التوقيت الأربعاء، 18 يونيو 2025
التوقيت 08:01 ص , بتوقيت القاهرة

المرأة الملعونة في الإسلام

أول ما يُلفت الانتباه عند المفسرين الثلاثة، فيما يخص المقطع الأخير من الآية، هو استحواذه على عنايتهم البالغة. وإفراد المزيد من الصفحات له. فلإن كان ابن كثير قد اكتفي ببضع كلمات في تفسير "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ.." ربما لقول القرطبي إن كلها خبر، إلا أن ثلاثتهم، هذه المرة، قد أفردوا صفحات لتفسير "وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ. ولعل السر وراء هذه المفارقة يتكشف لنا مع استمرارنا في تحليل خطابهم.

ما حق الزوج على زوجته؟ قال: "لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ."

فكما يبدو واضحا، تُحدد الآية، وبصيغة الأمر، طريقة التعامل مع المرأة الناشز، وبديهي أن يقف المفسر لوهلة كي يحدد معنى النشوز، لغة وفقهاً.

وقد قال الطبري، وأيده ابن كثير والقرطبي إن النشوز يعني الارتفاع. ونشوز المرأة يعني ارتفاعها على زوجها. والمقصود هنا: المتعالية عليه. المُعرضة عنه.العاصية لأمره.وزاد الطبري نقلاً عن بعض أهل التأويل: من ينظرن  إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه، ويدخلن ويخرجن، ومن واستربتم بأمرهن.

وإذا كانت هذه هي المعاني السالبة لتعاطي المرأة مع زوجها، تصبح "الطاعة المُطلقة"هي المعنى الإيجابي تلقائياً، في غير معصية الله طبعاً، وقد جاء حديث الرسول?: لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، من عظم حقه عليها،جاء ليؤكد على هذا المعنى، بحسب ما أورد القرطبي وابن كثير.

وعن أبي هريرة: قال رسول الله?خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك.. ثم قرأ ?: الرجال قوامون على النساء.وكنا قد وضحنا أن حفظتك في نفسها، تعني حفظت فرجها لك في غيابك.

وإذا كانت الأحاديث السابقة قد وردت بصيغة الترغيب في الطاعة، فلم نعدم أيضاً أحاديث الترهيب من مغبة عدم الطاعة، والتي تمحورت، كما أوردها المفسرون، في عصيان أمر الزوج إذا طلب الجماع، ذلك لأن رفض الجماع أو التلكؤ فيه هو قمة النشوز وأقبحه، ويترتب عليه أن تصبح المرأة ملعونة.

فقد جاء في البخاري ومسلم: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتى تصبح. وقد أكدت السيدة عائشة علي هذا المعنى، بل وزادته حدّة، حين قالت: لا تؤدي المرأة حق زوجها حتى لا تمنعه نفسها، وإن كانت على قتب.

ويبدو واضحاً أن هذا القول ليس من عنديات أم المؤمنين، فقد جاء في الأثر: أتت النبي ? امرأة، فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على زوجته؟ قال: "لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ."

أما إذا أردنا أن نعرف ما معنى جملة النبي وعائشة من بعده "وإن كانت على ظهر قتب"توجب علينا أن نذهب إلى شرح الجامع الصغير لنقرأ: كانت المرأة إذا حضر نفاسها أُقعدت على قتب فيكون أسهل لولادتها. إذن؛ فالمعنى الحرفي هنا إذا طُلبت المرأة للجماع، حتى وإن كانت من ألم المخاض جالسة على ظهر بعير في انتظار ولادة متعسرة، توجب عليها أن تلبي رغبة زوجها. توجب عليها أن تجامعه، وهي صيغة غرضها تأكيد المعنى على ما يبدو!

من هذا السياق المتراتب منطقياً بشكل مُحكم، تتكشف لنا كثير من الأمور، نستطيع أن نفهم مثلاً؛ لماذا لا تقدر المرأة أن تصوم تطوعاً إلا بإذن زوجها. فعن ابن عباس قال: لا تصوم تطوعا وهو شاهد إلا بإذنه يعني زوجها. ذلك لأن الجماع مُحرم أثناء ساعات الصوم، والمرأة لابد أن تكون مستعدة في أي وقت زوحها شاء، وإلا صارت ملعونة في السماء. فللزوج وحده حق التصريح بآداء تلك النافلة. 

ولا يتوقف الأمر عند صيام التطوع فحسب، بل ينسحب على كثير من العبادات، منها الحج مثلاً، والذي لا تستطيع أن تؤديه إلا معه.

ولأن صلاح الزوجة كانت أهم عوامله أن تحفظ المرأة فرجها ومال زوجها، فلا تستطيع أيضاً أن تتصدق من هذا المال إلا بإذنه.

فقد جاء في الآثر عن ابن عمر: أتت امرأة نبي الله ? فقالت: ..ما حق الزوج على زوجته ؟قال: لا تتصدق بشيء من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها ملائكة الله وملائكة الرحمة وملائكة الغضب حتى تتوب أو ترجع قالت: يا نبي الله: فإن كان لها ظالما؟ قال: وإن كان لها ظالما.

وبديهي أنه وفي ظل هذه المسؤوليات الجسام، والحقوق التي للرجل على المرأة أن لا نعدم من بين النساء من ترفض مبدأ الزواج من الأساس، خوفاً من التقصير  في إرضاء الزوج، الذي يترتب عليه  لعن الملائكة، ومن ثم تفضيل العزوبية، فالطريق للجنة من خلالها ربما يكون، في رأيهن، أسهل.

فقد جاء عن أبي سعيد الخدري: أن رجلا أتى بابنته إلى النبي ? فقال: إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج. فقال لها: أطيعي أباك. فقالت: لا.حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته؟

فَرَدَّدَتْ عَلَيْهِ مَقَالَتَهَا ، قَالَ: فَقَالَ: " حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ ، أَنْ لَوْ كَانَ بِهِ قُرْحَةٌ فَلَحَسَتْهَا أَوِ ابْتَدَرَ مَنْخِرَاهُ صَدِيدًا أَوْ دَمًا ثُمَّ لَحَسَتْهُ مَا أَدَّتْ حَقَّه قَالَ: فَقَالَتْ : وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا

اقرأ أيضا:

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ

لأن الرجال أفضل من النساء