التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 11:32 م , بتوقيت القاهرة

في ذكرى وفاته.. حسن الأسمر بين كتاب حياته و"فشله في التمثيل"

يجلسون الخمسة في مغارة بالجبل، هم هاربون من القانون لأسباب مختلفة، تجار مخدرات وسلاح وهاربة من السجن، فجاة يندفع هواري الأسمر في إلقاء موال قائلا " سألوني أنا مين" لتبدأ واحدة من أشهر أغاني المطرب الراحل حسن الأسمر -الذي توفي في مثل هذا اليوم 7 أغسطس عام 2011- لتنهض بعدها هبة لترقص على إيقاع الأغنية السريع، قد تتوقف قليلا متعجبا من إيقاع الأغنية الراقص وكلامها الحزين، لتدرك بعدها أنك تستمع إلى صيحة أخيرة يطلقها طير ذبيح يرقص من الألم، هذه الصورة التي جسدها حسن الأسمر بصوته فقط بينما حاولت مديحة كامل أن تجسدها برقصها ليصبح أحد أهم مشاهدها في السينما هو هذا المشهد في فيلم "بوابة إبليس" والذي عرض في 6 سبتمبر عام 1993.

نقطة تحول

لم يدرك ذلك الرجل الصعيدي الذي جاء هو وعائلته من محافظة قنا بحثا عن حياة أفضل في زحام القاهرة، أن هذا الزحام يوما ما سيسير على صوت ابنه وأغانيه، لم يتوقع لأنه سيكون أبا لابن سيصبح واحدا من أساطير الأغنية الشعبية في مصر خلال الأعوام المقبلة.

ولد حسن الأسمر في 21 أكتوبر عام 1959  بالقاهرة تحديدا في حي العباسية حيث استقرت عائلته، سريعا يدرك الطفل الأسمر صاحب الشامة المميزة أنه يحب التمثيل، الفتى الأسمر يحلم أن يقف على خشبات المسارح وأمام كاميرات السينما يحاول مرة وأخرى وفي إحدى المرات يكتشف أصدقاؤه أن حسن صاحب صوت جميل فيقنعونه بالغناء لتبدأ العجلة في الدوران.

الأسمر ذو الإحساس العالي أصبح أحد نجوم الأفراح الشعبية يطلبونه بالاسم، فقط كان أفضل من يؤدي فن الموال الذي يلاقي قبولا وترحيبا كبيرا من كل مستمعي ومتذوقي الأغاني الشعبية في مصر، سريع التعلم كان يحفظ العديد من المواويل الشعبية أصبح هو الورقة الرابحة لكل متعهدي الأفراح في شارع محمد علي و غيرها.

ومن الأفراح ينتقل الشاب إلى الملاهي الليلة، نجمه بدأ في السطوع شيئا فشيئا، أصبح معروفا بالاسم أصبح مطلوبا وجدوله اليومي مزدحم ولكنه مازال يحلم بالتمثيل، وفي أحد الأيام يلتقي حسن الأسمر وقريبه الشاعر يوسف طه - الذي كان يكتب له المواويل التي يغنيها - بالملحن هاني فايز والشاعر فايز جعفر اللذان قدما له أغنية حيرتيني والتي تعتبر واحدة من أهم أسباب نجاح ألبوم تاجر الصبر الذي أطلقه عام 1983، لدرجة أنه في تلك الفترة كان يتم الإعلان عن الألبومات الغنائية في التلفزيون فكانت تلك الأغنية هي أغنية الإعلان وسببا في نجاحه.

أمام الكاميرا.. أخيرا

عقب ألبوم تاجر الصبر اتخذ حسن الأسمر مسارا فنيا مختلفا، فأصبح يختار جيدا الكلمة التي يغنيها واللحن الذي يؤديه فنجاح تاجر الصبر وأغنية حيرتيني أثبتوا له أن النجاح يعتمد فقط على اجتهاده وحسن اختياره، الغريب أن في تلك الفترة كانت العروض المسرحية والسينمائية بدأت تنهال عليه في البدء كانت عروض تحاول استغلال شهرته كمطرب قبل أن يصبح نجما من نجوم المسرح يطلب وتكتب من أجله الأدوار.

لم تتوقف موهبة حسن الأسمر عند الغناء و التمثيل فقط ولكنها امتدت للتلحين أيضا، فقام حسن الأسمر بتلحين العديد من الأغاني والمواويل تحت اسم حسن عبد العزيز ليصبح الأسمر في منتصف التسعينات واحدا من أهم نجوم الطرب الشعبي في مصر والعالم العربي رغم وجود منافسين من أصحاب الأسماء الكبيرة، حيث كان عدوية مازال يتربع على عرش الغناء الشعبي في مصر، بينما يطمح كتكوت الأمير في اعتلاء هذا العرش يأتي حسن الأسمر لتشتعل المنافسة.

الأسمر في السينما و التلفزيون لم يكن مجرد مطرب يتم استغلال نجاحه في الأفلام لضمان إيرادات مربحة للمنتج ونسب مشاهدة عالية في التليفزيون، بل كان ممثلا موهبا بالفطرة صحيح أن موهبته بالتمثيل أقل بكثير من كونه مطربا، إلا أنه كان يمتلك قبولا فلا تنفر من رؤيته على الشاشة وحضور جيد وأيضا قدرة على أداء المشاهد التي تطلب منه دون أن تشعر بالتكلف أو الإدعاء وربما أبلغ دليل على هذا هو استعانة عدد من المخرجين وعلى رأسهم عاطف الطيب بحسن الأسمر ممثل، حيث اختاره الطيب لتقديم دور زقزوق في فيلم ليلة ساخنة والذي عرض عام 1995.

ولكن قبلها كان الأسمر أثبت حضوره كممثل في عديد من الأفلام والمسلسلات من بينها "فيلم عيون الصقر إخراج إبراهيم الموجي عام 1992، وفيلم بوابة إبليس إخراج عادل الأعصر عام 1993 وفيلم زيارة السيد الرئيس للمخرج منير راضي عام 1994 وأيضا دوره في مسلسل أرابيسك عام 1994".

قدم الأسمر في مشواره الفني حوالي 55 عملا فنيا تنوعت بين المسرح والتلفزيون والسينما و من ابرز مسرحياته التي قدمها " حمري جمري وباللو عام 1995 و من اهم المسلسلات التي شارك فيها مسلسل يوميات زكي الناصح عام 1990 مع النجم سمير غانم ومسلسل جحا المصري عام 2002 مع النجم يحيى الفخراني و كان اخر ظهور له على الشاشة عبر مسلسل قمر عام 2008.

وفي مثل هذا اليوم 7 اغسطس عام 2011 توفي صاحب الصوت الإنساني الرقيق - كما وصفه صلاح السعدني- إلى رحمة الله إثر أزمة قلبية حادة.