التوقيت الخميس، 28 أغسطس 2025
التوقيت 10:38 م , بتوقيت القاهرة

الوصلة السوداء "الدش" التي أنهت على القنوات الأرضية

كتب- وسام حسن:

بدأ ظهور الدش في مصر مع بداية التسعينات وكان يبلغ ثمنه وقتها حوالي 20 ألف جنيه وهو نفس ثمن الشقة، وكان يقتصر شراؤه فقط على الأغنياء، ومع بداية انطلاق النايل سات في عام 2000 كان سعر الريسيفر وطبق الاستقبال يتراوح بين 3000 إلى 5000 جنيه، لذلك كان من الصعب على المواطن الفقير أو حتى متوسط الدخل شراؤه.

وقد كان يلجأ المواطنون إلى المقاهي الغالية والشهيرة لكي يشاهد الأفلام الحديثة، التي لم يكن التليفزيون المصري يعرضها إلا بعد مرور 10 سنوات عليها في دور العرض على الأقل، وفي عروض حصرية من العيد إلى العيد.

وبعد 3 أو 4 سنوات بدأ المواطن المصري كعادته يفكر في طريقة للاستفادة من هذا الاختراع، الذي شغل بال وفكر كل مواطن بسيط، فبدأ البعض يستثمر بعض النقود أو يتشارك مع إخوانه لشراء دش لتركيب وصلات تتيح للمواطنين متوسطي الدخل من مشاهدة ما يشاهده الأغنياء.

في البداية بدأت الوصلات بسعر 50 جنيها، وبالنسبة للبعض في هذا الوقت كان السعر عاليا بما يوازي ثمن شراء كيلو لحمة قد يحتاجها البيت المصري البسيط، بعدها بفترات بسيطة أصبح هناك شريحتان للمشاهدين الأولي 20 قناة بـ 50 جنيها والثانية 10 قنوات بـ 30 جنيها، وكانت قنوات الأغاني كمزيكا وميلودي وقنوات إيه آر تي، وقناة أو اثنين للأطفال، وقنوات إم بي سي أهم القنوات.

وأهم المشاكل التي سببتها الوصلات هي ابتعاد المواطن عن التليفزيون المصري، الذي كان أقل في جودة الصورة والإمكانيات وحتى في المحتوى من تلك القنوات، وكذلك انطفى بريق برامج مثل برنامج عزت أبو عوف هرم النجوم والمشابه لبرنامج جورج قرداحي من سيربح المليون، وبالطبع ربح قرداحي المنافسة بفضل العوامل السابقة إلى جانب الديكورات والتنظيم والقيمة المادية.

في بداية عام 2007 بدأت الصين تدخل في مجال تصنيع الأطباق والريسيفرات، وبالطبع انخفضت الأسعار كثيرا فأصبح سعر الدش كاملا يتراوح بين 500 إلى 1500 جنيه فأصبح في متناول الجميع واضطر أصحاب الوصلات إلى خفض أسعار الوصلة إلى 25 جنيها مع الاحتفاظ بالقنوات المشفرة مثل إيه آر تي.

وفي 2010 بدأت عروض الدش بالريسيفر بالتركيب كلها بـ 300 أو 400 جنيه، وأصبح كل بيت مصر لا يخلو من الدش تقريبا وبالطبع أثر ذلك سلبا على القنوات الأرضية التي أصبحت شبه خاوية من المشاهدين، حتى بعد أن حولت إرسال قنوات النيل إلى قنوات أرضية بدلا من القنوات القديمة المعروفة لكن كان الوقت قد فات.


وقد بدأ تجار الوصلات يفكرون في طرق أخرى للاستفادة من وصلة الدش، وهي الدعاية الانتخابية فكان بعضهم يستغل هذه القنوات لعرض فيديوهات لمرشحي مجلس الشعب في هذه الدوائر، مقابل مبالغ تبدأ من 10 إلى 30 جنيها وأحيانا إلى 100 ألف جنيه إذا كان في أوقات الذروة كمباريات كأس العالم وقد حدث ذلك في الإسكندرية في انتخابات مجلس الشعب عام 2011.

وعلى الرغم من المحاولات العديدة التي قامت بها الحكومة قديما لتلافي أخطار هذه الوصلة من خسائر تسببها للقنوات المحلية والمشفرة، لكنها كانت تنتشر كالنار في الهشيم لدرجة أن أمين الشرطة أو العسكري الذي يتحرى عنها ويقوم بضبطها، هو نفسه مشترك عند موصل الوصلات لذلك يتغاضى عن البلاغ مقابل وصلة مجانية له ولأسرته.

وفي الوقت الحالي وصلات الدش تكاد تكون معدومة إلا في فترات البطولات بسبب غلاء الاشتراك الذي تخطى ألفي جنيه، ويقوم أصحاب الوصلات بتركيب الوصلة للمقاهي والمحلات بمبلغ يتراوح من 100 إلى 150 جنيها حسب المنطقة شعبية أو راقية؟