مصر وقطر.. "ما محبة إلا بعد عداوة"
"يسعدني وأنا أصل إلى جمهورية مصر العربية الشقيقة للمشاركة في القمة العربية الـ26، أن أتوجه باسم شعب دولة قطر وباسمي شخصيا، بأطيب التحية إلى فخامة الأخ الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وإلى شعبه الشقيق مقرونة بخالص التمنيات لهم بالخير والتوفيق ولبلدهم دوام الرفعة والتقدم"، كان ذلك نص بيان أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قبيل قدومه على رأس وفد بلاده إلى شرم الشيخ لحضور القمة العربية.
في بيانه قال أمير قطر إنه يأمل في أن تسهم القمة العربية الـ26 المنعقدة في شرم الشيخ المصرية، في دعم وتعزيز التضامن والتعاون والعمل العربي المشترك لما فيه خير وصالح الشعوب العربية، وهو ما يلقي الضوء على العلاقات المصرية- القطرية التي مرت بمنحنيات شديدة منذ مظاهرات 30 يونيو في 2013، وتوترت العلاقات بسبب ما اعتبرته الحكومة المصرية تحريضا وتدخلا في الشأن المصري، وظلت الخلافات تشتد على المستوى الدولي والإعلامي بين البلدين، وتعد زيارة الأمير القطري، تميم بن حمد آل ثاني، الأولى بعد تولي الرئيس عبدالفتاح السيسي الرئاسة.
وتأتي القمة العربية، اليوم السبت، في مدينة شرم الشيخ، بمشاركة 14 رئيسا وملكا عربيا، برئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتستمر مدة يومين.
وتناقش القمة في دورتها الحالية عددا من القضايا الشائكة في المحيط العربي، أهمها الأوضاع في اليمن، ونتائج عملية "عاصفة الحزم" ضد الحوثيين، فضلا عن القضية الفلسطينية، وتمدد نفوذ تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا والعراق وليبيا.
محاولة المصالحة
وناشد ملك السعودية السابق، عبدالله بن العزيز، قبل وفاته، مصر بدعم اتفاق الرياض التكميلي مع قطر في 19 نوفمبر 2014، ورحبت مصر بتلك الدعوة في نفس اليوم، وذلك للم شتات العرب، وفي محاولة لكسب الجانب المصري، اوقفت دولة قطر بث قناة الجزيرة مباشر مصر، في 22 ديسمبر 2014، بعد طلب الجهات المصرية.
وتحدث محلل العلاقات الدولية، محمد أبو النور، عن زيارة الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، وقال أنه يجب التفريق بين أسباب الزيارة، والتي تأتي تحت إطار أممي للجامعة العربية، وليست في ظل تنسيق مسبق.
واشار إلى أن استقبال الرئيس المصري لأمير قطر بنفسه، يعد نوعا من أشكال المصالحة، وذلك لما تمر به المنطقة العربية من صراعات تستدعي اتحاد الدول العربية متكتفة، ولهذا يجب وضع قطر تحت "الإجماع" العربي، وفقا لما قاله.
وأكد على أن مصر منذ الأزمة بين البلدين في 2013، وهي تتبع سياسة الإحتواء وترفض استخدام خيار القوة في علاقتها بقطر، وأضاف بأن المصالحة تتوقف على تغيير السياسات الإعلامية، بالإضافة لتغيير السياسات الخارجية القطرية مع باقي الدول العربية.
تدخل قطري في الشؤون العربية
في ليبيا، ظهر الموقف القطري عندما اعترضت على شن القوات الجوية المصرية، ضربة على مواقع تنظيم "داعش" في ليبيا إثر قيام الأخير بإعدام 21 مواطنا مصريا، حيث وجه مندوب مصر لدى الجامعة العربية، السفير طارق عادل، انتقادات لقطر قائلا "لم يشذ عن الإجماع العربي في هذا الخصوص سوى قطر التي تحفظت على الفقرة الخاصة بحق مصر في الدفاع الشرعي عن نفسها، وتوجيه ضربات للمنظمات الإرهابية التي اقترفت هذا العمل".
إضافة لتصريحات لعدد من المسؤولين الليبيين حول وجود أيادي قطرية، داعمة للإرهاب في الأراضي الليبية، ومشيرة إلى موقفها الإعلامي من تأييد ميليشيات فجر ليبيا.
وعن أحداث القمة العربية السبت، قال رئيس مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية، اللواء جمال مظلوم "المصالحة بين مصر ودولة قطر ليست سهلة، وذلك في ظل عدة سياسات تتبعها قطر سواء من خلال وسائلها الإعلامية-قناة الجزيرة-، وأقوال عن مساعداتها لقوات فجر ليبيا التي تحارب الجيش الليبي.
وذكر مظلوم بأن مصر لا تمانع من المصالحة مع قطر، وظهر ذلك خلال الاستقبال الحافل من قبل السيسي للأمير القطري لحظة وصوله لحضور القمة العربية ال26 بشرم الشيخ، حيث استقبله "مبتسما"، واخذه بالأحضان.
وأشار إلى أن التحفظ القطري ليس مستغربا لأنه يؤكد مرة أخرى خروج قطر عن الإجماع العربي فيما يتعلق بالحفاظ على العمل العربي المشترك وحق وسيادة الدول العربية بما في ذلك ما قامت به مصر. وشدد على أن موقف قطر التي دأبت على اتخاذ هذه المواقف المناوئة لمصر إنما يؤكد انعزالها التام في الجامعة العربية بخروجها عن الإجماع العربي.
عاصفة الحزم
وفي تقارب جديد، حدث توافق في الموقفين القطري والمصري في عملية "عاصفة الحزم"، والتي شارك فيها الدولتين ضمن 10 دول عربية أخرى في اليمن.
ويأتي طلب الجانب المصري لتشكيل قوة عربية مشتركة خلال القمة العربية هو سبيل آخر لاستعادة العلاقات بين البلدين، وذلك لنشر السلام في المنطقة ومكافحة الإرهاب.