التوقيت السبت، 28 يونيو 2025
التوقيت 01:44 م , بتوقيت القاهرة

4 شعراء قدمهم صلاح جاهين للجمهور

صلاح جاهين
صلاح جاهين

جاهين، هذا الاسم الذي ما أن يقفز إلى الأذهان، حتى تتداعي الصور والكلمات، فهو يحتل مساحة كبيرة في عقل و ثقافة كل المصريين، جاهين بطفولته وصبيانية وعشقه للحياة واكتئابه، جاهين بنشاطه وحيويته وحركته الكثيرة التي كانت معروفة عنه رغم جسده الكبير، صلاح جاهين قدم للفن والثقافة العربية العديد من القصائد والأغاني والأفلام والرسومات، ولكنه أيضا قدم إليها هديه أخرى، هدايا جاهين كانت شعراء أخرون.


فؤاد حداد


فؤاد حداد


"لأ، لأنه بيهرب من الأضواء متعمدًا، وأنا بانتهز الفرصة عشان أقدمه وكل الناس يشوفوه ويعرفوا أنا بحبه ليه؟"
كان هذا رد جاهين على الإعلامي طارق حبيب حينما سأله مستغربا إذا كانت مواعيد "فؤاد حداد" سيئة، رغم أنهم في نفس العمر والسن تقريبا، إلا ان هذا لم يمنع أن يكون صلاح جاهين هو من عرف الجمهور على فؤاد حداد.


حينما أعتقل حداد عام 1953، كتب في المعتقل قصائد ديوانه الأول "أحرار وراء القضبان" ولان صلاح جاهين كان أحد أعضاء الحركة الشيوعية في مصر "حدتو" وفؤاد أيضا فقرأ صلاح ما كتبه فؤاد ليجد نفسه أمام شاعر عملاق يزداد طوله وعرض مع كل كلمة يلتهمها صلاح التهاما.



ليقوم صلاح بالتعرف على فؤاد حداد فور خروجه من المعتقل، تلك المعرفة التي تتحول لصداقة والصداقة تتحول لمصاهرة ونسب، صلاح لم يترك أذن تسمعه لم يسكب فيها كلمات فؤاد، لم يترك مناسبة إلا وذكره فيها، حتى حينما غاب حداد عن الساحة لاعتقاله ضمن حملة الاعتقالات الواسعة التي تعرض لها الشيوعين في مصر عام 1959، ظل حاضرا على لسان صلاح جاهين.


حينما طلبت الإذاعة من صلاح جاهين أن يكتب لهم " المسحراتي" لم يتردد جاهين وقال، في حد يكتبها أحسن مني" ورشح لهم فؤاد حداد، حتى صديق جاهين المقرب "سيد مكاوي" تقاسموه سويا، فلحن الشيخ سيد لفؤاد حداد عديد من الأغنيات من أشهرها "المسحراتي والأرض بتتكلم عربي" وغيرها.


الأبنودي


عبد الرحمن الأبنودي


 


نزل من بطن أمه..
بصراخ موزون مقفى
وكإن فنه.. دمه
وتقيل مع إنه خِفه..واسمه.. صلاح جاهين
من صغره آخر شقاوة
وله أمور عجيبة
يرسم رسومات نقاوة
ويقول حاجات غريبة... تأليف صلاح جاهين


هكذا قال الأبنودي عن جاهين، البداية كتب الأبنودي قصيدة بعنوان " دودة القطن" وأرسلها لمجلة صباح الخير، لتقع في يد صلاح جاهين، ليعجب بها وبالشاعر أيضا دون أن يراه، ولاهتمام جاهين بالقصيدة قررت الإذاعة تحويلها لأغنية، ليحدث الأبنودي جاهين فيؤكد له جاهين الخبر، ليطير الأبنودي من الصعيد للقاهرة، ويطلب منه جاهين أن يذهب للأستاذ محمد حسن الشجاعي في الإذاعة للإتفاق، ليتسلم الأبنودي أجره الأول من الإذاعة "خمسة جنية" عن الأغنية وطلب بكتابة 3 أغاني أخرى.


العلاقة بين الأبنودي وجاهين كانت مختلفة كثيرا، فهم أصدقاء، ولكن لكل منهم إتجاهه في الحياة والشعر أيضا، حينما حافظ الأبنودي على هويته الصعيدية في كل اشعاره واغانيه، كان جاهين يحافظ على هويته الجاهينية البسيطة في كل ما كتب.


وظلت العلاقة وطيدة حتى حدث صدام بسبب حوار للأبنودي قال فيه عن صلاح جاهين" انه أخذ الحلم بعيدا جدا على ارض الواقع الذي نعيش فيه" ليطلب جاهين مقابلته ويجلسان سويا في كافيتريا الأهرام يتناولان الغداء ليرد عليه صلاح جاهين قائلا "أن الشعر يقوم على الحلم بالأساس، وأظن أننا حين نحلم لابد ان ننام ونحن نرتدي كامل ملابسنا" ويبدو أن تلك الحادثة قد تركت عكارة في نفوس الشاعرين، فقلت اللقاءات وإن كانت استمرت.
ولكن الأبنودي ظل على عهده مع جاهين، حافظا لجميله، فحينما رد جاهين بالرفض على فكرة نشر اعماله الكاملة ضمن إصدارات الهيئة العامة للكتاب، كان الأبنودي هو من جمعها بمساعدة زوجته "عطيات الأبنودي" ونجل صلاح الشاعر "بهاء جاهين"، ونشرت بالفعل.


سيد حجاب


سيد حجاب


من يده يأخذه الشاعر فؤاد قاعود، ليذهب لمنزل صلاح جاهين، الذي كان في جلسه موسيقى مع الموسيقار سليمان جميل، لينهض بعدها جاهين للضيفان، ويقول للشاب سيد حجاب، "سمعنا يا سيدي" ليقول حجاب أول قصائده ، فيطلب منه جاهين المزيد، فيقول الثانية، والثالثة، والأخيرة، وحينما ينتهي، يقفز جاهين في الهواء ويمسك بفؤاد قاعدة وهو يهتف "بقينا كتير يا فؤاد.. بقينا كتير".


ومثلما يحدث في العادة تنفتح الأبواب أما صلاح جاهين، فما أن يعجب صلاح جاهين بشاعر حتى يملأ الأرض والسماء بالحديث عنه، وخطوة في خطوة يتحول سيد حجاب من شاعر شاب في حياة جاهين إلى صديق يداوم على زيارته ولقاءه، ويتحول سيد حجاب من شاعر شاب إلى سيد من سادة الشعر العامي والغنائي تحديدا في مصر.


عصام عبد الله


عصام عبدالله


" ألوان الناس دي أغنية كاتبها شاب جديد اسمه عصام عبد الله، هاتلاقي فيها جرأة غريبة جدا في استخدام الألفاظ"


هذا ما قاله صلاح جاهين عن عصام عبد الله في لقاء له ومعه على الحجار، عصام عبد الله هو الشاعر الذي اسماه جاهين "مستقبل الأغنية"، ليكون عصام هو ثاني فنان يحمل هذا اللقب بعد بليغ حمدي، جاهين وعصام علاقتهم لم تقف عن حد شاعر كبير وشاعر شاب، بل امتدت كالعادة لصداقة عمل.



عصام ألقى بروحه داخل الفرق الغنائية في هذا الوقت، فكان انتاجه موزعا بينها وبين الإعلانات التجارية وبين الأغاني التي كان يكتبها للمطربين وقتها وإن كانت الأخيرة اقل في الفترة الأولى من حياته، بينما جاهين هو الأخر دخل في خضم الكتابة للفرق الغنائية هو الأخر، لتجمعه صداقة وعمل بعصام عبدالله استمرت حتى وفاة جاهين.