التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 12:47 م , بتوقيت القاهرة

روح Poltergeist لا تزال شريرة وبصحة جيدة في نسخة 2015

النسخة الأصلية من الروح الشريرة أو Poltergeist التي أنتجها ستيفن سبيلبرج 1982 وأخرجها توب هوبر، عن سيناريو كتبه بالأساس سبيلبرج بنفسه، واقتبس فيه مخاوفه أثناء الطفولة، تُعتبر من كلاسيكيات هوليوود في الرعب. وأميل بشدة لأسباب يطول شرحها، للرأى القائل إن الفيلم في الحقيقية من إخراج سبيلبرج من الألف للياء، وأن دور هوبر كمخرج انتهى مبكرا بسبب تواجد سبيلبرج المستمر، نظرا لتأجيل تصوير فيلمه الآخر E.T. the Extra-Terrestrial غير المتوقع، وقت التعاقد مع هوبر للإخراج. 


النجاح الجماهيري والنقدي للفيلم تم تتويجه بـ 3 ترشيحات أوسكار (مؤثرات بصرية - مؤثرات صوتية - موسيقى تصويرية)، وخسرها الفيلم كلها بلا استثناء لـ  E.T. the Extra-Terrestrial. 


تميز الفيلم عن غيره وقتها، بابتعاده عن مشاهد الدماء والقتل المعتادة في أفلام الرعب، واستبدال ذلك بإطار مبهر من المؤثرات البصرية وألاعيب الماكياج، في ظل الثورة التكنولوجية التي قدمتها مدرسة سبيلبرج وجورج لوكاس أواخر السبعينات. وهو ما انتهى بفيلم مختلف تم تصنيفه رقابيا PG ليصبح رسميا: فيلم رعب عائلي يصلح لكل أفراد الأسرة!



لاحقا بسبب هذا الفيلم وغيره في الثمانينات، تم ابتكار تصنيف PG-13، وهو تصنيف النسخة الجديدة 2015. وغالبا سيذكر القارئ العزيز الذي عايش عصر نوادي شرائط الفيديو، الفيلم الأول والجزئين غير الناجحين (1986 - 1988) بالاسم التجاري المصري للسلسلة (الفزع الرهيب).     


وبسبب نجاح العديد من أفلام الرعب المشابهة مؤخرا، وكعادة هوليوود في استثمار أسماء ماركاتها التجارية، كان من الضروري أن تستيقظ الروح الشريرة لمُنتج ما، وتقرر عودة Poltergeist إلى الشاشات، لانتزاع بعض الثروات في شباك التذاكر.


النسخة الجديدة الثلاثية الأبعاد سيناريو ديفيد ليندسي أباير الحاصل على بوليترز، ومن إنتاج سام ريمي، صاحب التاريخ الجيد في مجال الرعب، وإخراج جيل كينان، الذي قدم سابقا فيلم التحريك Monster House 2006  الذي لا يخلو من لمسات رعب، عن محاولة 3 مراهقين اكتشاف منزل جارهم غريب الأطوار. 



الفكرة تعرفها جيدا. أسرة تنتقل إلى منزل جديد.. المنزل مسكون.. الغرائب تظهر.. التهديدات تبدأ.. الصرخات تعلو.. ثم يبدأ الكل في ممارسة البروتوكول الإنساني الوحيد المحترم والمعتمد رسميا، للتعامل مع الأشباح: الهروب!


من أجمل عناصر سيناريو الفيلم الأصلي، طريقة توظيفه للديكورات الروتينية، ولأدوات المتعة والتسلية المنزلية، لتصبح أدوات رعب. لعب الأطفال والعرائس مثال، والأخطر من كل ما سبق التليفزيون. خصوصا لجيل عاش عصر البث الهوائي الأرضي، وتابع أحيانا بالصدفة أو الخطأ اللحظات المرعبة التي لا يلتقط فيها الجهاز إرسال، وتسمع فيها صوت الوش المميز، بينما تتوتر جزيئات الصورة كما لو كان هذا الصندوق الصغير مسكونا بآلاف الأشباح، التي تصرخ من أجل الخروج!


هذه النقطة كانت سبب اعتبار البعض رسالة الفيلم تتعلق بالأسر المشغولة بالكفاح المادي، لدرجة اختطاف أولادهم بالمعنى الحرفي لكلمة (اختطاف)، أمام التلفزيون!



أكثر من أي شىء آخر، انتظرت الكثير والكثير من اللعب على هذه الجزئية، بعد 33 عاما بين الفيلمين، استجد فيها عشرات الأدوات والمعدات في حياتنا اليومية، ورغم أن الفيلم يلامس بعضها بالفعل من وقت لآخر (التابليت - الموبيل)، لا يوجد للأسف دور مؤثر قوي لها في الأحداث، أو توظيف مميز ومبتكر، بسبب عجز صناع الفيلم الجديد عن إيجاد معادلة ارتباط.


توجد طبعا بعض الصدمات الرخيصة نسبيا، لانتزاع صرخات سريعة كعادة هذا النوع حاليا، لكن بدون إفراط وابتذال، وبفاصل زمني جيد، مقارنة بالموجود في أفلام رعب رديئة جدا مؤخرا مثل The Pyramid


اقرأ أيضا: لعنة هوليوود أقوى من لعنة الفراعنة في The Pyramid



على عكس المتوقع من مخرج صنع فيلم كارتوني سابق كامل بالجرافيك، اختزل كينان في استخدامه إلى حد كبير، وعاد إلى الحيل أمام الكاميرات، وصنع مشاهد عديدة تُحاكي الأصل. وفي مشهدين أو ثلاثة، نجح في توظيف الـ 3D جيدا، وهو إنجاز لا بأس به مقارنة بالمتوسط السائد عادة في أفلام الـ 3D هذه الأيام!    


النصف الأول قد يكون الأقوى، بسبب اعتماده على معادلة (الخطر غير الملموس بعد للشخصيات)، وهو ما يزداد حدة هنا مع وجود أطفال. واستفاد الفيلم جدا من وجود طاقم تمثيلي ممتاز، يضم سام روكويل في دور الأب، وروزماى ديويت في دور الأم. ويظل دور الابنة المراهقة كما رسمه السيناريو، نموذج جيد جدا للشخصية الطيبة السخيفة المزعجة، التي تتمنى كمتفرج أن تبتلعها الأشباح الشريرة وتعذبها في الجحيم للأبد!


في النصف الثاني وعلى عكس الفيلم الأصلي، لم ينجح كينان في صياغة معادلة (الرعب الحقيقي هو ما لا تراه)، واختار إظهار مصدر الرعب بكثافة أكبر. أفضل مشهد صنعه في الحقيقة طوال الفيلم لم يحتاج فيه إلا لـ (شنيور) فقط لا غير. 



النقطة الأكثر سلبية في النصف الثاني، كانت في اختيار جاريد هاريس لدور العجوز الخبير بعالم الأشباح، كبديل لدور أنثوي عظيم في الفيلم الأصلي. أداؤه للدور بطابع خفيف مرح مغامر، غير متلائم مع مقطع أخير يفترض أن يمثل لحظات الذروة في الرعب. 


إجمالا المعالجة الجديدة لا تسعى للاختلاف بقدر ما تسير على نفس الطريق، مع اقتباسات بسيطة من أعمال رعب معاصرة، على رأسها أفلام المخرج جيمس وان الناجحة مثل Insidious - The Conjuring.  


فيلم 2015 عمل جيد بالنسبة لهذا النوع من الأفلام، وعلى الأغلب كان سينال تصنيفات نقدية أفضل بكثير لولا اسم Poltergeist الذي يستدعي مقارنة مع عمل جيد جدا، له رصيد جماهيري عالمي ضخم.



نسخة 1982 كانت شيئا مختلفا عن السائد بمعايير زمنها، ولهذا حققت الخلود واستحقت مكانتها في الذاكرة. نسخة 2015 مسلية ومشوقة ومتقنة لكن غير مبتكرة، ولهذا ستغادرك سريعا الروح الشريرة فيها مع خروجك من القاعة. 


تظل أشباح Poltergeist أسعد حظا من زملائهم في نفس الدفعة!.. لأن المعالجات الجديدة لكلاسيكيات رعب أخرى من الثمانينات مثل The Fog -  The Hitcher-  A Nightmare on Elm Street - The Thing انتهت بأفلام لا تحقق أحيانا حتى عنصر التسلية.



باختصار:
فيلم رعب متقن وسريع يقدم لحظات تشويق وشد عصبي لا بأس بها لعشاق النوعية، وأن كانت مكررة. يمكنك الهروب من نظارة الـ 3D والاستمتاع بروح شريرة ثنائية الأبعاد أكثر رعبا وتشويقا، مع نسخة 1982 الأصلية. 


لمتابعة الكاتب