التوقيت الإثنين، 20 مايو 2024
التوقيت 03:17 م , بتوقيت القاهرة

محمد صبحي.. مواقع التواصل تخرج عن طابور "بابا ونيس"

"اتفقت أنا وزوجتي أن نربي ابنائنا على الأخلاق والقيم لنقدمهم للمجتمع أبًا عظيمًا وأمًا فاضلة ولكننا اكتشفنا ونحن نربي ابنائنا أننا نربي أنفسنا معهم".

يصطف الأبناء الأربعة في طابور الصباح الروتيني، كلٌ حسب ترتيبه طولًا وعمرًا، وعلى يمين الأب تقف زوجته "مايسة"، التي تشفق على أطفالها من حديث الثلاثاء لـ"ونيس"، المحامي المثالي الذي يشع أخلاقًا منذ بداية الحلقة حتى النهاية، رغم أنه يقع في الأخطاء التي يحذر منها أبناءه أعزاءه فلذات أكباده، الذين ينتشرون سريعًا قبل أن يستدير ليكمل أقواله المأثورة، وكعادته ينهي المشهد بـ"حسبي الله ونعم الوكيل".

يرفض الأبناء -صراحة- طابور الأب عندما اصطدموا بالواقع (الجزء السادس 2009: الجزء الثامن 2013)، بالمثل لم يتقبل جيل التسعينات الاصطفاف أمام محمد صبحي في طابور الأخلاق، لعبت ثورة 25 يناير 2011 دورًا في كسر تماثيل الفضيلة لبعض الشخصيات السياسية والفنية، بعدما ظهر تخبط القُدْوَات في موقع التسجيلات المرئية "يوتيوب"، تحير جيل الكبار أمام تمرد الشباب، لم يعد محمد صبحي في عيونهم فارسًا بلا جواد، بعدما تضاربت مواقفه السياسية مع الثورة، أشاد بها ثم انتقد بعض نتائجها، من هنا بدأ شوطًا جديدًا من السخرية على ناظر مدرسة الأخلاق الحميدة مثلما ذكر أحد المستخدمين على "فيس بوك". 

في منتصف التسعينات بدأ عرض أولى أجزاء "يوميات ونيس"، وكانت حلقات متفرقة لأسرة مصرية من الطبقة المتوسطة، وعلى مدار 19 عامًا، تشعبت القضايا الأخلاقية بعد انتقال الأسرة إلى الحارة الشعبية بعد انهيار العقار، ثم بدأت مرحلة تجميل الحارة، وفي الجزء الرابع للمسلسل  تلاقت أحلام ونيس أبو الفضل جاد الله عويس، مع طموحات القروي الساذج سنبل شحاتة مرزوق من السنيطة مركز أجا دقهلية (الفلاح الذي أخرج محمد صبحي في الثمانينات من عباءة علي بيه مظهر)، في مشروع تعمير الصحراء، بعد ذلك تعود الأسرة للقاهرة مع تولي الأب منصب نائب المحافظ، عام 1998.

في 2009، يتمرد الشاب العشريني على وصايا الوالدين بمتابعة رحلة الأسرة "الونيسية" العائدة بعد 11 عامًا في الجزء السادس، دعم ذلك رحيل ميساء (سعاد نصر)، وأحمد بدر الدين (المخرج)، كبرت هدى "الزئردة"، ولم يعد ونيس قادرًا على حملها بيد واحدة من خصرها وهي نائمة، نضجت جهاد واعتزلت مدرسة القرع المباشر، وأصبح عز الدين أبًا بعد مراهقة عاطفية مع رابحة ثم مجبورة، وكذلك دكتور شرف الدين لم تعد شقاوته تناسب البالطو الأبيض والسماعة، لهذا استأنف محمد صبحي الرحلة الأخلاقية مع الأحفاد.


في برنامجه "أعزائي المشاهدين مفيش مشكلة خالص"، قدم محمد صبحي في موسميه الأول والثاني، في 2015، ستاند أب كوميدي، ناقش من خلاله القضايا التي تهم الأسرة، مثل التعليم والتعصب والاستهلاك، وفي إحدى الحلقات أشاد بمتابعيه على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وقال عنهم أبناءه، وانتقد من يهاجمونه بالنفاق السياسي، أو من يطالبونه بالتركيز في المسرح والتلفزيون فقط، لأن صبحي المخضرم يلعب في منطقة "باسم يوسف"، لكن بجرعة سخرية مخففة تجاه السلطة، مركزة مع المجتمع، ما صنع تنافرًا مع السوشيال ميديا.

بدأت مواقع التواصل في البحث عن مشاهد ساخنة لصبحي مع هياتم في فيلم "العبقري خمسة"، ونشرت صفحة أسف ياريس، مقطع فيديو في التسعينات لصبحي وهو يشيد بالرئيس الأسبق حسني مبارك، وسرعان ما رد صبحي على صفحته الرسمية، بأن موقفه المعارض بدأ مع بداية الألفية عندما ظهر مشروع التوريث لجمال مبارك.

اعتمد صبحي في برنامجه على طريقة المدرس الذي يقوم تلاميذه، رغم أنه نفى ذلك بقوله: "أنا مش أستاذ والجمهور مش تلاميذ ولازم كلنا نفكر إزاي نخلي بلدنا عظيمة ولازم نعرف أن جزء من هذه العظمة هو سلوك المصريين"، لكن فقرات الحلقة التي تعتمد على الخطابة والمباشرة كانت توحي بعكس ذلك.



تنقسم علاقة محمد صبحي مع الأخلاق الحميدة على مواقع التواصل إلى شقين، الأول ما ينشر على صفحته الرسمية من مقتطفات أعماله الفنية، والثاني يتمثل في كوميك السخرية التي تشير إلى احتكاره للأخلاق، وأصبحت الإشارة إلى الأخلاق والتهذيب كلمات سيئة السمعة على مواقع التواصل الاجتماعي، عندما تقترن باسم محمد صبحي، كان بالأمس فارسًا ومعلمًا فاضلًا واليوم مخادعًا مثلما يصوره البعض. 

على النقيض هناك فريق يردد: "بابا ونيس.. ماما مايسة.. احنا ولادكم هنرفع راسكم"، يتابعون بشغف ما تنشره الصفحة الرسمية للفنان محمد صبحي، يتفاعلون معه بالإشادة بتاريخه الفني، ويشكرونه على دوه التربوي الذي قدمه في أعماله الدرامية، لكن خارج حدود تلك الصفحة يتواجد تلاميذ مشاغبون فروا من حصة الأخلاق، لإسقاط الهالة النورانية التي تحيط بـ"ونيس"، من منطلق أن ما يكتبونه عن الأخلاق ومحمد صبحي "بالعربي الصفيح" مجرد "وجهة نظر".
متداول على مواقع التواصل - بريشة الفنان سيف شعراوي