التوقيت الأربعاء، 24 أبريل 2024
التوقيت 05:14 م , بتوقيت القاهرة

هتلر.. رسام مبتديء خلف وجه وحشي

بعيدا عن شاربه القزم وشعره المثبت، وبعيدًا عن النازية والفاشية والحروب التي اجتاحت العالم. ربما لا يعرف كثيرون الوجه الآخر للزعيم النازي أودولف هتلر، الذي كان فنانًا بمفاهيم نازية، ألوانه المائية كانت غير محدودة، شديدة الشراهة كمن يحاول أن يلتهم العالم في لقمة واحدة.

حاول هتلر أن يرسم بطريقته الخاصة، أن يشيد قصورًا من لون الدم الأحمر. كان يستعرض دائمًا مجموعته الفنية الوحيدة التي تعود إلى العام 1925، إضافة إلى شغفه بفنون الموسيقى والأوبرا. وقال في إحدى المناسبات: "لقد أصبحتُ سياسيًا ضد رغبتي، لو عاد بي الزمنُ إلى الوراء لما اخترت الدخول إلى معترك السياسة، ولكنت فنانًا أو فيلسوفًا". لكن فن هتلر ينطوي ربما على العنصرية من خلال تشييد مبان ذات أسوار، وحصون شامخة تعيد أمجاد الرايخ الألماني. 

لقد وجد هتلر نفسه في مدينة كوزمبلوتانية بحجم فيينا النمساوية، وهي المدينة ذاتها التي سار في شوارعها سيجموند فرويد وجوستاف كليميت وجوستاف ماهلر، لكنه كان فقيرًا تعيسًا ينزوي كل مساء في أحد الملاجئ أو تحت أحد الجسور. وظل فشله المستمر في دخول أكاديمية الفنون يؤرقه، بعد حصوله مرتين على نتيجة "غير مُرض". وبمساعدة أحد الأصدقاء حصل هتلر على بطاقات بريدية باع منها مجموعة للسياح، وكان اليهود من بين زبائنه. 
***
كان هتلر شغوفًا بالفنون الموسيقية وبخاصة (أوبرا فاجنر) إلى جانب العمارة والجرافيك، لكن ذوقه الفني ظلّ غير مستنير، وفي أثناء إقامته في فيينا تعرض هتلر لإهاناتٍ عدّة، وتحول إلى آله للانتقام عند الألمان. كانت الإشكالية في منطق الفاشية، من ينجح من دون الآخر، هل هتلر من أضاف للفاشية أم أنها أضافت له؟ ربما كانت الفاشية لتنجح من دون هتلر، لأنها حركة مبنية على الرؤية الشمولية للعالم ومجريات الأمور. الأمر هو أن هتلر وظف الأدوات الفنية للتخدير، فن الخطابة، تكرار المشهدية، والتصميم الأنيق. ليس فقط من أجل اكتساب قوة بل ممارسة الفن من حين لآخر. وربما يمكن القول إن هتلر آتى بمدأ الآريوسية ومعاداة السامية خدمة لطموحه الفني. كل الأفعال العنصرية على هذا المستوى كان لها بعد استاطيقي كإسقاط على "قبح النازية" في أبشع صورها. كان البرنامج لإعادة تشكيل العالم وفقًا لهذا المذاق الفني.

كان السؤال الدائم، ماذا لو ظل هتلر فنانًا؟ لقد عانى من الفشل الفني عدة مراتٍ، وظل يحلمُ بأن يكون واحدًا من أكبر فناني العالم، لكنه ما فعله الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية لم يكن هينًا، فقد أشار الباحث البورتوريكي صاحب كتاب "المتحف المفقود" هيكتور فيليسيانو، إلى أن "هتلر كان يقف خلف كل عمليات النهب التي تعرضت لها صالات المتاحف الأوروبية، بسبب حبه واهتمامه بالفن، ولرغبته في أن تكون لديه مجموعة أعمال فنية خاصة به، وبناء متحف للفن في فيينا". فذهب الفن، وظل وجه الوحش قائمًا.
***
مجموعة هتلر الفنية