التوقيت الخميس، 09 مايو 2024
التوقيت 01:35 ص , بتوقيت القاهرة

مثلث ماسبيرو.. "من بره هالله هالله.. ومن جوه يعلم الله"

من داخل إحدى الغرف القديمة في منطقة مثلث ماسبيرو، يظهر جليا أهم المباني بمنطقة وسط البلد، على كورنيش النيل، حيث مبني الإذاعة والتيلفزيون ووزارة الخارجية وعدد من الفنادق الكبري، مثل سميراميس والنايل سيتي والكونراد، وغيرها من المنشآت الهامة، لتخفي ارتفاعاتها المباني الصغيرة والمتهشمة، بداخل المثلث، ورملة بولاق.


وتعود نشأة المنطقة لأكثر من مائة عام، لسكان بسطاء توارثوها عن أجدادهم، وشاهدوا تطور المنطقة من حولهم، وتغير ملامحها، ولكنهم لم يتغيروا، حتى أصبحت منازلهم خطرا عليهم قبل غيرهم، ولا تتماشى مع التطور الحضاري لمن حولهم، وأصبح التطوير أمرا حتميا.


الروايات المتداولة بين الأهالي حول نشأة المنطقة، أنها كانت عبارة عن أراضي وقف، من الأمير شركس وأخيه الأمير حلمي، منحوها لخدمهم ليسكنوا بها، في عصر محمد علي باشا، ولا تزال شوارع المنطقة تحمل نفس أسماءهم حتى الآن.


وبحسب رواية الأهالى، فإن ورثة الأمراء باعوا هذه الأراضي لشركات سعودية وكويتية وشركة ماسبيرو، حيث تملك الأخيرة أكبر حصة، منذ سنوات طويلة، دون إخطار للأهالي المتواجدين على الأرض.


هذه الرواية لم يختلف معها كثيرا أستاذ الآثار الإسلامية والمستشار السابق للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور مختار الكسباني، قائلا: "هذه الأرض كان بها بعض الحامية العسكرية العثمانية لتأمين المنشآت الحكومية، وملك الأسرة الحاكمة منذ محمد على باشا، والتى كان يهبها لكبار قادته ورجال الدولة والأمراء، لضمان الولاء، ولإنشاء طبقة من المنتفعين قادرة على الدفاع عنه وحمايته". 


وأضاف الكسباني لـ"دوت مصر": "بعد إنشاء ميناء ساحل الغلال لنقلها من وإلى صعيد مصر، تطورت هذه المنطقة مع دخول الحملة الفرنسية على مصر، وسموها "بو لاق" أى البحيرة الجميلة، فنشأت أسواق تجارية بها، مما شجع الناس على التوطين حولها.


وتابع: "ومع التطور الحضاري ونشأة السكك الحديدية ووسائل النقل الأخرى، تراجعت قيمة الميناء، وفقد المكان أهميته، وتحول السكان للأعمال الحرفية، يخدمون في منطقة وسط البلد، مما جعله يتحول لمنطقة عشوائية بسبب الإهمال".


وبعد الحرب العالمية الثانية انتشرت بها العشوائيات، خاصة مع وصول عدد من النازحين إلى القاهرة، إلا أن الدولة منذ ستينيات القرن الماضي اهتمت بهذه المنطقة وتطويرها، ببناء مبنى الإذاعة والتليفزيون ووزارة الخارجية، دون الاهتمام بتطوير المنطقة من الداخل.


من جانبه أكد أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة حلوان، الدكتور عاصم الدسوقي، أن مدينة بولاق أقدم من القاهرة الخديوية التى أنشاها الخديوي إسماعيل، وكانت في البداية ميناء للغلال، وتضم حامية للجيش، وكان يعيش حولها سكان يعتمدون على هذه التجارة، ومع تطور الزمن تبدلت المراكز الحضارية، ولم تعد بولاق ميناء ذا قيمة، فتحول السكان إلى الأعمال الحرفية.