التوقيت الجمعة، 04 يوليو 2025
التوقيت 04:13 م , بتوقيت القاهرة

معقولة الزن على الودان آّمر من السحر فعلا ولا غسيل مخ وإحنا منعرفش؟

الزن على الودان آّمر من السحر ولا غسيل للمخ وإحنا منعرفش
الزن على الودان آّمر من السحر ولا غسيل للمخ وإحنا منعرفش

هل الزن على الودان آّمر من السحر فعلاً ولا صورة من صور غسيل المخ وإحنا منعرفش..


 


الأمثال دايما بنعتبرها بمثابة كبسولة تراثية زمانية سريعة فيها الخلاصة .. عشان كده انتشرت بسرعة ما بين الأجيال .. لحد ما وصلتلنا..


بس افرض ان الأمثال دي مش مجرد جمل وراها رسالة مفيدة وافرض برضة انه كلام شكله حلو ومقنع لما تسمعه لأول وهلة بس هو ف الحقيقة لما تبص لمضمونه بيطلع كلام مخوخ وفاضي وغير مقنع ف التطبيق العملي .. إحتمال قائم برضة مش كدة؟..ده اللي خلانا ناخد مثل من ضمن الأمثال ونحلله ونشوفه هل فعلا ليه أساس علمي أو منطقي ولا لأ .. زي مثل "الزن على الودان أمر من السحر".


 


مثال للزن على الودان .. وللسحر برضة


أصل المثل جه منين..


المثل دة بيرمز لفكرة حلوة اسمها "أثر سلوك القطيع" ..  "Bandwagon Effect" بالانجليزي.. وبتقول أن الإنسان إعتقاده الشخصي بيعتمد ف معظم الوقت إعتماد أساسي على كثرة عدد الناس المؤمنين بالإعتقاد أو الفكرة دي حواليه.. يعني لو كل الناس حواليك بتتجوز فانت هتعتقد بشكل مسلم بيه ف فكرة الجواز (بلاش وإفتكر اننا قولنالك بلاش) .. ولو على العكس انتا مثلاً إتولدت في وسط ناس بتؤمن ان السفر مثلاً أهم من اي جواز (أهلك هيبقوا ناس فلة وبيفهموا والله لو كانوا بيفكروا كدة) ف هتلاقي أن رغبتك ف السفر بتزيد طول الوقت وممكن جداً يبقى على راس قايمة أولوياتك أو أحلامك لمجرد انك إتأثرت من غير ماتاخد بالك بفكر أهلك غصب عنك .. خصوصاً وإنك معظم الوقت إقتنعت برضة إنك محتاج ترضيهم أو ببساطة محتاج تحس انك صح ومش غريب ف وسط مجتمعك والإختلاف طبيعي ميدعمش فكرة الإنتماء خصوصاً وان المجتمعات البشرية كانت ومازالت مبتحبش المختلف دة ف أي حاجة وبيستغربوه وممكن يضايقوه كمان .. مش بس كده ..لا ياباشا .. ده أثر باند واجون دة بيفسر كمان ليه الناس بتقبل على الموضات الجديدة في الملابس كأنهم منومين مغناطيسياً او لا سمح الله مالهومش شخصية .. وكمان ممكن يفسر حاجات غريبة طلعت موضة مؤخراً زي موضة "لا انا مولدش إلا في أمريكا" مثلا اللي انتشرت مابين الطبقة القادرة والغنية ف مصر .. وان كان دة مش أثر الباندواجون إفكت قد ماهو أثر الجرين كارد..بس ماعلينا..




الحكاية بدأت إزاي بقى ..


بيقولك يامعلم انه ف القرن الـ19 وتحديدا عام 1849، كانت الولايات المتحدة بتستعد للإنتخابات الرئاسة، ففي واحد اسمه "دان رايس" كان مهرج وصاحب سيرك متنقل مشهور جدا وفنان إستعراضي متعدد المواهب إستخدم عربيته اللي بيجرها الحصنة ف الدعاية الخاصة بالحملة الإنتخابية للمرشح الرئاسي زكاري تايلور من باب انه يعمله شو للحملة بتاعته ويمصلح من وراه قرشين كويسين .. ولأن دان كان مشهور بشدة وقتها وكانت الناس بتنجذب بسهولة للإستعراضات الفنية بتاعته .. ف إتنافسوا على مين يقدر يحصل علي مقعد ف العربية دي خصوصاً وانها كانت مميزة بسبب الموسيقى اللي كان بيعزفها عازفين فرقة دان طول الوقت .. ومن هنا جه تعبير "ركوب عربية الإنتخابات" وبقى تعبير دارج مع الوقت خصوصا وان دان رايس كان -حسب وصف كاتب السيرة الذاتية دافيد كارليون- اشهر شخصية احنا منعرفش عنها حاجة ف القرن التسعتاشر .. بالتالي كان استخدامه لشهرته إستخدام مبادر وذكي بصراحة ..


 


دان رايس ف شبابه


زكاري تايلور


وزي ماباين ف الصورة اللي تحت السطرين دول العربية اللي كان راكبها "رايس" أثناء الحمله الإنتخابية كانت محور إهتمام أنصار المرشح "تايلور" اللي كانوا متحمسيين جدا لهتافات وأغاني رايس وحاولوا يتكالبوا على العربية عشان يركبوا ويعبروا عن دعمهم لمرشحهم


ويستغلوا الهيصة والمزيكا أحسن إستغلال..


عربية مماثلة لعربية دان رايس


وفعلاً العربية إتملت ناس وكانت الحادثة دي ملفتة جدا للنظر .. وفعلاً حماسهم دة مراحش على الفاضي وفاز "تايلور" بالإنتخابات وبقى الرئيس الـ12 للولايات المتحدة .. ومن هنا بقى في مصطلح ال "Bandwagon Effect" أو "تأثير العربة" كرمز لأي رأي أو قضية سياسية عليها إجماع من الجماهير .. لكن بعد فترة بدأ يستخدم المصطلح إستخدام مهين معناه ان الشخص ده إمعة ومالوش رأي وبيزيط مع الزيطة وخلاص وبيركب الموجة..


صورة نادرة لعربية دان رايس



لكن 2015 حصلت حاجة تدل على خطورة التأثير ده.. 


مجموعة من الباحثين في جامعة ميونخ قرروا يقيسوا تأثير سلوك القطيع ده فعملوا تجربة شارك فيها 765 مشارك، وكانت عبارة عن حملة سياسية وهمية في مدينة صغيرة من مدن ألمانيا قدموا فيها للمتطوعين بعض المعلومات - المزيفة - عن المرشحين .. ومنها إذا كانوا فازوا في إنتخابات سابقة أو لأ .. بعد كده قسموهم ل 3 مجموعات .. 


في المجموعة الأولى كان فايز فيها مرشح خسر في المجموعة التانية .. عشان المجموعة الأولى عرفت أن المرشح ده فاز في إنتخابات سابقة لكن المجموعة التانية كان معاها معلومة ان المرشح ده خسر أغلب الجولات الإنتخابية اما المجموعة التالتة ما أظهرتش أي نتايج.



التجربة دي أظهرت ان عوامل الناس في اختيار شخص ما بيعتمد على رأي الناس اللي قبلهم فيه ايه .. بنظام اللي نعرفه احسن من اللي منعرفوش.. وطالما قالوا انه كان كويس يبقى كويس وماقالوش يبقى خلاص ..  بغض النظر عن سلوكه الحقيقة أو مبادئه او حتى إنجازاته وبرنامجه اللي هيقدمه للناس في حالة الإنتخابات مثلاً .. وخطورة الأمر هنا أنك لو قدرت تقنع مجموعة من الناس بيك ممكن الموضوع ده يتحول لفيرس ينتشر ويخلي المجموعة دي تنقل رأيها للي بعدها واللي بعدها للي بعدها .. وتسيطر على العالم يابرنس او على الأقل هتبقى بابليك فيجر ولا إنفلونسر على الفيسبوك .. 



هوامش..


جدير بالذكر ان دان رايس هو أول واحد على الإطلاق يمكس إستعراضات الحيوانات والاكروبات والمهرجين ف شكلهم الحالي ف السيرك .. وبسبب شهرته الشديدة دخل إنتخابات الرياسة الامريكية اكتر من مرة وكان ف كل مرة بينسحب من نفسه محدش عارف ليه.


دان رايس ف اواخر ايامه


الخلاصة..


الزن على الودان فعلاً أّمر من السحر .. وبسهولة ممكن تلاقي نفسك بتعمل حاجة او مقتنع بقناعة ما لمجرد ان الناس حواليك بيعملوا نفس الحاجة دي ولو عن عدم إقتناع .. عشان كدة مهم تاخد بالك وتخليك نفسك وبس وتدافع عن إختلافك مش لمجرد التفرد والتميز قد ماهو حقك ف إنك تبقى نفسك .. نفسك وبس ..


واضح اننا صدعناك وعملنالك وش ف دماغك .. عموما حقك علينا .. خد البلاي ليست دي روق بيها دماغك ولو ملكش ف الزن على الودان او السحر يبقى أكيد ليك في الروقان .. صباح الفل.