التوقيت الخميس، 18 أبريل 2024
التوقيت 02:50 م , بتوقيت القاهرة

عصر مارفل يتوسع في Avengers: Age of Ultron

أجمل شيء في تولي شركة مارفل إنتاج أفلام عن شخصياتها بنفسها ابتداء من Iron Man 2008، هو ولاء واحترام صناع هذه الأفلام لطابع الكوميكس الأصلي. النظرة لهذا العالم كعالم مسلٍ عظيم يكفي، وانعدام الرغبة في تغييره لتصبح هذه الأفلام أكبر أو أعمق من الأصل. وهى المحاولة التي نجح فيها كريستوفر نولان مع ثلاثية باتمان، وفشل فيها العديد سينمائيا. وجزء من هذا يعود لفارق الشخصيات بالطبع.


يبدأ المخرج جوس ويدون فيلمه Avengers: Age of Ultron  بما يعكس احترامه لهذا النوع. الكاميرا تلاحق الأبطال في مشهد أكشن طويل تم تنفيذه كمقطع واحد متصل Long take، يقوم فيه كل واحد منهم بمهاجمة أعدائه بطريقته الخاصة، قبل أن تتوقف الصورة مع عنوان الفيلم على لقطة ثابتة للفريق، تصلح لغلاف أحد الأعداد المطبوعة.


بداية ساخنة وطريقة جيدة للترحيب بجمهور الفيلم رقم 11 لـ مارفل. ورقم 2 للفريق بعد الفيلم الأول في 2012.


Trailer


أحد أسباب متعة الفيلم الأول، كان التعارف والتمهيد الضروري لاحتشاد كل هذه الشخصيات لمواجهة واحدة. اللحظات التي يستقبل فيها كل عضو غرابة باقي الأعضاء، ويستقبلون هم أيضا في المقابل غرابته. وهي النقطة التي استثمرها جوس ويدون جيدا في الفيلم الأول، لصناعة أكشن أو كوميديا. ووظف أيضا مقاطع منها للتعارف على شخصيات أخرى خارج الفريق، أو لخلق عقد درامية.


هنا في الفيلم الثاني ومع تحرر المخرج تماما من الحاجة لتمهيد أو رابط بين الفريق بسبب الفيلم الأول، وبفضل أفلام السلاسل الفردية السابقة أيضا، تبدو مهمة بناء الشخصيات الجديدة أسهل نسبيا. لكن للأسف الإفراط في إضافة شخصيات جديدة للموجودين بالفعل وعددهم غير قليل، انتهى بدرجة من عدم التركيز، أنتجت بدورها درجة من عدم الإشباع. لتصبح كل شخصية جديدة عبئا على السيناريو، الذي يتضمن أيضًا ظهورا شرفيا للعديد من الشخصيات التي ظهرت في الأفلام السابقة لمارفل.


نتحدث عن سيناريو يتضمن تقريبًا حوالي دستة شخصيات رئيسية، بعيدا عن شخصيات الظهور الشرفي. وهو رقم غير سهل حتى في فيلم طويل نسبيا، تبلغ مدة عرضه 140 دقيقة.



تتجلى هذه الأزمة مع شخصية Quicksilver  بالأخص. وهي الشخصية التي تنازع عليها استوديو مارفل، واستوديو فوكس الذي يملك الحقوق السينمائية لسلسلة X-Men  بسبب تواجدها في السلسلتين في عالم الكوميكس، قبل أن يتوصلا لاتفاق مشترك يسمح لكلاهما تقديمها سينمائيا بشروط متفق عليها.


توظيف الشخصية وقدراتها في فيلم بريان سينجر X-Men: Days of Future Past  المعروض في صيف 2014 أكثر تسلية. سواء من حيث ظهورها ودورها في الأحداث، أو من حيث الإبهار على المستوى البصري. ويبدو أن جوس ويدون لم يجد معادلة بصرية أخرى غير الموجودة في الفيلم السابق، فاختار الهروب من تكرارها بتقديم معادلة بصرية مختزلة لم تمنح للشخصية رونقها المطلوب. وازدادت الأزمة مع اختياره لـ آرون تايلور جونسون في الدور. الممثل الذي يقدم للعام الثاني على التوالي أداء باهت لشخصية مهمة في فيلم مغامرات ضخم، بعد أن فعل نفس الشيء سابقا في Godzilla 2014.


شخصية Quicksilver كما تظهر في الكوميكس والفيلمين - (من أسفل X-Men: Days of Future Past)


قد يرى البعض الأزمة بخصوصها كنتيجة حتمية لاشتراطات وقيود صفقة الملكية الفكرية، وظهورها السابق في فيلم X-Men الأخير، لكن في النهاية طالما تم اختيارها، كان لابد أن توظف بشكل أفضل، أو يتم استبعادها نهائيا من البداية. وعلى كل الأزمة تمتد لشخصيات غيرها.


تقاس قوة فيلم الكوميكس عادة بقوة وحضور الشرير الرئيسي. في الفيلم السابق منح لوك الفيلم ما يحتاجه. هنا اختار ويدون توظيف تقنيات الـ Motion capture  لتقديم شخصية آلترون، كمعادل خارق شرير ناتج من تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهى شخصية ولدت في الكوميكس الأصلي، من رحم سلسلة أخرى باسم Ant-Man  سنشاهد فيلمها الأول في يوليو القادم.


اقرأ أيضا: أنثى روبوت وقليل من الذكاء الاصطناعي المرعب في Ex Machina


رغم براعة ما شاهدناه سابقا بفضل هذه التقنية في أعمال مثل Rise of the Planet of the Apes، واختيار ممثل قدير مثل جيمس سبيدر لتقديمها، تبدو الشخصية ككل أقل حدةً وخطورةً ورهبةً من المتوقع. شاهد مثلا للمقارنة كيف قدم المخرج بيتر جاكسون شخصية التنين سموج في أفلام The Hobbit التي تم تنفيذها بنفس التقنية. وكيف استفاد إلى أقصى درجة من إمكانيات ممثلها بيندكت كامبرباتش.



مقابل هذا الضعف مع الشخصيات الجديدة، وتكرار العديد من التيمات التي تم استخدامها سابقا بخصوص شخصيات (توني ستارك - ستيف روجرز - ثور)، في أفلامهم المستقلة Thor - Iron Man - Captain America، يمنح سيناريو ويدون هنا المزيد من الحياة لشخصيات (هوك - بلاك ويدو - بروس بانر)، مستفيدا إلى أقصى درجة من وجود ممثل جيد خلف كل شخصية منهم (جيريمي رينر - سكارليت جوهانسون - مارك روفالو). 


روفالو بالأخص يوفر للشخصية وقت هدوئها حضور ممتاز، يعادل ما يمنحه سحرة الجرافيك للعملاق الأخضر هالك عندما يغضب. ويفوز هالك هنا بأحد أفضل مشاهد الإثارة في الفيلم عندما يواجه Iron Man  في معركة تجمع بين الأكشن والكوميديا والفوضى وكل ما أحببناه في عالم الكوميكس. أو بعبارة أخرى: معركة تصلح كإجابة جيدة عندما يسألني أحدهم متعجبا: لماذا تحب هذا الهراء؟!


ولماذا لا نحبه؟!



على صعيد الأكشن والإبهار عامة لا يُمكن الشكوى من الفيلم، الذي يقدم جرعات مكثفة تتواءم مع تكلفته التي تدور في فلك 300 مليون دولار. وإلى حد ما ينجح ويدون في تحويل المعارك الضخمة إلى محطات لتطور الشخصيات، على عكس ما يقدمه مثلا مخرج مثل مايكل باي في سلسلة Transformers الشهيرة، من معارك مُبهرة ومتقنة لكن بدون أي تواصل عاطفي أو إثارة حقيقية للمتفرج. 


في المقابل لا تزال تقنية العرض الثلاثية الأبعاد بدون أي جدوى تذكر. والملاحظ أن صناع الفيلم لم يحاولوا حتى استخدامها من وقت لآخر بشكل منتظم مصطنع، كما فعلوا في الفيلم الأول. وهو ما أعتبره شخصيا اعترافًا غير رسمي، بأنها موجودة فقط للحصول على مقابل أعلى للتذكرة. 


الطابع التليفزيوني متواجد في بعض اللقطات، ويبدو أن ويدون لم يستطع بعد أن يتجاوز تاريخه الطويل مع المسلسلات. والنقطة السلبية الأخرى الأهم هي انعدام التجديد في مشاهد الأكشن سواء كمقارنة مع الفيلم السابق. أو مع أفلام مارفل. أو بالنظر للفيلم بصفة عامة. 



في Captain America: The Winter Soldier أضاف الأخوان روسو لمعادلة الأكشن في الفيلم الثاني عن الشخصية، مشاهد التحام واشتباك يدوي، وفرت حدةً وإثارةً افتقدتها الجولة الأولى من مغامرات كابتن أمريكا، التي اعتمد فيها المخرج جو جونستون على الجرافيك بشكل مستديم وممل.


في Iron Man 3 اختلق المخرج والسيناريست الموهوب شين بلاك، مشاهد أكشن عديدة، يستخدم فيها توني ستارك اضطرارا جزءا واحدا فقط من بذلته المعدنية. وأنتج بفضل هذه اللعبة البسيطة مشاهد طازجة ومختلفة عن الجزئين السابقين، خاصة مع حضور روبرت داوني جونيور ولسانه اللاذع في الشخصية. 


اقرأ أيضا: رحلات روبرت داوني جونيور (من الفن الى الإدمان). 


يفتقد الفيلم هنا لمسة التجديد بالمقارنة، ومن حسن الحظ أنه فيلم ويدون الأخير عن Avengers. المُعلن حاليا هو تولي الأخوين روسو المهمة في ثلاث أفلام، تبدأ بـ Captain America: Civil War  المنتظر عرضه في مايو 2016 وهو الفيلم الذي يستضيف أيضا Iron Man. إضافة اإلى فيلمين باسم Avengers: Infinity War  للعرض في مايو 2018 و2019.



بعد 10 أفلام سابقة، ومثلها على الأقل في الطريق، يبدو Avengers: Age of Ultron  مثقلا بحمل ثقيل الوزن أثناء الإعداد والتنفيذ، باعتباره جسرا ضروريا للربط مع كل ما سبق، والتمهيد لما هو قادم. الحمولة أثرت على الفيلم سلبا بشكل واضح، لكن في النهاية لا يزال يملك ما سيشبع غالبا جمهور مارفل.


في المقابل يظهر سؤال مهم هنا: هل تنجح وارنر مع المخرج زاك سيندر في معالجة نفس الحمولة الثقيلة الناتجة من كثرة الشخصيات في فيلم Batman v Superman: Dawn of Justice  المنتظر عرضه في مارس 2016؟.. أم سيعاني الفيلم من نفس المشكلة؟.. أنتظر قراءة توقعاتكم في التعليقات. 


اقرأ أيضا: باتمان وسوبرمان وأول إعلان لاستثمارات بمليارات.


بقي أن أذكر أن جمهور مارفل أصبح فعلا أشبه بألتراس عالمي!.. حتى فترة قريبة كنت من أقلية تنتظر في القاعات مشهد بعد التترات في أفلامها، بينما يسرع الغالبية نحو باب الخروج. الآن وفي أول حفلة صباحية للفيلم في القاعة الأيمكس، لاحظت أن ما يقرب من 80% من الموجودين لم يتحركوا عند ظهور التترات. هذا مؤشر مهم لتحول الاستوديو نفسه إلى نجم شباك له سمات ومنهج يعرفها الجمهور عالميا. وسنتأكد من هذا ثانية غالبا هذا الصيف عندما يبدأ عرض Ant-Man.



باختصار:
فيلم كوميكس مصنوع بحرفية لعشاق عالم مارفل. الحدوتة والشخصيات أقل تسلية من الفيلم الأول، لكن الأكشن والإبهار على نفس المستوى. إذا كنت من عشاق النوعية فعلى الأغلب اتخذت قرارك بالمشاهدة بالفعل. إذا كنت لا تعشقها لا أعتقد أنك ستجد هنا ما يُغير رأيك. 


لمتابعة الكاتب