التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 04:04 ص , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (17)

لما رحت أشتري جهاز فيديو  لـ أول مرة في حياتي، أشتريت معاه نسخة من فيلم "اللص والكلاب"، كـ اختيار أول بـ النسبة لي. الحقيقة الفيلم هو فيلمي المفضل، مش لأنه الأعظم ولا الأحسن ولا الأكبر، ولا لـ أن التمثيل فيه ما حصلش، ولا الإخراج ولا، ولا، ولا. لكن عند كل واحد مننا فيلم يحس إن الفيلم ده اتعمل علشانه هو، وكتير بـ يكون ده من غير أسباب واضحة.


علشان كده، تقريبا في كل مكان اشتغلت فيه كتبت عن الفيلم ده من زاوية ما، وأعتقد إنه سلسلة "ألف مشهد ومشهد"، فرصة أكتب مرة عن الفيلم اللي حافظ حواره جملة جملة.


الفيلم متاخد عن رواية لـ "نجيب محفوظ" بـ نفس العنوان، والرواية معمولة على قصة حقيقية، انشغل بيها الرأي العام المصري أواخر الخمسينات وأوائل الستينات، وكانت مادة الجرايد كل يوم لـ فترة طويلة مليانة تفاصيل، وكان آخر فصل فيها يوم 10 أبريل سنة 1960.


القصة عن واحد هجام شقق اسمه "محمود سليمان"، طبعا لو كان الموضوع خاص بـ إنه هجام شقق يمكن محدش كان اهتم، بس موضوع الهجام ده تطور، وبقت له أبعاد درامية، يمكن أكتر من اللي اتكتب في الرواية واتمثل في الفيلم.


سليمان كان حرامي صحيح، بس برنس في نفسه كده، بـ يقرا ومثقف ويلبس كويس وواضح إنه كانت عنده ميول أدبية، وهواية الكتابة، فـ مكنش يدي على حرامي إطلاقا، ويمكن هو ده اللي خلى الفيش والتشبيه بتاعه نضيف من أي سوابق، ويقدر يعيش حياة عادية لـ مواطن عادي، لـ حد ما اتعرف على "بطة".


بطة دي الست اللي اتجوزها، ومن ساعة ما ده حصل، والدنيا عنده باظت: أول هام بطة كان ليها أخ أصغر، سليمان قال يعمل فيه معروف، ويعلمه صنعة شريفة ياكل منها عيش، فـ كان بـ يعلمه السرقة، وياخده معاه في طلعاته على الشقق.


واضح إن الأخ ده ما فهمش الرسالة اللي ورا المهنة، وتعامل بـ شيء من التقليدية، يعني بـ ما إننا حرامية وكده، إيه المشكلة في إننا نصاحب عيال شمال، ونبقى سرسجية كده، ونـ دي لـ بعض سجاير، ونشرب منكر، ونجيب نسوان، ونلعب ميسر، ونعمل الحاجات اللي تغضب ربنا؟


الخلاف الفلسفي ده خلى سليمان يبعد أخو بطة ده عن حياته، على اعتبار إنه منحل ومنحرف، وما ينفعش يعيش معاه في بيت طاهر وهـ يفضل طول عمره طاهر، وطرده شر طردة.


الواد حب ينتقم، فـ راح مبلغ عن جوز أخته، فـ قفشوه، وطبعا جت رجل الواد نفسه، فـ اتقبض عليهم.


لـ حد هنا عادي خالص، اللي مش عادي إن الولية بدال ما تصون الراجل اللي "قناها"، راحت لافت على المحامي اللي ماسك له القضية، وقامت بينهم علاقة غير شرعية، فـ المحامي فضل يأجل فـ القضية، ويسوح صاحبنا، لـ حد ما فهم الفولة.


(بـ المناسبة أحمد فؤاد نجم في مذكراته اتكلم عن إنه زامل محمود سليمان شوية في السجن، أيام ما كان نجم لسه مسجون جنائي، وواخد جايزة أحسن سجين، وحاجات كده).


في الآخر المحكمة حكمت بـ مدة سجن، مكنتش كبيرة، وكان سليمان قضى معظمها، فـ خرج من السجن، بعد ما قضى مدته، وقرر إنه ينتقم من الخاينة وصاحبها، ويقتلهم الاتنين، بس لما راح ينفذ فشل، فـ راحوا قافشينه تاني، ودخل السجن تاني.


خلصت القصة كده؟


لا، لسه القصة فيها تفاصيل وأسماء لطيفة ونوادر، نكملها الحلقة الجاية، وبعديها ندخل على تحويلها لـ رواية، ثم فيلم.