التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 07:52 م , بتوقيت القاهرة

القتل بدم بارد !

لم يرتكب النقيب أيمن الدسوقي جريمة في حق أحد.. لم يُخطئ في حق المجتمع.. لم يقترف ذنبًا يضعه على قوائم الاستهداف من جماعات إرهابية تعادي الله والرسول، وهي تتكلم باسم الله وباسم الرسول. 


لم يكن للنقيب أيمن الدسوقي ذنب سوى أنه ضابط شرطة وضعه القدر في ظروف تُحتم عليه أن يقف في مواجهة الخطر القادم، يواجهه بصدره مفتديا وطنه بالروح والدم بالفعل، وليس بالقول ولا بترديد شعارات كاذبة وجوفاء لا تُسمن ولا تغني من جوع. 


لم يرتكب النقيب أيمن الدسوقي جريمة هو ولا أي من زملائه الذين سبقوه إلى ساحة الخلد عند من لا تضيع عنده الحقوق.. لم يرتكبوا جرمًا في حق الوطن ولا في حق المصريين، غير أنهم قرروا أن يكونوا حائط الصد ضد كل المؤامرات والمكائد التي تُدبر ضد مصر في الخارج وينفذها في الداخل للأسف الشديد عناصر مصرية اسمًا فقط، ولكنّها لا تعرف للوطن معنى ولا تعرف للوطنية عنوان. 


لم يقترف النقيب أيمن الدسوقي وشهداء الشرطة والجيش من الضباط والجنود جريمة عندما لبوا نداء الواجب، وقرروا أن تكون حياتهم على خط النار في مواجهة عدو لا يعرف معنى الرحمة.. عدو يعتبر كل من يخالفه في الرأي كافرا وفاسقا وخارجا عن الملة ويستحق القتل بل والتمثيل بجثته بعد قتله. 


هكذا يفعلون في جنود مصر، خير أجناد الأرض، الذين يؤدون واجبهم في حماية أرض مصر والمصريين حتى يأمن كل مصري على حياته وأولاده ووطنه.. هكذا يكون القتل بدم بارد من جماعات تدعي أنها تُحارب باسم الإسلام، وتنسى أنها تتحرك بأوامر وتعليمات أمريكية لتشوه صورة الإسلام والمسلمين في العالم وتعطي الفرصة لأمريكا والغرب لتبرير أي اعتداء على أي أرض عربية واحتلالها لتعيد عصر الاستعمار القديم. 


القتل بدم بارد هو ما تفعله هذه الجماعات التي طالما اعتقدنا أنها تُمثل الإسلام وتقف أمام أطماع المحتلين والغاصبين؛ لنكتشف في النهاية أنهم مجرد أدوات في أيدي عصابات الاستعمار التي تسعى للعودة من جديد لتسيطر على المنطقة العربية كلها للاستيلاء على خيراتها بشكل مباشر وصريح. 


القتل بدم بارد أيضا يشارك فيه كل من صمت ويصمت على ما يحدث من مهازل.. فعندما يسقط بلطجي أو مسجل خطر في تظاهرة أو في مواجهة مع الشرطة تخرج علينا منظمات حقوق الإنسان لتقيم الدنيا على الشرطة والجيش، وتسمع شعارات الداخلية بلطجية، ويسقط حكم العسكر من الحقوقيين والنشطاء الذين لم ينته دورهم  حتى بعد خراب مالطا، أقصد خراب دول عربية، كانت في يوم من الأيام حلما لكل عربي أن يذهب إليها ويعمل بها، ويحقق هناك الثروة والأمان، فضاعت العراق وضاعت ليبيا وضاعت سوريا، وهم الآن يعملون على ضياع بقية الدول العربية للأسف الشديد بكل ثقة وقوة حتى يكتمل دورهم المنوط بهم في خراب المنطقة بكل دولها. 


لم يخرج علينا واحد فقط من سدنة حقوق الإنسان لينعي ضابط الشرطة الشهيد أيمن الدسوقي الذي خطفه الإرهابيون ثم قتلوه بطلقة في الرأس بدم بارد، بعد أن توصلت قوات الشرطة والجيش لمكانهم الذي يحتجزون فيه الضابط حتى يكون ورقة تفاوض للإفراج عن عادل حبارة، وعندما حاصرتهم قوات الأمن ولم يجدوا مفرا قتلوه، حتى يتمكنوا من الهرب ولكنّهم لقوا جميعا حتفهم على أيدي قوات الأمن. 


لم نسمع كلمة واحدة من أشاوس حقوق الإنسان أو من مناضلي الفضائيات ينعي فيها الضابط الشهيد أو من سبقوه إلى ربه فرحين بما آتاهم ربهم.. ولكنهم يتحدثون بكل بجاحة عن المخربين والبلطجية والقتلة حديث الأبطال الفاتحين. 


ألم يأن الأوان حتى يعتدل الميزان بعد كل هذه السنوات من الخراب والقتل والدماء التي تسيل على أيدي عصابات مجرمة باعت وطنها مقابل الدولارات أو مقابل الوعد بالوصول للسُلطة وكراسي الحكم ؟؟ 


ألم يحن الوقت لنقف جميعًا صفًا واحدا في مواجهة الإرهاب؟ ألم نتعلم من فرنسا التي وقفت كلها صفًا واحدًا حكومة ومعارضة لمواجهة الإرهاب بعد مقتل عدة أفراد في حادث واحد وليس في حرب مستمرة منذ سنوات سقط فيها المئات من الشهداء والآلاف من المصابين.. فلم نسمع هناك صوتا واحدا يتحدث عن حقوق الإنسان الإرهابي أو البلطجي لأن الحديث عن الأمن القومي أهم وأخطر؟!


ألم نتعلم من إسرائيل التي خرجت فيها التظاهرات ضد الحكومة وعندما وقع حادث واحد أعلنوا فض أي تظاهر أو اعتصام لدعم حكومتهم في مواجهة الإرهاب؟


نحن في مصر نسير دائما عكس الاتجاه ففي الوقت الحرج الذي يجب أن تتحد فيه كل القوى دعما للدولة في مواجهة الخطر يخرج علينا هؤلاء بأقوال وأفعال هي ألأقرب للخيانة.. ويخرج علينا إعلاميون كاذبون ومنافقون يدعون الوطنية ليهاجموا الدولة في وقتٍ يجب أن يمتنع فيه الجميع عن الكلام المُباح. 


وللأسف نحن شعوبٌ لا تتعلم من تجاربها، ولا تعي ما يدور حولها من مخاطر، ويبدو أن الكل الآن قد أعجبه الحال بعد أن تحول الجميع إلى خبراء في السياسة وفي الحروب وفي الأمن واكتفوا دائما بمحاولات إسقاط الدولة دون وعي كالدبة التي قتلت صاحبها معتقدة أنها تنقذه. 


القتل بدم بارد في مصر يتم على أيدي الجماعات الإرهابية من جانب.. وعلى أيدي من يدعمهم ويؤيدهم بالهجوم على الجيش والشرطة ويدافع عن البلطجية والإرهابيين من جانب آخر.. هكذا أصبحنا وهكذا نبقى ولله الأمر من قبل ومن بعد!