التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 05:37 ص , بتوقيت القاهرة

48 عاما على مذبحة بحر البقر.. حق الدم ما زال قائما

مجزرة بحر البقر
مجزرة بحر البقر

«محافظة الشرقية.. مدرستي بحر البقر الابتدائية.. كراستي مكتوب عليها تاريخ اليوم.. مكتوب على الكراس اسمي.. سايل عليه عرقي ودمي.. من الجراح اللي في جسمي.. ومن شفايف بتنادي.. يا بلادي يا بلادي.. أنا بأحبك يا بلادي».

في صباح يوم الثامن من أبريل وتحديدا الساعة 9:20 دقيقة كان لمدرسة بحر البقر موعدا مع دماء جديدة ضمن مجازر الكيان الصهيوني.. عقب استيقاظهم من النوم باكرا خرج الأطفال في طريقهم إلى الجنة، حيوا العلم وأدوا الإذاعة المدرسية، دق جرس الطابور حتى يدخل كل طالب إلى فصله ليجلس على مقعده.

215728
 

بمجرد دخولهم الفصل وفي الحصة الأولى مع صيحاتهم «زرع، حصد» كان هناك صوتا أعلى يحوم باتجاههم، 5 طائرات حربية من طراز "الفانتوم" للكيان الصهيوني تحمل 5 قنابل تزن الواحدة 1000 رطل من المتفجرات، فضلا عن صاروخين أغارت على مدرسة بحر البقر المكونة من طابق واحد ويوجد بها 86 طالبا، ثوان معدودة على أصابع يدك كانت كفيلة بأن تسوي المدرسة بأرض الفناء، لم يتبق من الطلاب سوى «كراساتهم أحذيتهم، وشنطهم»، والبعض أشلاء منهم.

 

تمر اليوم الذكرى الـ48 على أبشع جرائم القرن المنصرف، إنها مذبحة بحر البقر، عندما قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلية مدرسة ابتدائية في مركز الحسينية بالشرقية، ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر للقبول بإنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة «روجرز».

  • الحادث كان هدفه إخضاع مصر وإجبارها على وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الاستنزاف

     

بعد الحادث بدقائق قطعت الإذاعة المصرية بثها لتذيع بيانها العاجل «أيها الأخوة المواطنون، جائنا البيان التالي.. أقدم العدو في تمام الساعة التاسعة و20 دقيقة من صباح اليوم على جريمة جديدة تفوق حد التصور، عندما أغار بطائراته الفانتوم الأمريكية على مدرسة بحر البقر الابتدائية المشتركة بمحافظة الشرقية وسقط الأطفال بين سن السادسة والثانية عشر تحت جحيم من النيران».

موقف مصر ورد إسرائيل

نددت مصر بالحادث المروع ووصفته بأنه عمل وحشي يتنافى تمامًا مع كل الأعراف والقوانين الإنسانية وأنه هجوم متعمد غير إنساني بهدف إخضاع مصر وإجبارها على وقف الهجمات التي تشنها خلال حرب الاستنزاف والموافقة على مبادرة «روجرز»، بينما

بررت إسرائيل مجزرتها بأنها كانت تستهدف أهدافًا عسكرية فقط، وأن المدرسة كانت منشأة عسكرية مخفية.

صرفت الحكومة المصرية بعد الحادث تعويضات لأسر الضحايا بلغت 100 جنيه للشهيد و10 جنيهات للمصاب، وجمعت متعلقات الأطفال وما تبقى من ملفات، فضلاً عن بقايا لأجزاء من القنابل التي قصفت المدرسة، ووضعت في متحف عبارة عن حجرة أو فصل من إجمالي 17 فصلا تضمها جدران مدرسة «بحر البقر الابتدائية» تعلو حجرة المتحف عبارة مكتوبة بخط اليد «متحف شهداء بحر البقر».

ردود فعل دولية

«أنباء مفزعة، عاقبة محزنة يؤسف لها من عواقب، وعندما أرادت إسرائيل اختيار حق الرد فلم تعارك جيشاً بل ذهبت للانتقام من أطفال مدرسة»، هكذا كانت أبرز تعليقات ردود الفعل الدولية، فمع اختلاطه بالاستنكار والغضب إلا أنه كان سلبيًا ولم يتحرك على النحو المطلوب، إلا أن تأثير الرأي العام تسبب في إجبار الولايات المتحدة ورئيسها نيكسون على تأجيل صفقة إمداد إسرائيل بطائرات حديثة، كما أدى الحادث إلى تخفيف الغارات الإسرائيلية على المواقع المصرية، والذي أعقبه الانتهاء من تدشين حائط الصواريخ المصري في يونيو من نفس العام والذي أسقط الكثير من الطائرات الإسرائيلية، وانتهت العمليات العسكرية بين الطرفين بعد قبول مبادرة روجرز ووقف حرب الاستنزاف.

المجزرة في الفن

السينما المصرية تناولت المجزرة الدموية وتحدث عنها فيلم «العمر لحظة» عام 1978، من بطولة الفنانة ماجدة، وأحمد زكي والتي أذيعت فيه أغنية «بحبك يا بلادي» من كلمات فؤاد حداد وتلحين بليغ حمدي، كما تناول فيلم «حكايات الغريب» عام 1992 المجزرة، من بطولة محمود الجندي ومحمد منير وشريف منير.

  • السينما المصرية تناولت المجزرة الدموية وتحدث عنها فيلم «العمر لحظة» عام 1978

الشاعر صلاح جاهين، بدوره وثق المجزرة شعرا في رائعته «الدرس انتهى لموا الكراريس» ولحنها الموسيقار سيد مكاوي، وتغنت بها الفنانة شادية.

ويقول مطلعها: «الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللي على ورقهم سال.. فى قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطفال.. إيه رأيك في البقع الحمرا.. يا ضمير العالم يا عزيزي.. دي لطفلة مصرية سمرا كانت من أشطر تلاميذي.. دمها راسم زهرة.. راسم راية ثورة.. راسم وجه مؤامرة.. راسم خلق جبارة.. راسم نار.. راسم عار.. ع الصهيونية والاستعمار.. والدنيا اللي عليهم صابرة.. وساكتة على فعل الأباليس.. الدرس انتهى.. لموا الكراريس».