التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 09:47 م , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (16)

من فيلم عنتر ولبلب تقدر تستنتج مجموعة حاجات عن رؤية المصريين، ويمكن العرب (بـ اعتبار المخرج فيه حتة لبناني) عن نفسهم، وعن العالم على الأقل في الوقت ده:


أولا، فكرة إننا أذكياء وفهلوية، ونقدر نكسب العالم كله بـ ذكاءنا وفهلويتنا دول، عادي، لما تتأمل التصاعد في الحيل اللي استخدمها لبلب، بدءا من حيلة الأراجوز في القلم الأول، وصولا لـ قيادة طائرة اعتمادا على كتاب لـ تعليم الطيران (كيف تهبط الطائرة) تكتشف العجب.


أكاد أتخيل بديع خيري مع سيف الدين شوكت، وهم قاعدين يكتبوا، وماليهم الإعجاب بـ "لبلب" المفترض، ومتصورين إنه على كل شيء قدير، رغم إمكانياته التعبانة، يعني بـ غض النظر عن إنه ساق الطيارة اعتمادا على كتاب، مفيش ما يشير إنه أصلا يعرف يقرا ويكتب، لأنه غالبا غالبا مش متعلم!


لبلب في الفيلم خدع الشرطة والجيش والمطار ومنظمي السيرك والكل كليلة، بمساعدة بائسة من شخصية أبأس (أكثر بؤسا) اللي هو صاحبه (عبد الفتاح القصري).


ثانيا، الحارة كلها، كلها، مجرد ظل للبطل الفهلوي الذكي الحدق، هل شفت أي حد عمل أي حاجة علشان يساعد بيها لبلب؟ مع إنهم كلهم يا ولداه معندهمش موضوع ولا شغلة ولا مشغلة غير متابعته: هو ادى شمشمون القلم ولا لسه، حتى خدام شمشمون، اللي هو خدام شمشمون (عبد الغني النجدي)، بـ يدعي له ويبارك له من قلبه (عايز نقولك مبروك)، بس ولا مرة خد خطوة في اتجاه تفعيل التعاطف ده، زي ما تكون الحارة في انتظار "اللبلب" اللي هـ يعمل كل حاجة، ويبقى مسئول عن كل حاجة، ويتولى رئاسة جمهورية الضمير مثلا مثلا يعني.


ثالثا، مفيش فرق بين الصهيونية واليهودية والإنجليز وأي حاجة، الآخر بـ النسبة لنا هو آخر، ما نعرفش عنه أيتها حاجة، يعني لما اتغير الاسم من شمشون لـ عنتر، حسيت بـ فرق؟ لا. ليه؟ لأننا مش داخلين في عمق أي حاجة، هم وحشين وخلاص، ونكتفي بس بـ التلقيح في مشهد المفاوضات، اللي مليان كلام عن نقط خلافية مع الإنجليز مش إسرائيل (الكنال، والجلاء وخلافه)، وده طبعا متسق تماما مع فكرة "الكفر كله ملة واحدة"، والكفر مش شرط بـ معناه الديني، لكن بـ معنى "هم"، أي "هم" طالما مش إحنا، مع إننا أصلا مش عارفين "إحنا مين".


رابعا، فيه رهان ما على خفة دمنا، الكاركترات اللي في الفيلم كلها، بما فيها رضوان، كاركترات خفيفة الدم، بـ تحب ترمي الإيفيهات، من أول العظيمة سعاد أحمد أم لوزة، اللي رمت لها تلات أربع إيفيهات خالدين كـ عادتها (سعاد أحمد هي مرات الريس حنفي في "ابن حميدو" لو كنت فاكر)، مرورا بـ البقال والقهوجي، لـ حد الراجل اللي شايل المباخر وعمال يدعي لـ "لبلب" بـ كلام فيه سجع، وأشياء من هذا القبيل.


خفة الدم اللي كتب بيها بديع خيري الفيلم، واجتهد الممثلين في أداءها، والمخرج في قيادتها بـ الفعل موجودين في الشارع، أو كانوا موجودين، بس الرهان عليهم هو محل علامات الاستفهام، والتعجب، وربما الاستنكار كمان.


خامسا، الستات، على عكس الشائع والسائد، المصريين بـ يحملوا تقدير للست بـ شكل عام، حتى لو كان سلوك الرجالة في بعض الأحيان أو كتير من الأحيان (حسب تقديرك) مش ولابد، بس فعلا الست عندها حضور كبير، لولا إصرار لوزة، وتدخلات أمها وإخلاصهم للقضية مكنش لبلب قدر يتنصر في المعركة، بل إنه كمان لولا مرات شمشون الرقاصة مكنش الانتصار ده حصل.


في الآخر، هو فيلم لطيف، جايز مكنش يستحمل كل الكلام ده، وجايز تكون النوعية دي من الأفلام هي اللي بـ تقول، لأن صناعها مش بـ يبقوا قاصدين يقولوا حاجة، فـ بتطلع منهم كل حاجة.


جايز


نشوفكم بقى في أفلام جديدة
صباح الخيرات