التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 10:11 م , بتوقيت القاهرة

هتلر بين قبلة "كليمت" وفحولة "دالي"

أدولف هتلر، واحداً من أكثر الشخصيات التي عرفها العالم تناقضاً، فهو الشخص الذي أغرق العالم في بحر من الدماء بسبب أفكاره، كذلك هو من سعى ليلتحق بأكادمية فيينا للفنون، فمن أين أتى هذا التناقض؟.. من الواضح أن هتلر لم يكن شخصاً عادياً منذ البداية، كانت لديه امكانيات ومواهب، سعى لتطويرها، كان مطلعاً على الأدب والفلسفة، وعلى حركة الفن الحديث في النصف الأول من القرن العشرين، ومتذوقاً جيداً للموسيقى.

نيتشة وهتلر

يعد الفليسوف الألماني، فريدريك نيتشه، واحداً من أهم الفلاسفة الذين تركت أعمالهم أثرا على فكر الديكتاتور النازي، فقد كان نيتشه متأثراً بنظرية التطور، ومبدأ الانتخاب الطبيعي و"البقاء للأقوى"، وهو فكر مهووس بالقوة، والسيطرة للبقاء، وعليه فقد كان فكر هتلر يرتكز على اعتبار تفوق بعض الأجناس البشرية على الأجناس الأخرى، وليستمر الإنسان في التطور، وجب التضييق على الأجناس الضعيفة حتى تعمل الطبيعة عملها، وتقضي على الضعيف، ليستمر القوي فقط، ويتحول الإنسان إلى "سوبر مان" كما يرى نيتشه.

أكثر ما يوضح تناقضات هتلر الفكرية؛ الفن الحديث، وبالرغم من كراهية هتلر لحركة الفن التشكيلي في أواخر القرن التاسع عشر، فعندما وصل هتلر على رأس السلطة في ألمانيا، وأوربا، كان يتم إعدام كافة اللوحات والأعمال الفنية الحديثة بأمر منه، وكان الفنانون المقيمين في فرنسا، يهربون إلي أمريكا بعدما احتل النازيون باريس، خوفاً على حياتهم، لعل كرهه للفن التشكيلي يرجع إلي أيام صباه، حينما كان يود أن يصبح فناناً، فقدم طلباً للالتحاق بمعهد فيينا للفن عدة مرات، وتم رفض طلباته كلها، بسبب كلاسيكية رسوماته، فقد كان يتبع المدرسة التصويرية في الفن.

لكن رغم كل هذا الكره للفن التشكيلي، يأتي الفنان جوستاف كليمت، أحد أبرز فناني حركة الإنفصال الفني ومؤسسها، وهي مدرسة تدعو لانفصال الفن عن التقليدية، وتأثر هتلر كثيراً بهذا الفنان، وكانت لوحة "القبلة" واحدة من أكثر الأعمال الفنية التي أثرت في شخصية ورؤية الديكتاتور النازي.

أما في مجال الموسيقى، ففي عام 1986، نشر المؤرخ اليهودي المجري جاكوب كاتز كتابه "الجانب الأسود من العبقرية.. ريتشارد فاجنر ومعاداة السامية" الذي يرصد فيه كيف كان الموسيقار الألماني يكره اليهود، وكيف تأثر به أدولف هتلر.

كان فاجنر الموسيقار المفضل للديكتاتور النازي، وتأثر هتلر كثيراً برؤية فاجنر للعالم وبفكره العنصري.

 

هذا بالنسبة لما تأثر به أدولف هتلر، لنرى كيف أثر هتلر في الفن، ربما يكون صادماً للبعض المقطع القادم، فأثناء صعود الرايخ الألماني في أوربا، وانتشار الفاشية على يد هتلر وموسوليني، وفرانكو، سعى معظم الفنانون للهرب من أوربا، خاصة السيرياليون، وعلى عكسهم تقرب سلفادور دالي أكثر من هتلر، ورسم العديد من اللوحات له، وعندما سُئل دالي عن افتتنانه بهتلر، كانت إجابته صادمة حيث قال: " أنا أحلم بهتلر كما يحلم الرجال بالنساء"، ارتبط هتلر عند دالي بالفحولة، وهذا ما تؤكده إحدي لوحات دالي التي يظهر فيها هتلر بوضوح عبر علامة النازية.