التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 01:04 ص , بتوقيت القاهرة

المشروع النووي المصري.. "كلاكيت 11 مرة"

لحاقا بركب الدول النووية، وتوفيرا لاحتياجاتها من الطاقة، في ظل نقص الوقود والمحروقات، وقع الرئيسان، المصري عبدالفتاح السيسي، والروسي فلاديمير بوتين، اتفاقية لإقامة محطة نووية في منطقة "الضبعة" المصرية، ليعود الحديث عن مشروع ينتظر البدء فيه منذ 54 عاما، وبعد 10 محاولات باءت جميعها بالفاشل.


الأولى
بعد إنشاء مؤسسة الطاقة الذرية في عام 1957م، واشتراك مصر كعضو مؤسس بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، وحصولها في العام نفسه على معمل للنظائر المشعة من الدنمارك، جاء عام 1961م ليشهد توقيع اتفاق تعاون نووي مع المعهد النرويجي للطاقة الذرية، وبدأ تشغيل المفاعل النووي البحثي الأول، بعد افتتاح جمال عبدالناصر له في أنشاص بمحافظة الشرقية.



المفاعل النووي المجمع متعدد الأغراض، بني وأُسس هندسيا بواسطة شركة “INVAP”، في أنشاص، على بعد 60 كيلومتر من القاهرة، ويعمل المفاعل بالماء الخفيف، وقد أوقف العمل به للأبحاث العلمية النووية عام 1986م بعد حادثة انفجار مفاعل "تشرنوبل”.


الثانية
أما عام 1964م، فطرحت مصر مناقصة لتوريد محطة نووية لتوليد الكهرباء، في منطقة سيدي كرير بقدرة 150 ميجاوات، وتحلية المياه بمعدل 20 ألف متر مكعب في اليوم، بتكلفة تقدر وقتها بـ 30 مليون دولار، إلا أن حرب1967، أدت لوقف التنفيذ.


الطموحات النووية المصرية تم تجاهلها تماما بعد نكسة 1967، ووقعت مصر على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية “NPT” في عام 1968، لكن تأخر التصديق عليها لمدة عام، ربما لأن الحكومة لديها أدلة على أن إسرائيل قد شرعت في بداية برنامجها لتصنيع أسلحة نووية، بحسب الخبراء.



فترة توقف
وفي وقت لاحق، فقدت مصر الكثير من الخبراء النوويين الذين اضطروا للسفر إلى خارج البلاد للبحث عن فرص عمل، حيث هاجر بعضهم إلى كندا والبعض الآخر إلي العراق للمشاركة في البرنامج النووي العراقي، فيما كانت من ضمن المعوقات على طريق مشروعٍ نووي مصري، حوادث الاغتيالات "الغامضة"، التي حدثت خارج مصر لـ4 من أنبغ علمائها في مجال العلوم الذرية، وهم الدكتور يحيى المشد، والدكتورة سميرة موسى، والدكتور سمير نجيب، وأخيرا الدكتور نبيل القليني، الذي اختفى في براغ بتشيكوسلوفاكيا، بعد تلقيه مكالمة هاتفية، خرج على إثرها من شقته عام 1975، ولم يعد إلى الآن.



الثالثة
وفي عهد الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات، وتحديدا في عام 1975م، وافقت الولايات المتحدة من حيث المبدأ على برنامج لتزويد مصر بمفاعلات الطاقة، وجرى الاتفاق مع الرئيس الأمريكي (آنذاك)، ريتشارد نيكسون، على إنشاء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء قدرته 600 ميجاوات، وتم توقيع اتفاقيات التعاون اللازمة، وكانت الخطة الموضوعة تخضع لاتفاق الضمانات الثلاثية التي وقعتها الولايات المتحدة، والوكالة الدولية للطاقة الذرية "IAEA"، ومصر.


غير أن المشروع لم يكتمل بعد قيام الولايات المتحدة، ومن جانب واحد، بمراجعة الاتفاقات الثنائية، وأضافت شرط في عهد الرئيس جيمي كارتر، بالتفتيش الأمريكي على المنشآت النووية المصرية، ومن ثم أوقف المشروع في ظروف غامضة. 


الرابعة
وقبل اغتياله في عام 1981، أصدر السادات قرارا جمهوريا بتخصيص منطقة صحراوية في مدينة الضبعة، التابعة لمحافظة مرسى مطروح، وتمتد بطول 15 كيلو متر على ساحل البحر المتوسط بعمق 3 كيلو متر، لتكون موقعا لإقامة محطة للطاقة النووية في مصر، وذلك لاستخدامها في توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر، لكنها بعد ذلك نسيت في الأدراج. 



الخامسة
وفي عام 1983م، طرحت مصر مناقصة لإنشاء محطة نووية لتوليد الكهرباء، وكان التبرير الوحيد للرئيس المصري (حينذاك)، محمد حسني مبارك، لتوقف هذا المشروع، هو خوفه من حدوث انفجار بالمفاعل مثلما حدث بمحطة "تشرنوبل" بالإتحاد السوفيتي وقتها، حيث قال إنه لابد من الكشف الأمني على المفاعل مرة أخرى، وإجراء بعض الاختبارات، حتى يطمئن الجميع من عدم تسريب أي إشعاع.



السادسة
وفي أوائل عام 1992، تم التوصل إلى اتفاق مع الأرجنتين لتقديم أكثر من مفاعل بقدرة 22 ميجاوات لمصر، وذلك بعد عامين من عضوية القاهرة في المنظمة العربية لهندسة الطاقة، التي تضم نحو 11 دولة، إلى جانب اتفاقيات ثنائية في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية مع ألمانيا والولايات المتحدة وروسيا والهند والصين، واتفاقات أخرى مع بريطانيا والهند لتقديم المساعدة في تدريب كوادر وطنية للبحث العلمي والعمل على المشاريع النووية للبلاد، ولكن بلا جدوى.


السابعة
وفيما واصلت مصر مبادرتها لمنع انتشار النووي في المنطقة، ومن بينها استضافتها في أبريل/ نيسان 1996، مؤتمرا لتوقيع إعلان بشأن جعل أفريقيا منطقة خالية من السلاح النووي، أعلن مبارك عام 2002 نيته فى إنشاء محطة للطاقة النووية السلمية، خلال 8 أعوام، بالتعاون مع كوريا الجنوبية والصين، لكن هذا الإعلان لم تتبعه خطوة فعلية على الأرض طيلة هذه الأعوام.


الثامنة
وفي عام 2007، أعلن حسني مبارك خططا لإعادة إطلاق برنامج مدني للطاقة النووية في مصر، مع بناء 4 محطات للطاقة النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل أن يعلن في 25 أغسطس/ آب عام 2010 موافقة  الوكالة على موقع "الضبعة" بمحافظة مرسى مطروح على ساحل البحر المتوسط، ??كموقع مقبول لبناء أول محطة للطاقة النووية، ولكن مع قيام الثورة المصرية في 25 يناير/ كانون الثاني عام 2011، وإسقاط مبارك، وضعت هذه الخطط على قائمة الانتظار.



التاسعة
عام 2012، وبعد توليه رئاسة الجمهورية بأشهر قليلة، قام الرئيس المصري (وقتذاك)، محمد مرسي، بزيارة محافظة مرسى مطروح، وأمر وقتها بإقامة المحطة النووية على أرض الضبعة، ووعد بتعويض أهالي المنطقة عن الأرض التى لم يحصلوا على مقابل عادل عنها، الأمر الذي لم يكن كافيا لإقناع الأهالي، فنظموا تظاهرات عدة تطالب برفض المشروع، مما أدى إلى توقف المشروع مرة أخرى.



العاشرة
وبعد عزل مرسي عقب ثورة 30 يونيو/ حزيران عام 2013، وتحديدا في 5 أكتوبر/ تشرين الأول، أعلن الرئيس المؤقت، عدلي منصور، عن تدشين مشروع قومي لإنشاء محطة نووية لتوليد الطاقة الكهربائية بالضبعة، وتسلمت القوات المسلحة المصرية الموقع، بغية إعادة تأهيل البنية التحتية والأساسية، من منشآت إدارية وسكنية ومرافق، وكذلك منشآت تأمين الموقع، وأبراج المراقبة والطرق الداخلية، لكن أي تقدم لم يحدث، أو يعلن عنه.



الحادية عشرة
وبعد تنصيبه رئيسا للبلاد، قرر الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، البدء في إنشاء المحطة النووية، وأعلن أن منطقة الضبعة هي المكان الأنسب لإقامة المشروع، قبل أن يوقع مع نظيره الروسي، فلاديمير بوتن، اتفاقية لإقامة محطة نووية بالضبعة لتوليد الكهرباء، في محاولة جديدة لإحياء الحلم.