التوقيت الأحد، 05 مايو 2024
التوقيت 05:28 م , بتوقيت القاهرة

صور|"نوسة دوكو".. "صعيدية" بـ100 راجل

بالرغم من أن مهنة دهان وطلاء السيارات  من الحرف التي لا يمتهنها سوى الرجال إلا أن الأسطى "نوسة" كسرت القاعدة مع كل القيود التي يفرضها عليها المجتمع الصعيدي الذي تعيش فيه، ومارست تلك الحرفة بمهنية عالية وتخطت كل الصعاب بالرغم من "كلام الناس".



الأسطى "نوسة دوكو"، سيدة صعيدية أصيلة تعد أكبر مثال حي للمرأة المصرية العاملة، إذ تعد أشهر "صنايعية دوكو"، في قرية الدير التابعة لمركز إسنا جنوب الأقصر.



اسمها الحقيقي "أمينة جابر معوض"، وتشتهر باسم الأسطى "نوسة الديب أو نوسة دوكو"، وتمارس حرفتها البسيطة في دوكو السيارات ودهنها وتصليحها، منذ ما يقرب من 4 سنوات من عمرها الذي لم يتجاوز  44 عاما، لم تلتفت لكلام الناس بشأن مزاولتها لتلك المهنة :"اللي هيبص على كلام الناس عمره ما هيفلح ".



كان لزوجها دور كبير في تعليمها أصول هذه الحرفة حيث دفعها إصابة زوجها "حسن بدوي حسن", 54 عام, بمرض التليف الكبدي منذ أربعة سنوات وكان يعمل في المهنة نفسها ولكنه لم يستطيع مواصلة العمل في ورشته للدوكو بسبب الجهد التي يتطلبه العمل الأمر الذي دفعها إلي الخروج معه إلي العمل وتعلم أصول المهنة وفنونها حتى تساعده في عمله الشاق وأصبحت تعمل بالورشة في الصباح وفي أوقات الفراغ من العمل تحاول أن تنجز بعض الأعمال المنزلية.



وبالرغم من مصاعب المهنة في بدايتها وعدم تقبل المجتمع المحيط بـ "نوسة" لفكرة أن تقوم سيدة بمثل هذا العمل وعدم ثقتهم الشديدة في أن تقدم لهم "نوسة" جودة مثل التي كان يقدمها زوجها الأمر الذي أدى إلى قلة عدد زبائن الورشة وأصبح دخلهم الشهري لا يزيد عن 900 جنيه كما أصبح لا يأتي للورشة أكثر من 3 سيارات شهريا بعدما كان يصلح زوجها حوالي 12 سيارة شهريا.



بدأت العمل بالورشة الموجودة بمنزلهم المتواضع تحت إشراف زوجها، وبمرور الوقت أثبتت نوسة كفاءتها في فن "الدوكو"، ووصلت مهارتها فيه إلى الحد الذي جعل الزبائن تطلبها باسمها ويبحثون عنها.



"دوت مصر" انتقل إلى قرية الدير للقاء الأسطى نوسة بمنزلها الكائن بقرية الدير على الطريق السريع والتعرف على حياتها عن قرب.



قالت "أمينة"، الشهيرة بنوسة :"تعلمت هذه الحرفة الصعبة لأساعد زوجي في عمله بورشة الدوكو الخاصة به، ومع الوقت تعلمت المهنة تدريجيا لمواجهة الظروف القاسية خاصة وأن زوجي يعاني من أمراض عديدة منها تليف الكبد والصفراء والدوالي، وتبلغ تكلفة علاجه 800 جنيه في الشهر، على الرغم من أن مرتبه 208 جنيه".



وأضافت :"بدأت العمل منذ 4 سنوات عندما وجدت معاناة زوجي مع المرض وعدم قدرته على توفير العمالة التي تساعده في الورشة، فأقنعته بتقديم المساعدة إلا أنه رفض الموضوع بشدة في البداية، خوفا عليها لخطورة المهنة على حياتها، إلا أنه مع مرور الوقت، أسند لها عددا من الأعمال، فأنجزتها بجدارة وهو ما أقنعه بالسماح لها بالعمل في الورشة".



"دايما بيشجعني ويقولي الله ينور يا أسطي"، هكذا عبرت "نوسة" عن مساندة ودعم زوجها لها، مشيرةإلى أنها تنتظر عودته يوميا ليعاين السيارة التي تنتهي من العمل بها، قبل أن يأتي الزبون لاستلام سيارته".


وأوضحت :"بعد أن يأتي أتفرغ لعمل البيت وتربية بعض الطيور بحظيرة المنزل كي تساعدنا في المصاريف الشهرية وأيضا لإطعام العائلة نوعا من اللحوم ولو مرتان في الشهر".



وتابعت أن :"لديها ثلاثة أبناء في مختلف المراحل التعليمية، هم "حسام"، 17 سنة، الابن الأكبر في الصف الثالث الإعدادي الأزهري، و"دنيا"، 15 سنة، في الصف الثالث الإعدادي الأزهري، وابنها الأصغر "بسام"، 14 سنة، في الصف الأول الإعدادي الأزهري ويعاني من مرض تليف الكبد أيضا".



ويقول زوجها حسن : "لم أخش نظرات المجتمع"، و "الست اللي مبتعملش حاجة غلط ميهمهاش حد".


ويضيف :"إحنا مش بنمد إيدينا لحد وفخور جدا بزوجتي التي تغلبت على الرجال في عملهم"، مشيرا إلى أنه كان في البداية خائفا عليها نظرا لخطورة المهنة، ولكن مع ضيق الحياة وعدم وجود من يساعده وافق على مرافقتها لها في العمل.


 


ابنتها "دينا" قالت :"أنا أتمنى أن أدخل كلية الطب وأتخصص في علاج أمراض الكبد التي أصابت والدي وشقيقي الأصغر عشان انا اتكويت بسبب مرضهم وهفضل أذاكر ليل ونهار عشان أحقق الحلم".


وفي ختام اللقاء، ناشدت "نوسة دوكو"، الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يساعدها في امتلاك "فرن دوكو"، في ورشتها الصغيرة، كي يتم إنجاز العمل بشكل أسرع.