التوقيت الجمعة، 17 مايو 2024
التوقيت 01:09 م , بتوقيت القاهرة

محمد الصغير أولاد أحمد.. شاعر هاجم شعبه حتى يثور


منذ 6 أعوام حرق "محمد البوعزيزي" نفسه قهرا، فخلد الشاعر محمد الصغير أولاد أحمد اسمه في قصيدة حملت اسم "الفراشة"، وظل يردد فخرا "بو العزيزي والفراشة شرارة ثورة الياسمين بتونس"، ولأن أثر الفراشة لا يزول حتى برحيلها ظلت هي بذهن "الصغير" فكتب عنها بعد 5 أعوام، بداخل المستشفى العسكري بتونس ورغم المرض وصف نفسه بالمحلق كفراشة وسط السحاب، بل أن الموت كان واحدا من بين 3 أحبهم فقابله دون خوف، ليصبح "البوعزيزي والصغير" فراشتين يجمعهما لقاء فوق السحاب. 

 "أُحبُّ ثلاثةً ماتوا: أبي/ والموتَ/ والشعرَ العظيمْ/ أُجلُّ ثلاثةً عاشوا/ الحياةَ/ وبنْتَها/ ومُضارعَ الأفعال في النحو القويمْ/ أُطلُ على الحقيقة: “فوهةٌ جبليةٌ”/ لا الرملُ يُشْبعُها/ ولا الماءُ العميمْ/ أُقلُّ على السفينة نُسْختيْن منَ البلاد/ وخيمة/ أغفو بها/ وأنا أُحلقُ، كالفراشة، في السديمْ...." 

بعد يوم واحد من احتفال محبي الشاعر التونسي " محمد الصغير أولاد أحمد" بعيد ميلاده الـ 61 رحل، أمس الثلاثاء، بعد رحل طويلة من النضال ضد المرض والظلم في تونس، إذ ولد يوم 4 أبريل 1955، في مدينة سيدي بوزيد وسط تونس، ونشأ في الفترة التي كان يخرج فيها الاستعمار الفرنسي من تونس، وكان يسخر دائما بمقولته "وُلدت في فترة ديمقراطية وعشت في وطن ديمقراطي  يتمتع بالحرية".


 

وفي عام 1984 كتب مجموعته "نشيد الأيام الستة"، والتي تزامنت مع ما يعرف بـ"أحداث الخبز" في تونس، وسُجن حينها، وهاجم خلال أعماله تونس جيشا وحكومة شعبا، وكان يقول "نعم هاجمت الشعب أيضًا لأنه لا يغضب لا يثور أمام القمع والظلم".

ويقول للشعب التونسي في قصيدة "إلاهي": "إذا كنت شعبا عظيما فصوّت لنفسك في الساعة الحاسمة.. إذا كنت ترغب في الذّل بعد المهانة أبشر وهيّئ بلادك للضربة القاصمة.. إذا كان يعنيك ذقنك كالتيس قبل الكرامة كُن ماعزا أو وزيرا على أمّة سائمة".



 

ويقول عن هجومه الدائم على الأوضاع التونسية: "هذا أسلوبي نقدي وساخر، وموضوع كتاباتي كله تونس، وأغضب من سكوت التوانسة على الظلم، وأغضب من الهجوم على البو عزيزي أيضا، لكن التوانسة لا يعترفون بأي رمز من رموزهم".

واستقبل انقلاب زين العابدين بن علي على الحبيب بو رقيبة عام 1987 بقصيدة "أقبل الجيش علينا ببيان مدني".

وكان يرى أن تونس منذ عام 1991 دخلت في مرحلة "اليد الواحدة"، التي سيطرت على كل أرجاء الدولة لا إعلام حر ولا ديموقراطية، بل شهدت أفعالا لجبناء لا يحبون الوطن، وفي نفس العام رفض وسام الرئيس التونسي بن علي، ووجه له رسالة ساخرة معتذراً عن قبول الوسام قائلا "إذ طلب من الرئاسة ثمن رابطة العنق وثياب جديدة ليكون في مقام الرئاسة".

ومن بين المناصب التي شغلها محمد الصغير ملحقا ثقافيا بوزارة الثقافة من 1993 إلى 1997، ثم أسس وترأس بيت الشعر من سنة 1993 إلى 1997، وعمل في عدة صحف محلية وأجنبية.

وقبل اندلاع الثورة التونسية عام 2011 كتب "الصغير" قصائد شعرية تنبأ فيها بالثورة، وحصل الشاعر محمد الصغير على جائزة قرطاج العالمية للشعر عام 2011، في إطار الملتقى التونسي الإسباني الأول للثقافة.

وعن ثورات الربيع العربي، قال إنها "كانت حرة في البداية، حتى عبث بها أياد خارجية وانتظر الشعب أن يحصل على فوائد دون أن يقدم شيئا للثورة".

وذكر خلال لقائه ببرنامج "قهوة عربي": "ركزت في شعري على القهر والظلم الذي يعيشه الشعب التونسي، وتعرضت لخضوع الشعب التونسي، بل هددت الشعب التونسي إذا لم يثر سأطلق عليه الشعب التونسي الشقيق، سأتنصل منه، لكن الحمد لله الشباب قاموا بالثورة وكنت ممنوع من الظهور بالإعلام".

واعتبر الشاعر قصيدته "الفراشة" بمثابة طلقة في وجه "بن علي" خلال أيامه الأخيرة بالحكم عندما حرق محمد بو البوعزيزي نفسه وصفه بـ"الفراشة" وظل يردد "اسمه سيظل دائما حاضر في كل بلاد العالم".

وبمجيء حكم الإسلام السياسي لتونس انتقده برسالة ووصفه بـ"الإرهابي"، وقال إنه يرفضه مسبقا كما يرفض المسيحية واليهودية السياسية.

ومن أعمال "الصغير" نشيد "الأيام الستة" و"نحب البلاد"، و "إلاهي"، و"ليس لي مشكلة"، و "الخروج من مقهى الزنوج"، و "حالات الطريق"، وكتب في النثر منها "تفاصيل" و"القيادة الشعرية للثورة التونسية".