التوقيت الثلاثاء، 10 يونيو 2025
التوقيت 07:52 ص , بتوقيت القاهرة

حلمنتيشي

فيه ناس بـ تستخدم كلمة "حلمنتيشي" بمعنى: فكاهي أو كوميدي أو كليشنكان أو بزرميط، أو حاجة بسيطة كده على قدها، بس مش هو ده معناها اللي اتعلمناه.

حسين شفيق المصري، هو اللي اخترع المصطلح، اللي ليه معنى محدد، هو لون من الشعر ظهر من حوالي 100 سنة، وله نجوم ومعلمين وأسطوات وتلاميذ، وناس يا دوب عملوا محاولات، وسبب التسمية إن فيه فرقة كانت بـ تقول أشعار شفيق المصري، كان اسمها "حلمنتيش".

إيه معناها بقى ومين حسين شفيق المصري؟

ده شعر بـ يحافظ على الوزن والقافية بالشكل العمودي التقليدي جدا، لكن بيستخدم، أحيانا، مفردات عامية، أو تركيبات عامية، من غير الإخلال بسلامة والصرف والعروض والقوافي. من هنا بـ تيجي الفكاهة، وكل ما الشاعر حافظ أكتر على القواعد، يبقى حلمنتيشي متمكن أكتر.

شفيق المصري ده واحد من الصعاليك الكبار، اتولد أواخر القرن الـ 19، واتوفى 1948، واشتغل فـ كل حاجة وأي حاجة، وكان شاعر معروف في بدايات القرن العشرين، وله شعر ما يفرقش كتير عن أحمد شوقي وحافظ إبراهيم والبشرية دي.

ما تعرفش إزاي طلعت فـ دماغه، يعمل الشعر بالشكل ده، مثلا:
لزينب دكان بحارة منجد
تلوح بها أقفاص عيش مقدد
فمالي أراني وابن عمي مصطفى
متى أدن منها ينأ عنها ويبعد
يقول وقد ألقى الرغيف وسابني
ألست ترى بعلها عويس بن أحمد
فأقبل زوج الست يلعن أمها
ويسعى إلينا بالمداس المهربدِ

كتب شفيق المصري حاجات كتير بالشكل ده، وأغلبها تقليد (بـ يسموه معارضة) للقصايد العربية المشهورة، خصوصا المعلقات، وسماها مشعلقات شفيق المصري، وفيه حاجات لطيفة جدا، زي القصيدة اللي كتبها معارضة لقصيدة: مالي فتنت بلحظك الفتاك، واللي كان بيقول فيها: إخيه ع البقف الذي رباك.

بس قراية الحاجات دي دلوقتي صعبة لأنها مركبة، لازم تعرف الأول اللغة الأصلية المكتوب بيها، علشان تعرف فين المفارقة.

بعد المصري ظهر ناس مش كتير عملوا الحكاية دي، منهم عبد الوارث عسر الممثل، وأبو بثينة الشاعر، وكذا حد ما عرفناش اسمه، لكن عرفنا الشعر اللي كتبوه، لكن من أظرف وأجود الناس اللي كتبت الشعر الحلمنتيشي شاعر راحل من أسيوط هو محمود شوقي أبو ناجي.

الراجل ده قابلته في أسيوط، في طفولتي وبدايات تعرفي على الشعر أيام إعدادي وثانوي، وكان من الناس اللي اتعلمت منهم أساسيات كتابة الشعر العمودي، وازاي تحافظ على وزنك وقافيتك ونحوك وصرفك في القصايد، وياما رحنا بيته في مركز أبو تيج، وكان بشكل عام من أخف الناس دما.

أبو ناجي كان بيراسل تقريبا كل المجلات الثقافية العربية، ويبعتلهم الشعر الحلمنتيشي، وكتير مجلات نشرت له، ولما كان بيروح ندوة أو أمسية كان نجم في أقاليم مصر كلها.

من القصايد المشهورة لأبو ناجي، قصيدة اسمها "بيجماليون"، وكان الشاعر سعد عبد الرحمن (رئيس هيئة قصور الثقافة سابقا) كاتب قصيدة عن أسطورة "بيجماليون"، الفنان اللي بنى تمثال واتعلق بيه وبعدين هده.

أبو ناجي عمل معارضة للقصيدة، وكانت مسخرة، اللي فاكره منها:
هردومة اللحم والمحشي والمرق
سال اللعاب لها والقلب ينفتق
كأنني جردل مخلوعة يده
مفعص القعر مرمي ومندلق
أو كالبهيم على البرسيم وهو على
جوع مقيم فلم يعبأ بمن زعقوا

المشكلة اللي ما خلتش اللون ده يستمر، هي إن الشعر العمودي نفسه اختفى، وما بقاش حد يكتبه ولا يقراه ولا يتذوقه، فـ بالتالي السخرية نفسها مش باينة، لكن تقدر تعتبر عمرو قطامش امتداد للون ده بمعنى ما، خصوصا قصيدة "شاب سيس" اللي اشتهر بيها أول ما طلع، بس كمان هو ما استمرش، يعني ظهر زي إيفيه، وما عادش ينفع تسمعه تاني.