التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 02:23 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| مدرسة "تدوير القمامة".. اشتغل واتعلم واكسب

أنامل صغيرة تصنع من الورق أشكالا ملونة، وأجساد صغيرة تركت أعباء الحياة التي تثقل كاهلها خارج الأبواب، وعادت إلى طفولتها، في مدرسة إعادة التدوير في حي الزبالين منشأة ناصر.. هناك وجد عدد من الأطفال من أولاد عاملي النظافة فرصة للعودة إلى طفولتهم حيث اللعب والدراسة.



مدرسة إعادة التدوير، انشأت منذ عام 2000، باتفاق مع منظمة اليونسكو، بعد أن قدم إلى حي الزبالين مجموعة من الاستكشافين لوضع الأطفال هناك، لتقوم مبادرة على تعليم الأطفال مجموعة من المهارات والأنشطة، والتي تبدأ بأهمها وهى القراءة والكتابة، ثم أنشطة تعتمد على البيئة التي يعيش فيها الأطفال من إعادة تدوير المخلفات، مثل البلاستيك وعبوات الشامبو.



تفتح المدرسة أبوابها في التاسعة صباحا وحتى الثامنة مساءا، تستقبل في تلك الساعات أولاد عاملي النظافة، تختلف أعمارهم، ولا يزيد أكبرهم عن 18 عاما، يلتقطون أنفاسهم أثناء يوم عملهم بالقمامة من خلال ساعات يقضوها بداخل المدرسة، لا ينقطع فيها صخب نقل القمامة في خارج الحي عنهم، والذي يشتهر بجمع القمامة من أحياء القاهرة، وإعادة تدويرها.



على مداخل الحي، تتراص أكوام من القمامة، يلهو بها الأطفال، والإلبية تعمل بفرزها مساعدةً للأسر التي تولد وتحيا وتموت في هذا المكان، أغلبية قبطية بين جنابات الحي، تعرفها من ملصقات مسيحية تنتشر على الحي المتواجد في سفح جبل المقطم.



تقول مدير المدرسة ليلى زغلول لـ"دوت مصر" أن الأطفال هنا في حي الزبالين يعملون مع أهاليهم، ويأتون إلى المدرسة من أجل تنمية بعض من مهاراتهم، والأنشطة المختلفة مثل اللعب بالأخشاب وذلك لتنمية مواهبهم، وحتى عند تعليم القراءة والكتابة، تستخدم المعلمات أسلوب إسماع الطلاب صوت الحرف أكثر من الكلام، وذلك تيسيرا عليهم من أجل معرفة النقود وأسماء الشوارع..



وتتابع زغلول أن الأطفال بداخل المدرسة لا يتعلمون فحسب؛ ولكن أيضا يتكسبون من تلك الساعات التي يقضوها بداخل أروقة المدرسة، حيث يجد الأطفال فرصة لجمع علب الشامبو الفارغة، ومن خلال اتفاقية بين جمعية روح الشباب التابعة للتضامن الاجتماعي والتي أنشأت تلك المدرسة مع شركة لإعادة تدوير علب الشامبو، يستفيد الطلاب ماديا من تلك العلب الفارغة.



أعمال درامية، وألعاب للكمبيوتر، وعدد من الانشطة يقوم بها الأطفال في المدرسة، بعضهم يحب الرسم والتلوين، وآخرين يقرأون القصص بداخل المكتبة، يعبر الاطفال عن سعادتهم حين يلعبون بالصلصال أو الأخشاب، أو حين يعودون معا إلى جمع علب الشامبو الفارغة في أجولة لإعادة تدويرها.



ورغم الكثافة السكانية بداخل حي الزبالين، إلا أنه تقريبا يخلو من أي مدرسة نظامية، ليجد الأطفال فرصة في تلك المدارس الأهلية لإعادة روح الطفولة إليهم، وتنمية مهاراتهم، وتقول مديرة المدرسة أن الأطفال يعتمدون على التبرعات في المقام الأول، بعد أن شاركت في التأسيس عدد من الجمعيات الأهلية أبرزها اليونسكو، ورجل الأعمال الشهير بيل جيتس في أول خمس سنوات، بالإضافة إلى عدد من نشطاء البيئة أبرزهم ليلى اسكندر وزيرة التطوير الحضاري الحالي.



لا تتوقف المدرسة عند ذلك الحد من تنمية مهارات، وتخفيف وطأة القمامة على أطفال كان قدرهم العمل بها منذ الصغر، حيث دفعت المدرسة بحوالي 6 طلاب حصلوا على شهادات محو الأمية والثانوي الصناعي، ومنهم من ساهم في تعليم آخرين، ليعيد آخرين "تدوير" آخرين مع تدوير أنفسهم.



"أدهم الشرقاوي" واحد من هؤلاء الشباب، الذي دخل في المدرسة مع بداية تأسيسها، اليوم أصبح شاباب يافعا في المرحلة الثانوية، تأخر قليلا في الدراسة بسبب سفره للخارج، لكنه حمل من المدرسة علما وخبرة، يحكيها لـ"دوت مصر"، يقول أن المدرسة غيرت حياته.



"أكتر حاجة حسيت بيها إني مش مستعر من مهنة جمع الزبالة، خصوصا بعد السفر للخارج".. يقول "أدهم" أن الأطفال يعملون منذ نعومة أظافرهم بالحي على جمع القمامة، لكن المدرسة أعطته بعدا أكبر من هذا، بعد أن ساهم في تنمية خبراته ودراسته، وسافر إلى الخارج، ووجد أن عمال القمامة ليسوا أقل شأنا من غيرهم، ويقول أن عاملي القمامة بمصر لديهم من المهارات أكثر من غيرهم بالخارج.



"إحنا هنا بنعيد تدوير كل شئ ما عدا الفليين".. يقول الخريج من المدرسة أن إعادة التدوير هامة جدا في المجتمع، مضيفا أن هناك من يحصل على درجات الماجستير والدكتوراه على دراسة الوضع بداخل الحي، والذي يتشابه مع 6 أحياء أخرى بالقاهرة الكبرى لجمع القمامة.



كما تقوم المدرسة برحلات للطلاب وعمل معسكرات صيفية أيضا، وقيام الحفلات التشجيعية للطلاب، ولم تتوقف أنشطة المدرسة على الأطفال فحسب، لكنها تمتد لتشمل الأمهات وبناتهن حيث تقوم المدرسة بتوعية أمهات الأطفال وأخواتهن البنات لمدة يومين أسبوعيا، وتعليمهن القراءة والكتابة، وتقام لهن احتفالات شهرية في محاولة من المدرسة لربط التعليم بزيادة الدخل.