التوقيت الجمعة، 10 مايو 2024
التوقيت 01:23 م , بتوقيت القاهرة

أين نحن من الأزمة السورية؟

احتلت سوريا بؤرة الاهتمام الدبلوماسي العالمي خلال الأسابيع الأخيرة، حيث شهدنا لقاءً ثلاثيا تم في العاصمة القطرية الدوحة بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وجون كيري وزير الخارجية الأمريكي وعادل الجبير وزير خارجية المملكة السعودية، خصص لمناقشة الأوضاع في سوريا، وأعقب ذلك زيارة وزير الخارجية السعودي إلى موسكو ثم زيارة لوزير الخارجية الإيراني للعاصمة الروسية للتباحث بخصوص الشأن السوري.


كذلك شهدت مدينة جدة السعودية اجتماعا فريدا بين ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان واللواء علي المملوك رئيس مكتب الأمن القومي السوري. كذلك شهدت العاصمة العمانية مسقط لقاء بين وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومسؤوليين عمانيين بشأن الحل السلمي للأزمة السورية.



هذه التحركات الدبلوماسية ارتبطت بطرح مبادرات مختلفة لتسوية الأزمة السورية. فروسيا أعلنت منذ يونيو الماضي وعلى لسان رئيسها فلاديمير بوتين عن مبادرة تعطي الأولوية الحرب على تنظيم داعش والمنظمات الإرهابية الناشطة في سوريا، بدلا من المساعي لإسقاط الرئيس السوري، وتستهدف المبادرة إنشاء تحالف إقليمي واسع لمحاربة تنظيم "داعش" في الشرق الأوسط، بمشاركة سوريا وتركيا والأردن والسعودية. وأشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أنه خلاف لتنظيم الدولة الإسلامية "لا يهدد بشار الأسد أي بلد مجاور"، داعيا "الجميع إلى المقارنة بين حجم هذه التهديدات".


وأكد لافروف على رفض بلاده اشتراط خروج الأسد أو تنحيته كحل للأزمة السورية، وأن السوريين وحدهم من يقررون مصير دولتهم. وأضاف أن روسيا متمسكة بتنفيذ مبادئ مؤتمر جنيف1، التي أعلنت في 30 يونيو 2012، والتي تنص أن حل الأزمة في سوريا لا يمكن إلا بالمفاوضات المباشرة بين الحكومة السورية والمعارضة التي تمثل كافة أطياف ومكونات الشعب السوري، وأن أي حل يجب أن يتم على أساس التوافق المتبادل بين الحكومة ومعارضيها.


المملكة العربية السعودية طرحت هي الأخرى مبادرة تتضمن انسحاب القوات الإيرانية واللبنانية والأفغانية والعراقية وغيرها من القوات الأجنبية، التي تتواجد في سوريا وعودتها إلى بلادها، ثم إجراء انتخابات في سوريا تشرف عليها الأمم المتحدة. 


 ولكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد على رفض السعودية التعاون مع الرئيس السوري. وقال "نحن نعتقد أن بشار الأسد جزء من المشكلة وليس جزءا من الحل، ونعتقد أن أحد الأسباب الرئيسية في نمو داعش في سوريا هو بشار الاسد ".


وأشار إلى أن موقف المملكة يقوم على حل سلمي بموجب إعلان جنيف-1، وأن لا دور للأسد في مستقبل سوريا، ولكنّه أكد على "اهمية الحفاظ على المؤسسات الحكومية والعسكرية للحفاظ على سوريا ما بعد الاسد"


وتقدمت إيران مبادرة من أربع نقاط من أجل حل سياسي في سوريا، تضمنت الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، وإعادة تعديل الدستور السوري بما يضمن حقوق الأقليات، و إجراء انتخابات بإشراف مراقبين دوليين.


أمّا الولايات المتحدة فأكدت على التزامها بالبحث عن حلول سياسية للأزمة السورية، وذكر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري"، نؤمن أن نظام الأسد فقد شرعيته بسبب وحشية النظام التي اجتذبت المقاتلين الأجانب"، وأضاف: "لأنه لا يوجد حل عسكري - للأزمة السورية - فلا بدّ من وجود حل سياسي"، وقال "ملتزمون بدعم المعارضة المعتدلة".


واتفقت تركيا والولايات المتحدة على إنشاء منطقة عازلة داخل شمال سوريا مقابل السماح للطائرات الأمريكية باستخدام قواعد عسكرية تركية لضرب تنظيم "الدولة الإسلامية". وستمتد هذه المنطقة لمسافة 90 كيلومترا، وسوف تستخدم لتدريب المعارضة السورية.


ويبقى السؤال: أين نحن فى مصر من هذه التحركات والمبادرات؟


هل نتفق مع أي منها؟ هل يمكن أن يكون لمصر تحركها الخاص ومبادرتها الذاتية بشأن سوريا؟ هل يمكن أن نقوم بتحرك مشترك أو طرح مبادرة مشتركة مع دول عربية مثل السعودية؟ أو نتبنى معها مبادرة عربية من خلال جامعة الدولة العربية؟


سوريا كانت شريك الوحدة مع مصر في 1958، و شريك الحرب في أكتوبر 1973، وهى أحد مفاتيح البوابة الشرقية للأمن القومي المصري.


مصر مؤهلة للعب دور أساسي في تسوية الأزمة السورية بحكم علاقتها الطيبة بالعديد من أطراف الأزمة، وبحكم ارتباط الأوضاع في سوريا بالأمن القومي المصري والأمن القومي العربي، وعلى الدبلوماسية المصرية أن تنتهز الأجواء الدولية الحالية وتقوم بطرح رؤيتها ومبادرتها للحفاظ على الدولة السورية، وتسوية أزمتها بشكل سلمي.