التوقيت الجمعة، 01 نوفمبر 2024
التوقيت 02:35 ص , بتوقيت القاهرة

إثيويبا.. الكعبة الجديدة للفرقاء الأفارقة

تصدرت أديس أبابا المشهد السياسي في إفريقيا مؤخرا، وأصبحت الدبلوماسية الإثيوبية طرفا رئيسيا، في أي تسوية أو حوار سياسي، بين فرقاء القارة السمراء.


فربما كان للقهوة الإثيوبية، التي تشتهر بها بلاد الحبشة، مفعول السحر في جذب أبناء القارة السمراء من كل حدب وصوب، لتصبح العاصمة الإثيوبية، كعبة الفرقاء الأفارقة طيلة السنوات الـ4 الماضية.



بلاد الحبشة التي تعد من أقدم الحضارات الإنسانية في القارة، تعاظم دورها السياسي في السنوات الأخيرة، لتحتل مناطق نفوذ تاريخية لدول لها وزنها في إفريقيا.


ومن المتوقع أن تشهد إثيوبيا التي يبلغ تعداد سكانها قرابة 95 مليون نسمة، رواجا اقتصاديا في السنوات المقبلة، في ظل استعددها لتدشين مشروع سد النهضة، أكبر المشاريع الاقتصادية في شرق أفريقيا، ما سيجعلها تصبح اللاعب رقم واحد في منطقة القرن الإفريقي (شرق القارة).



تلعب إثيوبيا دورا مهما في الصراعات القارة الأكثر فقرا في العالم، فقد ظل منبرها التفاوضي ذا صدى واسع على الرغم مما تعانيه حكومة رئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين من نزاعات داخلية، مع بعض القوى السياسية وعلى رأسها "شعب الأرومه" الذي يطالب بالاستقلال، بخلاف الصراعات الإقليمية مع بعض القوى التي تهدد إثيوبيا نفوذها في المنطقة.
 
الحوار الجنوبي ـ الجنوبي 


وضعت إثيوبيا لها قدما في أحدث دولة بالعالم، جنوب السودان التي استقلت في مطلع عام 2011، عبر نافذة التفاوض التي تبنتها عبر منصة الاتحاد الإفريقي، الذي تأسس عام 1963، ومظلة منظمة الإيجاد (منظمة إفريقية مختصصة بالتنمية ومكافة التصحر)، التي تتولى رئاستها، لتحتل مكان مصر الدولة الأكبر في إفريقيا، في رعاية مفاوضات السلام في جنوب السودان.



الحوار الجنوبي ـ الشمالي


مر الحوار بين السودان ودولة الجنوب، بمحطات عديدة إلى أن استقر مؤخرا، في أديس أبابا، في توقيت تتسارع فيه وتيرة الصراع العسكري بين البلدين، وما يحسب للدبلوماسية الإثيوبية هو ارتضاء كلا الطرفين بالتفاوض تحت مظلتها، رغم عدم وصولها إلى حلول جذرية للأزمة، كما فتتحت إثيوبيا أبوابها لفصائل المعارضة السودانية، للإعلان عن حركة "نداء السودان" التي وضعوا بها خارطة للطريق لإسقاط نظم الرئيس عمر البشير، على الرغم من علاقة الأخير القوية بأديس أبابا.



 قلق الجيران
أصبحت أديس أبابا شوكة قوية في ظهر القوى التقليدية في منطقة القرن الإفريقي، وعلى رأسها إريتريا، العدو اللدود لإثيوبيا، حيث خاضت الدولتين حربا ضروسا، راح ضحيتها آلاف البشر، بسبب نزاع حدودي انتهي في بداية الألفية الجديدة، فيما ظل الصومال الذي يعد المنطقة الأكثر توترا في إفريقيا، منطقة نفوذ قوية للجيش الإثيوبي، مدفوعا بغطاء أمريكي لمحاربة "الإرهاب" في المنطقة.



وعلى صعيد آخر، يظل الذئب الأوغندي، الرئيس يوري موسفيني، أكبر رؤساء منطقة القرن الإفريقي، وأكثرهم نفوذا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، قلقا من النشاط المكثف للدبلوماسية الإثيوبية، الذي يمتد من شمال القارة إلى جنوبها عبر شركة طيرانها الأقوى في المنطقة "الخطوط الجوية الإثيوبية".



توسع إقليمي


وتعقيبا على النشاط المكثف للدبلوماسية الإثيوبية، في السنوات الأخيرة، يرى أستاذ العلوم السياسية، بجامعة الزعيم الأزهري السودانية، الدكتور صلاح الدومة، أن إثيوبيا مؤهلة للعب دور أكبر في المستقبل القريب، في ما يتعلق بالصراعات السياسية الإفريقية، معتبرا أن دبلوماسيتها التي ترتكز على أسلوب "المكاشفة"، على حد قوله، جلعت من جميع الأطراف المتصارعة في القارة، ترتضي بها حكما.



وأضاف الدومة، في اتصال هاتفي مع "دوت مصر" من الخرطوم، أن إثيوبيا فرضت نفسها على الولايات المتحدة الأمريكية، كقوة جديدة ناشئة في المنطقة، ما أعطى لكلمتها، صدى مؤثرا لدى جميع الأطراف المتصارعة.


وفي سياق متصل، أشارت مساعد وزير الخارجية المصرية للشوؤن الإفريقية سابقا، السفيرة منى عمر، أن إثيوبيا عملت على تعويض السنوات التي اختفت فيها من الساحة الإفريقية، عبر المظلة الدبلوماسية التي وضعت هدفا رئيسيا لها، وهو لعب دوري إقليمي ودولي في السنوات المقبلة.


وأضافت عمر لـ"دوت مصر" أنه "لا شك أن استضافة أديس أبابا لمعظم الجولات التفاوضية بين الأطراف المتصارعة في إفريقيا، يعطي لوضعها السياسي الدولي ثقلا كبيرا، وبخاصة أنها باتت تمثل القارة دوليا في عدة ملفات هامة، من ضمنها ملف البيئة".
 


وأوضحت أنه "على الرغم من هذا النشاط الدبلوماسي الكثيف، فإن العوائق الاقتصادية، وأيضا الأزمات السياسية الداخلية، ربما تطفو على السطح الإثيوبي قريبا، وتعكر الصورة التي يرها البعض وردية عن قدرة إثيوبيا على قيادة القارة، وربما يكون هذا الدور أكبر بكثير من إمكانيتها، كدولة حديثة وناشئة".