التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 11:50 م , بتوقيت القاهرة

حوار| مدير "غرفة السينما": هذه أسباب ضعف الصناعة في مصر

كتب- أحمد يوسف:

تنوعت الأسباب التي أدت لتراجع السينما في الفترة الأخيرة، ورغم أن هناك آراء شبه جازمة بأن الظروف التي تمر بها البلاد تعتبر سببا رئيسا في تراجع السينما، إلا أن هناك أسبابا أخرى، يتحدث عنها مدير غرفة صناعة السينما سيد فتحي في حواره مع "دوت مصر":

بشكل عام ما السبب في تراجع صناعة السينما في الفترة الأخيرة؟
السبب الرئيسي في رأيي هو القرصنة، والذي أطلق عليه "سرطان الصناعة"، فنحن كغرفة صناعة السينما نحاول محاربة القرصنة، لكن هناك بعض المجالات التي تعتبر خارج سيطرتنا، منها أن معظم المواقع الموجودة على الإنترنت، والتي تقوم بعرض الأفلام للتحميل بعد قرصنتها هي مواقع من خارج مصر، وقد لجأنا لشرطة المصنفات أكثر من مرة ولكن لم يحدث أي شيء، والقرصنة ليست قاصرة فقط على الإنترنت فهناك العديد من القنوات الفضائية التي تعرض الأفلام المقرصنة، فالتوزيع في مصر قائم على القنوات الحرة والقنوات المشفرة والطيران والسينما والدي في دي والإنترنت والـcaples إضافة إلى أن الـ"دي في دي" يُسرق.

ما المقصود بالـcaples وكيف يتم الاعتماد عليه كنوع من أنواع التوزيع؟

الـcaples هو وسيلة جديدة للتوزيع تتم باتفاق بين بعض سكان المجمعات السكنية "الكمباوند" على سبيل المثال مع أحد المنتجين على عرض الفيلم لهم بشكل حصري مقابل مبلغ مالي، وهو أسلوب شرعي ويمثل جانبا من إيرادات الأفلام في الفترة الأخيرة، وفي حال وجود الأفلام متاحة على القنوات الفضائية ما الذي سيدفع سكان هذه الأماكن لدفع أموال مقابل مشاهدة الفيلم بعد رفعه من دور العرض مباشرة؟.

كيف اختلف شكل القرصنة حالياً عن الماضي؟
بالتأكيد القرصنة كانت موجودة قديما، لكن اختلفت الطرق المتبعة حاليا عن الطرق القديمة، فقديما كان يقوم الموزع ببيع الفيلم لأحد المنتجين في الأردن مثلًا، ثم يبيعه المنتج الأردني لمنتج آخر في بيروت من تلقاء نفسه دون العودة للموزع الأصلي. وهذا نوع من أنواع القرصنة القديمة، وكان يتسبب في ضياع فرصة بيع الفيلم في الدولة التي عُرض فيها، لكن التطور الذي حدث في القرصنة بشكل عام هو الذي سبب التراجع في الصناعة.

هل هناك معوقات أخرى أمام تقدم صناعة السينما في مصر؟
هناك العديد من الأمور الإدارية المعقدة تسببت في تراجع الصناعة، إضافة إلى أن هناك العديد من التشريعات القانونية التي تقف أمام المبدعين، بمعنى أن هناك الكثير من الثغرات في تلك التشريعات، والتي يستغلها البعض لمصلحته الخاصة، فنحن بحاجة إلى إعادة تشريع للقوانين، حتى لا تصبح مطاطة ومليئة بالثغرات.

من بين هذه التعقيدات مثلا طرق التعامل مع الشهر العقاري، فعندما يريد أحد الأشخاص تسجيل فكرة فيلم أو مسلسل يسجلها على هيئة فكرة لا تتعدى الثلاث سطور، ما يؤدي إلى وقوع العديد من الاتهامات بالتشابه بين الأفكار، بينما لم يلجأ القدماء للشهر العقاري عند تسجيل السنياريوهات، وكانت تُنفذ بطريقة ودية، وفي كل الأحوال ليست الطريقة الودية صحيحة، ولا تسجيل الأفكار فقط حلا مجديًا، لابد من وجود حل آخر مناسب.

كيف ترى دور هيئة االرقابة على المصنفات الفنية في مواجهة هذه العقبات؟
هيئة الرقابة نفسها تساعد في تعطيل الصناعة بشكل مختلف، على سبيل المثال عندما يقوم أحد صناع السينما بعرض السيناريو على المسؤول، فإن المهلة القانونية لإصدار الحكم 30 يوما، تقول بعده إن كان الفيلم مرفوضا أو مقبولا، لكن للأسف الرقابة عادة ما تنتظر حتى قبيل انتهاء المدة بيوم أو يومين ثم تصدر حكمها فترفضه وينتهي الأمر أو تقبله فيكتشف المخرج أو المؤلف أن وقتا طويلا قد مر وتسبب ذلك في تعطيل السيناريو، ما يجعل الراغبين في صناعة السينما في الخارج يتفادون الأمر برمته، أنا مثلا لو واحد جاي من بره وعايز أصور تعامد الشمس على تمثال رمسيس، وبعت السيناريو عشان أصور الشهر ده وجالي الرد بعد شهر.. طب ده اسمه كلام؟ أنا ايه اللي هيجبني تاني؟.

يكثر الحديث عن دور النقابات الفنية وكونها أحد معطلات الصناعة.. كيف ترى الأمر؟
تعتبر النقابات من أسباب معوقات صناعة السينما، فهي تفرض رسما قانونيا على الراغبين في الصناعة، لكن في الواقع هناك رسوم أخرى يتم تحصيلها قد يصل بعضها إلى 20 ألف دولار، ما يسهم في إعاقة صناعة السينما وإبعاد الراغبين في ذلك.

ماذا عن تصريحات التصوير في الشوارع أو الأماكن الأثرية؟
التصريحات للتصوير في الشوارع والأماكن الأثرية أو المطارات تأخذ وقتا كبيرا جدا حتى يتم استخراجها إضافة إلى المبالغ الكبيرة التي تُدفع عن كل ساعة تصوير في كل شارع فهي تمثل أيضا معوقا كبيرا. أنا لو عايز مثلا أصور في الهرم محتاج أقدم على التصريح قبل الهنا بسنة، وبعدين أدفع بالساعة، طب إفرض إني عايز أصور 5 أيام مثلا هادفع فيهم كام؟ وايه اللي هيخليني أفكر أصور في الهرم تاني؟.

ما الخسائر التي يتسبب فيها هذا التعطيل؟
نخسر مصادر كبيرة جدا من مصادر الدخل القومي، فعندما يأتي أحد النجوم العالميين إلى مصر من أجل تصوير فيلم فهو يساهم في تحسين صورة مصر أمام العالم، إضافة إلى الترويج للسياحة في مصر عن طريق ذلك الفيلم، وأيضا نخسر نقل الخبرات الفنية العالمية للعاملين في السينما المصرية، فعندما يأتي طاقم التصوير من الخارج لا يأتي كاملا، فهو يحتاج إلى الاعتماد على بعض العاملين في صناعة السينما من المصريين ما يساعد على نقل المهرات والخبرات. 

ما البديل الذي يلجأ إليه صناع السينما في حال فشل التصوير في مصر؟
زمان كانوا بيصوروا في سوريا لكن بعد الظروف السياسية الحالية، أصبحوا يلجأون للتصوير في المغرب والأردن، لأن هذه البلدان توفر ما لا تستطيع مصر توفيره لهم أثناء التصوير.

ما التسهيلات التي تقدمها تلك الدول أثناء التصوير؟
التصوير في المغرب يتم تحت إشراف خاص من العاهل المغربي الملك محمد السادس شخصيا، فهو يوصي بتوفير كل التسهيلات لأي حد جاي من بره وعايز يصور لدرجة إنه لو في حد عايز يستعين بخيول مثلا يتم توفيرها مجانا وكذلك أماكن التصوير وتسخيلات في الدخول والخروج وتخفيض في أسعار التذاكر والإقامة، فهم يتعاملون مع من يقوم بالتصوير في بلدهم كأنه بيعملهم "جِميلة"، إنما احنا هنا بنطلع عين اللي جاي من بره.


هل ترى أنه من الممكن أن يكون احتكار موزعي السينما لدور العرض أحد أسباب تراجع الصناعة في مصر؟
على العكس تماما، ففكرة الاحتكار في السينما وهمية، والدليل على ذلك أن أكثر المنتجين في مصر إنتاجا للأفلام هم "السبكية"، ولا يملكون دور عرض وأنا في جميع الأحوال لا أملك أن أذهب لأحد المنتجين وأخبره أنه لا يستطيع شراء دور عرض لأن السوق عرض وطلب، وطالما واحد معاه بضاعة لازم يدور على منفذ لتسويق بضاعته وده حقه مش عيب طالما أنه لا يمتنع عن عرض أفلام صناع السينما التي تستحق العرض.

ما دور غرفة صناعة السينما لمواجهة كل تلك المعوقات؟

تقوم الغرفة بعمل العديد من الاجتماعات الدورية للحد من القرصنة وسرقة الأفلام، كما تقدمت الغرفة بأكثر من شكوى لمباحث المصنفات الفنية، ونحاول بشتي الطرق السعي وراء استعادة هذه الصناعة لمكانتها القديمة واستغلالها في الترويج للبلد وسياحتها وإنعاش اقتصادها كما يحدث في معظم دول العالم، الولايات المتحدة الأمريكية مثلا تعتبر صناعة السينما أحد أهم أسلحتها الاقتصادية، فلم لا نهتم بهذه الصناعة التي هي أحد أهم الصناعات في العالم كله.