التوقيت الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025
التوقيت 11:20 م , بتوقيت القاهرة

شبح الانهيار يهدد أسطول الصيد المصري في عزبة البرج

دمياط- محمد جمال:

مدينة عزبة البرج، شمال دمياط، تمتلك ما يقرب من ثلثي حجم أسطول الصيد المصري، بما يقارب 65%؛ بينها أكثر من 200 مركب للصيد في أعالي البحار، إلى جانب 1800 مركب أخرى للصيد في المياه الإقليمية الدولية، خاصة على سواحل إريتريا وتركيا واليونان والصومال واليمن، تعاني حالة أشبه بالحداد حزنا على ضحايا حادث غرق مركب الصيد "بدر الإسلام" في مياه البحر الأحمر.

وصيادو عزبة البرج، من أمهر صائدي الأسماك في الشرق الأوسط وأوربا، وهم مطلوبون في معظم الدول، خاصة اليونان وإيطاليا ومالطا وقبرص وتركيا.

وتضم مدينة عزبة البرج ورشا عديدة لصناعة سفن الصيد، كل ما يتعلق بحرفة الصيد التي يعمل سكانها بها ويتوارثوها أبا عن جد، من مصانع للثلج، وبيع الغزل، ومستلزمات الصيادين في رحلاتهم، وتصدر لدول أوربا اليخوت البحرية وسفن الصيد الحديثة، وتنتظر ميلاد حلمها الأول بإنشاء ميناء الصيد، خاصة بعد إنهاء كافة الدراسات اللازمة له.

وسكان مدينة عزبة البرج الذين لا يتعدون 50 ألف نسمة، برغم بساطة حياتهم، إلا أنهم يمتلكون من الهموم والمشكلات، ما يجعل الصياد محاصرا بين قسوة البر، ومخاطر البحر.

سبب التسمية

البرج الذي تنسب إليه المدينة، بناه عنبسه بن إسحاق، والي مصر من قبل الخليفة المتوكل العباسي، على الضفة الشرقية لفرع دمياط عند المصب، عام 239 هجرية- 854 ميلادية، وتم شحن المدينة وتزويدها بالمقاتلين والأسلحة والعتاد، ودعمها بأسطول قوي لحماية مصر من غزوات البيزنطيين، لتصبح عزبة البرج خط الدفاع الأول عن مصر في العصور الوسطي.

هموم تحملها شباك الصياد

ويقول علي المرشدي، أحد أقدم الصيادين في عزبة البرج، إن الدولة تخلت تماما عن الصياد، وتجاهلت دعمه، وصرخاته المستمرة من فرض مبالغ مالية باهضة؛ سواء من ناحية التأمينات الإجبارية العادية أو التأمينات على مراكب الصيد، التي تحصل سنويا.

ويضيف أن الصياد يتعرض لمخاطر عديدة خلال رحلات البحر، ويبذل فيها الصياد جهدا شاقا سواء ذهنيا أو بدنيا، دون أن تضمن الدولة لأسرته تعويضا عما يمكن أن يصيبه من أضرار، سواء من ناحية الغرق أوالاختطاف والتعرض لحوادث القرصنة، خاصة على سواحل الصومال و اليمن.

ويواصل المرشدي الإبحار داخل ذاكرته، قائلا إن الصياد "بيطلع من بيته علي باب الله، يرمي الشباك والرزق ده من عند ربنا"، مطالبا الحكومة بمراعاة ظروف الصياد المحاصر بين نوات البحر ومخاطره، وظروفه المادية البسيطة التي تتطلب نظرة من الدولة.

فيما يحكي نقيب الصيادين في عزبة البرج، حمدي الغرباوي، أن هناك صيادين يعملون باليومية، بينما يعمل آخرون بنظام النصيب أوالحصة، باشتراك مجموعة من الصيادين في ملكية مركب صيد يتكلف ما يقرب من مليوني جنيه حسب حجمه وتجهيزاته، موضحا أن طاقم مركب الصيد يضم ما بين خمسة صيادين و12 صيادا، فيما تستهلك رحلة الصيد الواحده مايقرب من 22 برميل سولار، حيث يقدر الاستهلاك اليومي للمركب نحو ثلاثة براميل سولار.

وعن حقوق الصياد، أوضح نقيب الصيادين، ضرورة تفعيل قانون الحريات النقابية، خاصة مع غياب أي نوع من الإشراف، من الهيئة العامة للثروة السمكية على الصيادين، مشددا على ضرورة إلزام الصياد بالاشتراك في نقابته، مع ربط منحه تصريح الصيد باشتراكه في النقابة، حرصا على حقوقه وضمانا لأسرته.

ويشير الغرباوي إلى وجود ست نقابات فرعية للصيادين هي؛ عزبة البرج والسياله والعنانية وأولاد حمام وجمصه البلد، مطالبا بالتيسير على الصيادين في الحصول على تصاريح الصيد من التفتيش البحري طوال اليوم، وكذلك منحهم تسهيلات في الحصول على مستلزمات الصيد من شباك وغزل وخلافه بأسعار مناسبة.

مافيا الزريعة وعصابات تهريب السولار

ويلفت منسق اللجنة الشعبية للدفاع عن حقوق الصيادين، محمد عبيد، النظر إلى مافيا الزريعة التي حققت خلال الأعوام العشرين الماضية مكاسب طائلة، وظاهرة تهريب السولار التي يحترفها البعض ويحققون من خلالها مكاسب طائلة.

ويوضح المنسق أن التهريب يتم عن طريق اللنشات الصغيرة فائقة السرعة المسماة "الحسك"، والتي تحقق مايقرب من عشرة آلاف جنيه في اليوم الواحد، نظرا لتسعير برميل السولار المدعم بـ220 جنيها، وبيعه بما يزيد عن 450 وحتي 650 جنيها للسفن الأجنبية، وأن لنشات الحسك تفرغ حمولتها في عرض البحر للمراكب الأجنبية براسطة مراكب صغيرة، وتتم عمليات تهريب السولار بينما يعاني الصيادون أزمات متكررة في السولار، ما قد يمنعهم من السفر، ويجبرهم على المكوث في مدخل البوغاز أسبوعا وأحيانا أسبوعين لحين توافر السولار اللازم لبدء رحلة الإبحار.

300 صاحب مركب مهددون بالسجن بسبب بنك التنمية

بنبرة حزينة، يقص إبراهيم خميس، أحد قدامى الصيادين في منطقة قرية الصيادين، مأساة ما يقرب من 300 أسرة مهددة بالتشرد، بسبب مديونياتها لبنك التنمية والائتمان الزراعي، وعدم تمكن هذه الأسر بيع مراكبها أوالتصرف فيها، إلا بعد سداد مديونياتها التي تضاعفت بسبب الفوائد لأربع أضعاف المبلغ الأصلي.