التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 01:21 م , بتوقيت القاهرة

التليفزيون.. الساحر المتطور عبر الأزمنة

تمكن العالم جون بيرد من اخترع آلة لبث الصوت والصورة عام 1925، بتسليط  الضوء على فتحات قرص ميكانيكي دوار بفتحات صغيرة منظمة في شكل حلزوني، يتسرب الضوء منها  ويعطي إحساسا سريعا بحركة الصور المسجلة على هذا القرص.


بعدها، أصبح القرص هو أساس تجارب تطوير تكنولوجيا نقل الصور المتحركة من مكان إلى آخر، سواء عن طريق الأسلاك أو باستخدام الموجات الهوائية لينتج عنه التليفزيون.



كانت بريطانيا أول من دشنت خدمة البث التلفزيوني المنتظم عام 1936، من خلال هيئة الإذاعة البريطانية BBC، التي تعتبر أيضا أولى مؤسسات التليفزيون، التي تقدم التصوير والبث الحي من خارج الأستوديوهات المغلقة.



كما استطاعت فرنسا أن تدشن أول إرسال تليفزيوني منتظم من برج إيفل عام 1939، ومنحت حكومة فيشي التابعة للألمان حق امتلاك وتطوير وسائل الإعلام المرئي للقطاع الفرنسي الخاص، وهو ما أبطلته الدولة الفرنسية بعد انتهاء الحرب.



أيضا انطلق البث التليفزيوني المنتظم للمرة الأولى في موسكو عام 1939، حيث أحدث علماء الاتحاد السويفيتي وقتها، طفرة  في مجال الفضاء عن طريق الإرسال عبر الأقمار الصناعية، لتصبح محطة موسكو من بين أوائل المحطات التليفزيونية في العالم، التي بثت برامجها فضائيا إلى العالم.



وفي اليابان، يعود تاريخ البث التلفزيوني التجريبي إلى العام 1939، وحتى بداية الستينيات، كان مصدر الجزء الأعظم من المواد المعروضة على الشاشة الصغيرة هو الولايات المتحدة، لكن سرعان ما بدأ اليابانيون إنتاج برامج ومسلسلات محلية. ليتراجع نصيب البرامج الأمريكية إلى 5% من المعروض على الشاشة.



وبدأت الطفرة الحقيقة للتليفزيون وعصره الذهبي فى الخمسينيات من القرن الماضي، وسط منافسة حامية بين شركات التليفزيون الأمريكية الثلاثة الكبرى NBC وCBS وABC، وشهدت بدايات هذه الحقبة أول تفاعل حقيقي، حيث غطت شركة CBS حملات الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 1952، واستمر دور التليفزيون في ترجيح كفة جون كيندي الرئيس الأمريكي على منافسه ريتشارد نيكسون.



أيضاً في الخمسينيات، بدأ انتشار التليفزيون في ألمانيا والدنمارك وهولندا، وبلغ عدد أجهزة التليفزيون في أوروبا عام 1954 مليون جهاز، منتشرة في 8 دول أوروبية، وقدر عدد المشاهدين الأوروبين آنذاك بحوالي 65 مليون مشاهد، وبلغ عدد المحطات 44 محطة تليفزيونية أوروبية.



أما الصين لم يتم دخول التليفزيون إليها  إلا عام 1958، بمساعدة تقنية من الاتحاد السوفيتي. وحدثت ثورة ثقافية بين 1966 و1967، حصدت خيرة المبدعين الصينيين في مجالات الفنون المختلفة، وأدت إلى انحسار عدد محطات التليفزيون الصيني إلى واحدة، خصصت بثها للشعارات.



ولم يخف ذلك على عدد من الدول الصناعية الأخرى مثل إيطاليا وألمانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي، فتعاونت مع الشركات الأمريكية والبريطانية أو من خلال برامج وطنية ذاتية، للدخول في مجال أبحاث صناعة التليفزيون. ولم يتطلب الأمر كثيراً من الوقت، إذ مع إطلالة عقد الخمسينيات كان التليفزيون جهازاً مألوفاً في الأسواق ومنازل الطبقات العليا من المجتمع في الولايات المتحدة وأوروبا، لكنه بقي محصوراً في استراحات العمال والنوادي العامة وقاعات المشاهدة الجماعية في الدول الاشتراكية.




منذ الأيام الأولى لظهور التليفزيون في الأسواق، تميز هذا الجهاز بقدرته على جذب انتباه المارة في شوارع نيويورك وميادينها، وكان انبهارهم بقدراته يفوق كل التوقعات، فقد كان يرون فيه الجهاز الترفيهي الكامل، الذي يجمع بين مزايا الراديو ومتعة الأفلام السينمائية، ويشاهدون فيه المسرح والسينما المنزلية، التي يستطيع كل إنسان أن يستمتع بمباهجها في إحدى غرف منزله بلا عناء. وكان له تأثير السحر في القضاء على أوقات الفراغ التي تمر بسرعة، عندما يجهد الإنسان حاستي السمع والبصر في آن واحد، في متابعة موضوع يعجبه.



أما في الوطن العربي، كانت بداية ظهور التليفزيون  في الخمسينيات ايضا، وكانت مصر من أوائل الدول العربية التي أجرت أول تجربة تليفزيونية عام 1951، عن طريق شركة فرنسية لصناعة الراديو والتليفزيون في محطة إرسال اقيمت في سنترال باب اللوق بالقاهرة.


لكن الإرسال التليفزيوني المنتظم لم يبدأ إلا في أغسطس 1959، حيث بدأ بناء مبنى التليفزيون في القاهرة، وقامت شركة "آر. سي. إيه .r.c.a" الأمريكية بإنشاء شبكة تليفزيون، ليبدأ التليفزيون المصري إرساله المنتظم، مساء 21 يوليو 1960، وغطى القاهرة والمناطق التي تحيط بها، حتى 100 كيلو متر في جميع الاتجاهات، ثم توالت تغطية باقي مناطق الجمهورية. وبدأت دراسة التليفزيون الملون منذ سنة 1966، وبدأ إرساله ملونا في 9 سبتمبر 1976، وكان دائما يتبع وزير الإعلام حتى تعيين رؤساء للتليفزيون.




ثم توالى ظهور التليفزيون في جميع الدول العربية، فبدأ في المغرب تجاريا عام 1954 بالرباط والدار البيضاء،  وفي الجزائر  والعراق عام 1956، وعرف في لبنان 1959، وسوريا 1960، والكويت 1961، والسودان 1963، واليمن الديمقراطية الشعبية (قبل الوحدة) عام 1964، والمملكة العربية السعودية 1965، وتونس 1966، والأردن وليبيا 1968، والإمارات 1969، وقطر 1970، والبحرين 1973، واليمن الشمالي في 1975.

 بدأ التليفزيون المصري إرساله على قناة واحدة، ترسل بثها إلى كل أرجاء الدولة، نظرا لاعتمادها على عدد كبير من المحطات، ومع الوقت زاد عدد القنوات. ومع مرور العصر وتواكب الزمن، يتطور التليفزيون في أشكاله وتقنياته المختلفة.