التوقيت الجمعة، 17 مايو 2024
التوقيت 01:40 م , بتوقيت القاهرة

عمائم الأزهر فوق منابر الحق.. القوة الناعمة "خشنة أحيانًا" إذا جاءها الباطل

على مر تاريخ الأزهر الشريف، مواقف مشرفة قام بها دفاعًا عن قضايا الأمة الإسلامية والعربية، فمنذ وجود الأزهر على مدار أكثر من ألف عام، ظل مدافعًا عن قضايا الإسلام والعروبة، متخذًا مواقف مشرفة إزائها.


فلم يكن غريب عن الأزهر الشريف مفجر الثورات وملهمها، والمدافع عن الكرامة العربية، أو الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، أن يرفض لقاء كان مرتقبًا مع نائب الرئيس الأمريكي يوم 20 ديسمبر الجاري.


وكانت السفارة الأمريكية بالقاهرة قد تقدمت بطلب رسمي قبل أسبوع، لترتيب لقاء لنائب الرئيس الأمريكي مع فضيلة الإمام الأكبر بمشيخة الأزهر الشريف، خلال زيارته للمنطقة، ووافق الإمام الأكبر في حينها على ذلك، إلا أنه بعد القرار الأمريكي المجحف والظالم بشأن مدينة القدس، أعلن الإمام الأكبر رفضه الشديد والحاسم لهذا اللقاء، مؤكدًا أن الأزهر لا يمكن أن يجلس مع من يزيفون التاريخ ويسلبون حقوق الشعوب ويعتدون على مقدساتهم.


وخلال التقرير التالي نرصد أبرز المواقف المشرفة للأزهر الشريف على مر العصور.


الأزهر قديما


في أعقاب الدولة الفاطمية


رفض الأزهر الشريف، أن يكون منبرًا للتشيع، بعدما بناه جوهر الصقلي بأمر من المعز لدين الله الفاطمي، أول الخلفاء الفاطميين بمصر، بعدما أسس مدينة القاهرة، شرع في إنشاء الجامع الأزهر، ووضع الخليفة المعز لدين الله حجر أساس الجامع الأزهر في 14 رمضان سنة 359 هـ - 970م، وأتم بناء المسجد في شهر رمضان سنة 361هـ، فتحول إلى المنبر الأول للمسلمين السنة في العالم.


العصر الأيوبي


أعلن الأزهر الشريف رفضه القاطع لأن يكون منبرًا شيعيًا، فتحول إلى أول مرجعية إسلامية سنية، على يد القائد المسلم السني صلاح الدين الأيوبي، بعدما بالفاطميين في عام 1171، وتحول إلى أكبر منارة علمية، حيث ظل مركز تعليم للفقه واللغة العربية، ومكاناً للتعليم، ومنه خرج البغدادي، ودرس فيه عددًا من المواضيع كالقانون والطب.


وفي عهد الأيوبي أنشأ القائد المسلم تعددًا من المدارس بلغ عددها 26 مدرسة يشرف عليها الأزهر في مصر، بينها المدرسة الصالحية خلال عهد صلاح الدين والحكام الأيوبيين الذين أتوا من بعده.


الشيخ العروسي


العروسي والمماليك


عدما حكم المماليك مصر، وتبطش ملوكهم وأمرائهم، انفجر الشعب المصري ضد حكمهم، رفضا لتجبرهم وزيادة فرضهم للجبايات، حيث وقف الأزهر الشريف، في وجه أمراء الدولة المملوكية في مصر، رافضًا الجباية التي فرضها الأمير محمد بك الألفي.


وخرج العروسي شيخ الجامع الأزهر وقتها، ليعلن رفضه القاطع لتلك الجبايات، حيث اعتصم هو وطلابه داخل أروقة الجامع الأزهر، لتنطلق منه بعد ذلك التظاهرات في الشوارع المصرية مستمرة على مدار خمسة أيام، رافضة تلك الجبايات، وظلت تلك المسيرات بقيادة الأزهر، حتى خضع أمراء المماليك، وجلس شيخ الأزهر مع الألفي بك، موقعا وثيقة بذلك في 15 يوليو 1795، معلنًا انتصار الأزهر للشعب المصري.


الشيخ عبد الله الشرقاوي


الشرقاوي ونابليون


عرف عن شيخ الأزهر الشريف الشيخ عبدالله الشرقاوي بالثائر الذي انتصر للشعب، حيث اشتهرت مقالته التي رددها أمام سلطان الحملة الفرنسية نابليون بونابرت، وهي مقولة "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر"، بعدما دعاه بونابرت لأن يكون ضمن رجاله ويعلن ولاءه للفرنسيين.


فحاول بونابرت استمالة الشرقاوي إلى صفه، فعينه واحدًا من أعضاء مجلس الشورى العشرة الذين تقرب بهم قائد الحملة الفرنسية على مصر للشعب المصري، لكنه رفض وانحاز للشعب المصري، وعاش الشيخ الشرقاوي الثورة وانتفاضتها، وأبلى بلاءً حسنًا في حفاظه على الأزهر وحمايته.


ومن ضمن المواقف المشرفة للشيخ الشرقاوي وانتصاره للشعب المصري، عندما طلب نابليون من شيوخ الأزهر في إحدى الجلسات أن يصدروا فتوى يدعون فيها الشعب المصري أن يقدموا له الطاعة والولاء، فتصدى له الشرقاوي طالبًا تنفيذ وعده باعتناق الإسلام، وحبب إليه هذه الخطوة وزينها في قلبه.


الأزهر في العصر العثماني


لم يكتف الشيخ الشرقاوي بالوقوف أمام ظلم الحملة الفرنسية فقط، فقد امتد عصره حتى منتصف حكم الدولة العثمانية، حيث كانت له مواقف مشرفة، وقف فيها أمام ظلم الحاكم العثماني، وقاد مجموعة من العلماء وآلاف من المصريين، وأعلن عزل الوالي خورشيد وتولية محمد علي وأقره السلطان، وكانت أول مرة يختار الشعب زعيمه.


الشيخ الجيزاوي


أبو الفضل الجيزاوي وثورة 1919


لعب الأزهر الشريف في قيام ثورة 1919م، دورًا هامًا للغاية، حيث كان شيخ الأزهر الشريف وقتها الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي، الذي وقف في وجه الاحتلال الانجليزي لمصر، وسار قائدًا للأمة المصرية من الجامع الأزهر للتظاهرات التي رفضت الاحتلال البريطاني، وقدم الشيخ الجيزاوي نموذجًا جديدًا ردًا على محاولات الإنجليز شق صف الوحدة الوطنية، حيث خطب هو والقس سرجيوس، من على منبر الأزهر لمدة 59 يوما متتالية، داعيًا لاستقلال مصر، ومؤكدًا على الوحدة الوطنية ضد محاولات الاحتلال البريطاني.


الجيزاوي والملك فؤاد


وفي أعقاب انتهاء الحكم العثماني، وبعد قضاء مصطفى كمال أتاتورك على "الخلافة العثمانية"، رغب الملك فؤاد الأول في إعلان نفسه خليفة للمسلمين من مصر، لما لها من مكانة كبيرة وسط العالم الإسلامي، ردًا على إعلان الشريف حسين، تنصيب نفسه خليفة للمسلمين.


وتقدمت جماعة الإخوان وقتها، بقيادة حسن البنا، بصفوف من المطالبين بتنصيب الملك فؤاد خليفة في عام 1928، رافعين شعار "الله مع الملك"، فوقف الشيخ أبو الفضل الجيزاوي رافضا تلك الدعوات، ووقف في وجه الملك فؤاد رافضا الإذعان لطلبه.


الشيخ المراغي


الشيخ المراغي والإنجليز


سعى الاحتلال الإنجليزي، بقوة أن يدخل مصر معه في خضم معارك الحرب العالمية الثانية في العام 1939، فوقف الشيخ المراغي معلنًا رفضه القاطع بدفع مصر للمشاركة مصر في الحرب العالمية الثانية ورفض تأييدها، معلنًا أن مصر لا ناقة لها ولا جمل في هذه الحرب.


أثار هذا الأمر غضب الحكومة الإنجليزية من موقف شيخ الأزهر، وطالبت الحكومة المصرية إصدار بيان حول موقف الإمام المراغي، وكان رد شيخ الأزهر على رئيس الوزراء المصري حسين سري باشا الرافض لموقفه، قائلا له "أتهدد شيخ الأزهر؟ وشيخ الأزهر أقوى بمركزه ونفوذه بين المسلمين من رئيس الحكومة، لو شئتُ لارتقيت منبر مسجد الحسين، وأثرت عليك الرأي العام"، فخضع رئيس الوزراء لموقف شيخ الأزهر الرافض، وأنقذ مصر من حرب كانت مصر ستدخل رحاها.


كما كان للشيخ المراغي موقفا آخر مشرف، عندما رفض الاستجابة لطلب الملك فاروق، ملك مصر، بإصدار فتوى تحرم زواج الملكة فريدة طليقته من أي شخص آخر بعد طلاقها، قائلا "إن المراغى لا يستطيع أن يحرم ما أحل الله".


الشيخ سليم البشري


الشيخ البشري والملك فاروق


كان لشيخ الأزهر الشريف الشيخ سليم البشري، موقفًا مشرفًا في سنة 1950م، عندما انتقد شيخ الأزهر بزخ الملك فاروق بسبب رحلة شهر العسل التي قام بها مع زوجته ناريمان، والتي أسرف فيها كثيرًا من أموال المصريين، فوقف له رافضًا أن تكون تلك الأموال التي ينفقها حلال، معلنًا انه يرفض التصرف في أموال الشعب المصري.


إبراهيم إبراهيم حمروش


الشيخ حمروش والإنجليز


ومن شيوخ الأزهر الذين وقفوا أيضا مواقف مشرفة، عندما رفض تدخل السلطة في شئون الأزهر، رافضًا قرار الحكومة بتقليص ميزانيته، وبث روح الحماس في قلوب المصريين، وأصدر بيانًا يطالب فيه بإنهاء الاستعمار، وذلك بعد حصار جنود الاحتلال الإنجليزي مقر الشرطة وقتل جنود مصريين رفضوا الانصياع لأوامرهم.


الشيخ جاد الحق ومفتي القدس


جاد الحق صوت الحق


شملت قائمة المواقف المشرفة، شيخ الأزهر الأسبق الدكتور جاد الحق علي جاد الحق، الذي تولى المشيخة في الفترة من 1982 إلى 1996 ، حيث عرف بمواقفه المشرفة، ونصره لقضية الإسلام والعروبة.


وكانت أبرز مواقف الإمام جاد الحق وقوفه أمام نظام مبارك في مؤتمر السكان الذي عقد بالقاهرة، في العام 1994، ضد بعض البنود الواردة في مسودة إعلان مؤتمر القاهرة الدولي للسكان، معلنا رفضه لبعض القوانين التي وردت بمسودة المؤتمر التي شملت قرارات تناهض الأديان، وتعتدي على الكرامة الإنسانية؛ حيث وجد بعض البنود تبيح الشذوذ الجنسي، وتبيح الإجهاض، والحمل بدون زواج، ووقف وقفته ليعلن أن مصر بلد الأزهر لن تصدر بها قرارات تناهض الأديان وتعتدي على الكرامة الإنسانية.


جاد الحق والقدس


شملت قائمة المواقف المشرفة للشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر الأسبق، في نوفمبر 1995، عقب قرر الكونجرس الأمريكي نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، فثار الإمام وأصدر بيانًا أدان فيه القرار الأمريكي، وقال: (إن أمريكا تزعم أنها صديقة كل العرب، وهي أصدق في صداقتها بإسرائيل تؤيدها وتدفعها لمزيد من العدوان على العرب وحقوقهم).


ودعا البيان الأمة الإسلامية أن تجتمع وأن تكون على قدر المسئولية، ودعا منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية بهيئاتها أن يخرجوا عن هذا الصمت، وأن يدافعوا عن قضاياهم.


الإمام الطيب والقدس


شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب


آخر محطات المواقف المشرفة للأزهر الشريف، ما قام به الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر من رفضه لقاء نائب الرئيس الأمريكي، رافضًا قرار رئيس الولايات المتحدة باعتبار القدس عاصمة للكيان الصهيوني، حيث كان اللقاء مقررًا في 20 ديسمبر الجاري، فأبلغ شيخ الأزهر رفضه لتلك المقابلة، معلنا دفاعه عن عروبة القدس.


مظاهرات الأزهر دعمًا لفلسطين


اقرأ أيضًا


بعد قرار ترامب.. شيخ الأزهر يرفض لقاء نائب الرئيس الأمريكي


صور.. "جمعة" انتفاضة الأزهر ضد تهويد القدس