التوقيت الأحد، 19 مايو 2024
التوقيت 04:13 م , بتوقيت القاهرة

س&ج| ما هي النار؟


 في الميثولوجيا الإغريقية، بعد أن استفز بروميثيوس الإله زيوس عدة مرات، كان أكثرها ملحمية حين سرق النار، نبع النور والمعرفة والدفء، عاقبه زيوس وقيده بالسلاسل إلى جبل، لينهش نسر جارح كبده كل يوم ثم ينمو الكبد ليُنهش مرة أخرى.



وقد اعتقد الإغريق أن عناصر الحياة أربعة، الهواء والتراب والماء والنار، ولكن ما لم يعرفوه أن النار، بشكل خاص، تختلف جذريا عن العناصر الأخرى؛ لأن الماء والهواء والتراب "مادة" تتألف من ملايين الذرات المتجمعة معا، ويمثلون الحالات الرئيسة للمادة، التراب "صلب"، والماء "سائل"، والهواء "غازي". أما النار فمختلفة تماما؛ لأنها ببساطة تفاعل كيميائي، ناتج عن تحول في حالة المادة.


فالنار هي تفاعل يتم بين الأكسجين في الجو وبين "وقود" ما، ليس الوقود بمعناه الدارج (البنزين)، بل بمعناه الأصلي. الوقود "Fuel" ربما يكون خشبا مثلا، أو جازولين. لأن النار لا توقد بالطبع لمجرد وجود الأكسجين حول الخشب، فهناك طاقة حرارية لازمة لبدء التفاعل، تسمى حرارة الاشتعال.



لنشرح باختصار ما يحدث حين نشعل نارا في مخيم هادئ على البحر.


1- نجمع بعض الأخشاب (الوقود) ونمدها بطاقة اشتعال، كبريت مثلا مع بعض الأوراق، أو شرارة احتكاك حجرين كما فعل أجدادنا، أو عدسة مجمعة للضوء كما في الأفلام، أو ربما ننتظر برقأ يشعل النار، وإن كان لا ينصح بالطريقة الأخيرة.


2- يبدأ التفاعل الكيميائي الذي ينتج عنه النار، وعند درجة حرارة معينة، تتحلل المادة السليلوزية التي يتكون منها الخشب. هذه المادة المتحللة تنقسم إلى: 


- غاز متطاير: وهو الدخان الذي نراه، والذي يتكون من الهيدروجين، الكربون، والأكسجين


- مادة سوداء Char: وتتكون من الكربون فقط، وهي ما تشتريه حين تشتري فحما من السوبرماركت Charcoal، ولأن الفحم خشب تم تسخينه تماما للتخلص من جميع الغازات داخله، فإنه لا ينتج عنه دخان كالذي ينتج عن الخشب.


- رماد: و هو راسب جميع المعادن غير القابلة للاحتراق في الخشب، كالكالسيوم والبوتاسيوم وغيرهم.



هذا التفاعل الكيميائي ينتج عنه طاقة حرارية كبيرة، هي في الواقع الطاقة المسببة لاستمرارية وجود التفاعل ووجود النار، طالما كان هناك وقود غير مستهلك وأكسجين.


أما عن اتجاه النار، فالغازات داخل النار أكثر سخونة وأقل كثافة من الهواء العادي في الغلاف الجوي، فيتجه الغاز دائما للأعلى، لهذا ترى نار المخيم متجهة نحو السماء، ونجد شعلة الشمعة تبدو كالسهم يشير إلى السقف.


لا تتخيل شكلا آخر للهب؟ حسنا، على اليمين صورة شمعة موقدة داخل سفينة فضاء.