التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 07:33 ص , بتوقيت القاهرة

فوزية ورباب.. جرح واحد ومصير مختلف

 في مدينة صغيرة جنوبي بيروت لا تألو فوزية جهدا في الحفاظ على نظافة شقتها المتواضعة، رغم جدرانها المتداعية والنوافذ المغطاة بالبلاستيك.


ويعيش معها في الشقة المكونة من ثلاث حجرات للنوم، 12 شخصا آخرين، من بينهم أطفالها الخمسة، والجميع مثلها لاجئون من سوريا.


كل يوم تقريبا تستقبل فوزية رسائل على الهاتف المحمول من شقيقتها الأصغر، رباب، التي تعيش في ألمانيا.


هربت الشقيقتان من وطنهما قبل ثلاثة أعوام، ويصور تباعدهما المصائر التي حلت بملايين السوريين، ممن اضطرتهم الحرب الأهلية الدائرة منذ أربع سنوات للخروج من بلدهم.


فرباب، أرملة تبلغ من العمر 42 عاما، وهي أم لاثنين في سن المراهقة أصبحت من بين بضعة آلاف من السوريين الذين اختارهم بلد أوروبي غني لإعادة توطينهم، ويعيش الثلاثة في منزل مريح ويحصلون على تعليم مجاني وتأمين صحي.


أما فوزية، التي تكبرها بعشر سنوات، فكان مصيرها مختلفا، فهي في لبنان واحدة من أكثر من مليون سوري ليس لهم حق قانوني في العمل، ولا يحصلون على مساعدات تذكر. وقالت إنها لا تستطيع هي وأولادها العودة لسوريا فقد أبلغها جيرانها أن واجهة المبنى الذي تقع فيه شقتهم قد نسفت.


وقامر آلاف غيرهم من السوريين بدفع بضعة آلاف من الدولارات لمهربي البشر من أجل ركوب سفن متهالكة لتعبر بهم إلى حياة أفضل على الجانب الآخر من البحر المتوسط.


وتقول فوزية "أفكر في الذهاب إلى أوروبا.. لكني لا أفكر في الذهاب في مركب لأن حياة عائلتي أغلى علي بكثير."


إلى لبنان


بدأت الأختان رحلة الهروب من الحرب عام 2012، هربت رباب أولا من بيتها حيث كانت تعيش في مدينة حمص التي عمها الدمار الآن. وبعد بضعة أشهر هربت فوزية، التي كانت تعيش في منطقة زراعية وسط بساتين خارج دمشق.


ومثل كثير من السوريين لجأت الاثنتان في البداية للإقامة مع أقارب لهما في سوريا، ثم نفد ما لديهما من مال واتسع نطاق الحرب.


اتجهت رباب إلى لبنان. في البداية رفض المسؤولون السماح لها بالدخول واضطرت للرجوع بابنتها وابنها إلى دمشق لاستيفاء الأوراق. وأثناء وجودها في دمشق أصيب الابن بجروح في انفجار.


أما فوزية فثابرت. وسيطر مقاتلو المعارضة على المنطقة وردت الحكومة بغارات جوية. وفي وقت لاحق من ذلك العام أصيبت المنطقة بصواريخ تحتوي على غاز السارين، وهو من غازات الأعصاب، وبنهاية عام 2012 كانت الشقيقتان قد عبرتا إلى لبنان.


وعلى النقيض من الحال في تركيا والأردن، اللذين يستضيفان نصف اللاجئين السوريين، لا توجد مخيمات رسمية في لبنان. ورفضت فصائل مختلفة في الحكومة السماح للأمم المتحدة ووكالات المساعدات الأخرى إقامة المخيمات خشية أن يكتسب وجودها صفة الدوام.


عاشت أسرة رباب في مرأب رطب تفوح من أركانه رائحة الوقود دون مياه ودون كهرباء. وقالت إن "الحياة أصبحت مستحيلة". وكانت قد سجلت أسرتها لدى الأمم المتحدة كلاجئين، لكنها كانت تشعر أنها بلا حقوق.


أما فوزية فكانت أفضل حظا. فقد وجدت هي وزوجها النحيف ذو الشارب الفضي الكثيف عملا في التخلص من الحشائش في حقول أحد المزارعين.