة النقاش الثالثة بموضوع فهم ضرورة مواجهة الإساءة والقولبة الدينية السلبية للأشخاص، والتحريض على الكراهية، من خلال اعتماد تدابير تجرم التحريض على العنف الوشيك على أساس الدين أو المعتقد.


ومن المقرر أن يصدر في ختام الاجتماع مجموعة من التوصيات العملية والملموسة للجهات المعنية، وذلك بهدف تيسير عملية تنفيذ خطة العمل والمفاوضات داخل الأمم المتحدة حول مكافحة التحريض على الكراهية والتمييز والعنف بسبب الدين والمعتقد.


يشار إلى أن القرار 16/18، الذي أصدرته الجمعية العام للأمم المتحدة عام 2011 بتوافق الآراء، يأتي نتاجا لمبادرة منظمة التعاون الإسلامي من أجل التواصل مع شركائها الرئيسيين داخل الأمم المتحدة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وغيرهما، بغرض صياغة نص يوجه النقاش بعيدا عن المفاهيم الخلافية واقتراح خطة عمل متوازنة وشاملة لمكافحة التحريض على الكراهية والعنف والتمييز بسبب الدين والمعتقد.