التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 07:15 م , بتوقيت القاهرة

الرمى بالخناجر لعبة الموت في السيرك.. محمود يحاوط ابنته بالحب والسكين

جانب من العرض
جانب من العرض

يبلغ من العمر 49 عامًا قضى منها 44 داخل حلبة السيرك القومى الـ"منيش" في طفولته كان أصغر لاعب في السيرك وفى صباه كان أقوى شاب وبعد مرور العمر أصبح أخطر لاعب في السيرك القومى،  ترى من هذا الرجل وما هى الفقرة التى يقدمها ؟

في تمام الساعة العاشرة والنصف تجده داخل كواليس الـ"المنيش" خلف الستارة الحمراء؛ يتفقد أدواته يقف عند كل منهم بضع ثوانى يتمتم بشفاه ثم يرفع رأسه في قُبلة للسماء ونظرة من عينين راجين الله في أمنية، ثم ينتظر مجيء ابنته ليقفا سويا يقرءا بعٍض من آيات القرآن الكريم ليكتسبا الثقة، إلى أن تسمع صوت مذياع السيرك القومى يقول "الآن حان وقت الإثارة وفقرة الرمى بالخناجر مع اللاعب محمود أبو العنين و روح" حينها تكاد أن تسمع دقات قلبهما وتقرأ تمتمت شفتهما بالشهادة ثم تفتح الستارة ليدخلان الـ"منيش" بخطى ثابتة وابتسامة تملؤها الثقة.

 

الخطير في الأمر أنها ليست فقرة عادية للاعب رمى السكاكين، إنه أب يصوب خناجره تجاه ابنته كل ليلة؛ كيف لقلبه أن يفعل ذلك؟ يقول "محمود" لـ"اليوم السابع" : ابنتى هى الحياة بالنسبة لى هى الصديقة الزميلة وكل شيء "روح هى روحى" لم يكن اختيارى لها بالأمر السهل ولكن حبها لى وإلحاحها لتشاركنى منذ صغيرها جعلنى أوافق على أن تكون هى بطلة فقرتى،  تدربت كثيرًا  كى أستطيع أن أرى ابنتى تقف أمامى لأصوب عليها وتعلمت أن القوة والثقة والثبات هما أساس اللعبة فجعلتها تكتسب هذه الصفات بكل قوتى، وتابع" لو خفت على بنتى عورتها أو لقدر الله موتها ما ينفعش أكون مهزوز أو ضعيف خصوصًا داخل المنيش" .

 

للعيون كلمات تنطق، تقول "روح": إذا نظرتِ إلينا أثناء العرض تجدى عينى في عين أبى لا تبتعد عنه أبدًا، حديثنا بالنظرات عينيه تعطنى الثقة والأمان،" عمرى ما خفت وأنا مع بابا لما بشوفوا بيرمى الخنجر عليا بكون عارفه أنه استحالة يجى فيا" كلمات بسيطة قالتها "روح" لـ"اليوم السابع" تؤكد مدى ثقتها وحبها لأبيها وتتابع: محمود أبو العنين في حياته الطبيعية إنسان طيب وأب حنون، علاقتى به ليست كمجرد أب وابنته ولكن" أنا سره وبنته وصحبته " .

وتكمل حديثها: أول مرة وقفت أمام أبى داخل الـ"منيش" كنت في الصف الثالث الاعدادى والآن سنى 27 عامًا حصلت فيهم على ليسانس الحقوق والماجستير في القانون العام، ومازالت متعتى في الحياة أنى أكون مع والدى في فقرته كل ليلة، لحظة دخولى مسرح السيرك لها رهبة كبيرة نظرات الجماهير تهز مشاعرى وخاصة بعد تقديم أخطر جزء في الفقرة وهو التابلوه المتحرك، حينها تصفيق الجمهور ونظراتهم المختلطة ما بين الخوف و الإعجاب لا توصف، أعشق فرحتهم بنا ونحن نختم فقرتنا ونحي جمهورنا" طعم النجاح حلو قوى وخاصة لما يكون مع أبى حضن الأمان بالنسبة لى"

 

لم يدخل "محمود أبو العنين " السيرك القومى صدفة ولكن والده كان من مؤسسي بداياته فكان أول فنى مسئول عن الصوت والإضاءة داخل السيرك، في إحدى زياراته رآه "محمد الحلو" أيقونة السيرك في ذلك الوقت؛ واختاره ليكون أحد اللاعبين في فقرته وكان وقتها لا يتعدى الخمس سنوات ولقب بأصغر لاعب في السيرك، عشق الطفل حلبة السيرك وتصفيق الجمهور فتدرج في ألعابه وتمكن منها حتى وصل إلى لعبة من أخطر الألعاب " الرمى بالخناجر".

 

لكل منا علاقة قوية مع أدواته التى يعمل بها تطوع له كما يريد، يقول "محمود" عن علاقته بأدواته: أحبها جدًا بنى وبينها أسرار كثيرة ممنوع لأى أحد لمسها أظل ساعات طويلة أنظف خناجيرى وسكاكينى وألمعها جيدًا صندوقها مغلق بقفل ومفتاحه مع ابنتى "روح"، عندما أمسك بها أثناء العرض أشعر أنها تعرف مكانها وتذهب إليه في كل مرة أصوب فيها سواء كنت معصوب العينين أو لا.

 

يقول "أبو العينين" عن عشقه للسيرك  هو" الحياة، العيلة، الكيان، هو الورث بتاعنا، كل لاعبى السيرك القومى عيله كبيرة جوه حلقة أكبر، عشرة السنين جعلت بنا ترابط وحب عظيم لا يمكن أن يفصلنا أحد في يوم من الأيام، فالداخل بينا مفقود، نقف بجوار بعضنا في الأحزان قبل الأفراح كلنا يد واحدة".

 

ويتابع: السيرك القومى يمر بأزمة عدم الاهتمام سواء في الإمكانيات أو اللاعبين،  نحن نتلقى الاهتمام خارج مصر وليس هذا فقط بل الإغراءات أيضًا، ولكن حبنا هذا الحلقة يجعلنا نرفض تلك العروض التى تجعلنا من الأثرياء، البعض استسلم وهاجر للسيرك العالمى خارج مصر ولكن الـ"سيركوية" الأصلين متمسكين بالسيرك القومى المصرى .

ولـ"محمود أبو العنين " أمنية واحدة لا تختلف عن أمنيات كافة لاعبي السيرك، أن يصل السيرك القومى المصرى للعالمية كما كان في الماضى، وأن يحظى لاعبيه بكافة الاهتمام من الدولة فإنهم  فنانون ومبدعون ومتفردون .