التوقيت الجمعة، 01 نوفمبر 2024
التوقيت 02:00 ص , بتوقيت القاهرة

حاكم الشارقة: "رحلة بالغة الأهمية" تكشف حقائق تاريخية منصفة

أكد صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، أن صفحات التاريخ لا تكتب بالأهواء ولا بالقوة بل بالبحث والتقصي والعدالة والحقيقة، وأن ما يسعى إليه من خلال العديد من مؤلفاته التاريخية هو توثيق تاريخ دولة الإمارات ومنطقة الخليج وعلاقتها بالعالم.

وأوضح سموه أن كتابة تاريخ دولة الإمارات والخليج العربي برؤية عربية خليجية بالاستناد إلى الأدلة والمخطوطات التاريخية وبشهادات المؤرخين الأجانب أنفسهم الذين عاصروا تلك المراحل، يؤسس لحاضر ومستقبل مبني على فهم صحيح لحضارتنا وشعوبنا ويساعد في بناء علاقات تقوم على الحقائق والاستيعاب الأعمق لجذور علاقاتنا وصراعاتنا التاريخية مع الاحتلال في تلك الفترة.

جاء ذلك خلال جلسة مناقشة لكتاب صاحب السمو حاكم الشارقة "رحلة بالغة الأهمية" في أكاديمية العلوم في لشبونة التي منحت سموه عضويتها في عام 2013، وشارك في الجلسة البروفيسور ارتور انسيلمو، رئيس أكاديمية العلوم في لشبونة، والبروفيسور ادريانو موريرا، الرئيس السابق للأكاديمية، والبروفيسور أنطونيو دياس فارينها، عميد كلية التاريخ والجغرافيا في أكاديمية العلوم في لشبونة، وعدد من أعضاء الأكاديمية، والأساتذة والأدباء والمؤرخين.

كما حضر الجلسة سعادة موسى عبد الواحد الخاجه، سفير دولة الإمارات العربية المتحدة لدى البرتغال، وسعادة عادل بن عبد الرحمن بخش، سفير المملكة العربية السعودية، وسعادة عثمان أبا حنيني، سفير المملكة المغربية في البرتغال، وسعادة علي البياتي، القائم بالأعمال العراقي لدى البرتغال، وسعادة عبد السلام محمد خميس، القائم بالأعمال الليبي لدى البرتغال، وعدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب.

واستعرض المشاركون الأهمية الكبيرة والتاريخية لشعوب منطقة الخليج والبرتغاليين في كتاب "رحلة بالغة الأهمية"، وقال صاحب السمو حاكم الشارقة: "إن الكتاب بني على مخطوطة تاريخية هامة للكاتب والضابط البرتغالي دوراتي باربوزا، تحوي معلومات وتفاصيل دقيقة عن شعوب المنطقة، كانت قد مفقودة لمدة تقارب الـ 100 عام قبل أن تُكتشف واقتنيها عام 2012، وأضعها في كتاب "رحلة بالغة الأهمية" باللغات العربية والإنجليزية والبرتغالية".

وتتحدث المخطوطة عن مشاهدات دوراتي باربوزا خلال رحلة رافق فيها قادة الاحتلال البرتغالي في القرن السادس عشر من خليج "سان سباستيان" إلى سواحل الصين مروراً بمنطقة الخليج العربي.

 

و أكد سموه أن إعادة كتابة التاريخ برؤية وشواهد أهله وأصحابه، هو إنصاف للحقيقة وتأسيس لعلاقات ثابتة وراسخة قوامها التكافؤ، وأوضح سموه أن سر كتاب "رحلة بالغة الأهمية" يكمن في الرسائل التي كان يسعى دوراتي باربوزا إلى إيصالها بين السطور والتي انحاز فيها للحقيقة والأمانة وجعل من نصه دلالات على ما حدث في تلك المرحلة،، حيث وصف في مخطوطته منطقة الخليج العربي والمكانة الحضارية والاجتماعية التي تحلى بها العرب والمسلمون آنذاك، والتعايش وعلاقاتهم الطيبة مع الديانات والأقليات الأخرى والزائرين للمنطقة من تجار ورحالة وبحارين، وتوقف عند مدى التقدم الذي أحرزوه في كثير من القطاعات، كما ذكر "باربوزا" في مخطوطته المعاملة الحسنة التي تلقاها من أهل الخليج العربي، وكشف العديد من انتهاكات البرتغاليين والأوروبيين من تدمير وخراب وقتل في المناطق التي مروا بها، ما يجعل من كتاب "رحلة بالغة الأهمية" بمثابة إنصاف تاريخي لأهل المنطقة واستعادةً لحقهم في التعريف بمكانتهم آنذاك.

ونوه سموه على أنه لولا المسؤولية الأخلاقية العالية التي تجلت في نص مخطوطة باربوزا لما فهمنا تفاصيل كثيرة وهامة  من تلك المرحلة، ولكانت قد التبست علينا الكثير من الحقائق كما التبست على الكثير من قبلنا، واعتبر سموه أن نصوص باربوزا أنصفت حاضر البرتغاليين تماماً كما أنصفت ماضي العرب إبان الاحتلال البرتغالي لمنطقة الخليج العربي.

ووقع سموه عقب الجلسة مجموعة من نسخ كتاب "رحلة بالغة الأهمية" للحضور من أعضاء أكاديمية العلوم في لشبونة، والدبلوماسيين والأساتذة والمسؤولين.

وكانت النسخة العربية من "رحلة بالغة الأهمية" قد صدرت عن دار "منشورات القاسمي" في العام الماضي 2017 حيث اعتبر المؤرخون والمهتمون بقضايا التاريخ كتاب سموه  بمثابة إعادة استكشاف وقراءة لجذور علاقة أوروبا بمنطقة الخليج العربي في القرن السادس عشر، والتي أسست لعقود من الهيمنة وكونت الصورة النمطيّة عن المنطقة لدى الشعوب الأوروبية.

وعرض سموه في الكتاب مخطوطة تاريخية هامة ظهرت لأول مرة  عام 1813م، حين نشر فرنسسكو مندو تريغوسو باللغة البرتغالية مؤلفاً يعود إلى مطلع القرن السادس عشر كتبه دوراتي باربوزا وعرف باسم "كتاب دوراتي باربوزا".

وفي تقديمه للنسخة الأولى من كتاب "رحلة بالغة الأهمية"، أشار انطونيو دياس فارينها عميد كلية التاريخ والجغرافيا بأكاديمية العلوم في لشبونة، إلى أن باربوزا ذكر بالتفاصيل جغرافيا منطقة الخليج العربي موضحاً بعض الأسماء التي لا زالت تحتفظ بها حتى الآن، مثل جلفار، والشارقة، والبحرين، ومسقط، والقطيف.

وأشاد أنطونيو بأهمية "كتاب باربوزا" وقال عنه أنه المصدر الرئيس لمعرفة منطقة الخليج العربي وتاريخ شعوبها وحضارتهم، كما أشاد بجهود صاحب السمو في سعيه للبحث عن حقائق التاريخ والكشف عن المخطوطات التي توثقها في أي مكان من العالم وقال : "لقد قرر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي أن ينشر هذا السفر القيِم، بعد اكتشاف المخطوطة الكاملة الباقية له، والتي ظُن أنها فقدت نهائياً، وهذه الطبعة لها أهميتها البالغة بالنسبة لتاريخ الخليج العربي وشعوبه وثرواته، لقد كُتبت في بداية العصر الحديث، بالكاد بعد خمسة عشر عاما من رحلة فاسكو دا جاما من لشبونة إلى كاليكوت في الهند، والتي ولدَت عوالم جديدة لعالمنا".