التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 01:30 ص , بتوقيت القاهرة

فيفي عبده.. و"مواهاتها" الخمسة

أحبها، وأحبها جدا كمان، بعد تحية كاريوكا وسامية جمال القريبتين جدا لقلبي  وعيني، هي الوحيدة التي عرفت طريقها إلى قلبي بين بنات مهنتها، فلا تستهويني مشاهدة لوسي، التي زاد ارتفاع حاجبيها عشرة سنتيمترات عن المعدل الطبيعي تقريبا من عمق المسافة بيننا، ولا تعجبني دينا، وحدها، فيفي عبده، هي من أحب.


ربما لأنها حقيقية، لا تدعي ولا تتجمل، تعرف أنها الراقصة الشعبية بنت البلد، فلا تضع نفسها في غير مكانها، يوم كانت شابة عرفت كيف تؤدي ذلك أمام كاميرات السنيما، و حين وقفت على المسرح كانت خفيفة على القلب كما ينبغي أن تكون، ولمّا كبرت، عرفت كيف تكون ثريا أبو المجد، أو المعلمة كيداهم.


ربما هي عفويتها وبساطتها في التعامل مع كل شيء، فلا ضرر من نطق إنجليزي لولبي على طريقتها تعقبه بضحكة طويلة،  ولا أزمة في مناقشة أو جدل بينها وبين مخرج برنامجها أو طاقم إعداده على الهواء مباشرة، أو هو حرصها على أن تظهر بأفضل "لووك" حتى إن أضحكتني أحيانا، ربما هو كل شيء تفعله.


أتابع "خمسة مواه" بشغف كبير، وأنا التي يعرف عني الغريب قبل القريب، عزوفي عن مشاهدة التلفاز ومتابعة برامجه على تنوعها، لكن فيفي عبده نجحت من دون خلفية إعلامية، أو حتى فكرة مختلفة تماما عن كل ما يعرض في أن تجذبني إلى برنامجها، وأن تجعلني من دون قصد أتفاعل مع ما تعرض من قضايا، بل ولأقص على كل من أقابل، كيف فاجئت بائعة الجرجير برحلة عمرة، بعد أن زارتها متخفية وراء حجاب.


أنا أصدق فيفي عبده، ربما هي الوحيدة – من بين الإعلاميين- التي أصدق آراءها السياسية من دون شبهة تملق أو نفاق، أصدق أن تفاعلها مع ضيوفها ليس لهثا وراء "الترافيك"، وأن شخصيتها على شاشة ten tv هي نفسها شخصيتها في أي مكان، وتثبت لي أسبوعيا أن ما يخرج من القلب، يصل دائما إلى القلب.


حانق عليّ أنت الآن أو ربما تستغرب ما ستصفه بينك وبين نفسك بـ "تفاهتي"، تستنكر زمنا جاد على "أرتيست" بفرصة الظهور التلفزيوني وتقديم البرامج، بينما يجلس أحد المقربين منك خريج الإعلام في انتظار الفرج، وأنا وإن كنت قد انتظرت الفرج طويلا، أؤكد لك، أن حالة السلام النفسي والروقان التي ستخرج منها بعد حلقة واحدة من 5 موووواه، تستحق عليها فيفي دكتوراه فخرية من إحدى كليات الإعلام، وإن كنت ترى في ذلك مبالغة، دعني إذن، أثبت لك .


** لقطات بعيدة عن 5 موووواه


(1)


أخطر رجل في العالم


أي عبقرية تميز بها ذلك الذي اختار لهذا البرنامج اسماً، "أخطر رجل في العالم"، تركها العبقري مفتوحة فلم يحدد لنا وجه الخطورة تحديدا، والذي صار واضحاً وضوح الشمس في كبد السماء، بعد عرض أولى حلقات البرنامج الذي بدأه معتز الدمرداش مؤخرا.


جيد ألا يتوقف معتز الدمرادش عن البحث عن نفسه، مجربا خلال تلك الرحلة أشياء مختلفة، جيد أن يخرج من قالب التوك شو الذي لا أتصور أن أحدهم قد أضاف للآخر مطلقا، والذي أتصور –تاني- أنه كان سيلائمه أكثر لو أنه توقف عن الاندهاش المستمر، لكن هل يعني ذلك أن يقدم برنامجا ساخرا، لاء وألف لا !


أن أقتنع بمعتز الدمرداش ساخراً، يعني أن أقتنع أنه وفي يوم ما، لعب الفنان والبرلماني السابق حمدي أحمد دور "الأومبا عبعال" في مسرحية ريا سكينة، لو أن أحدهم أقسم لي بأغلظ الأيمان أن حاضراً واحداً ضحك ضحكة واحدة خلال أيا من مشاهدة، ما صدقت أبدا.


مشكلتي الحقيقية دائما في من يجاملون، هؤلاء الذين ينتظرهم مكاناٌ خاصا في الدرك الأسفل من النار، فلولا مجاملاتهم المبالغ فيها، ما صدق معتز الدمرداش نفسه، وما كان أخطر رجل في العالم .


(2)


مذيع العرب


في روايتها "أنا شهيرة"، أبدعت الكاتبة نور عبد المجيد في وصف مرارة سؤال "ليه"، فوحده من دون كل الأسئلة في الوجود يبقى بلا إجابة، لنشقى به أكثر.


اليوم، واليوم فقط، أجرب مدى واقعية ذلك، حين أنظر إلى شاشة التلفزيون وقت عرض "مذيع العرب" في بلاهة، وأتساءل دون أن يملك أحد إجابة على سؤالي، ليه .. أتابع مذيع العرب مضطرة لأجل صديق عزيز جدا جدا يشارك فيه، ولولاه، - وبعد ما ظهر واتطمنت عليه- ما تحملت عشر دقائق، من ذلك البرنامج، الذي يبدو لي أنه سينضم إلى أخيه "صوت الحياة" في قائمة البرامج التي تروج لها قناة الحياة كالعادة وبكل سعادة على أنها "أضخم معرفش إيه في الوطن العربي"، وتطلع على مفيش.


كأحد الذين "اتمرمطوا" بالمعنى الحرفي للكلمة في أروقة إذاعات الإنترنت، وفي رحلة البحث عن واسطة للإلتحاق بإحدى الإذاعات الشهيرة، كنت أتمنى دائما مسابقة لمواهب المذيعين، كنت أنتظر اختبارا حقيقيا يخرج طاقات ويبرز مميزات ويصلح عيوبا، لا عروضا كان أغلبها أجوف بلا طعم ولا معنى، ولا تعليقات سخيفة، أو أسئلة سطحية من عينة "إنت عاوز تبقى مذيع ليه" بابتسامة ضائعة، قضت على الكثير مما لـ ليلى علوي –التي لا أعرف حتى اليوم لمَ وفيمَ كان اختيارها للجنة التحكيم- في قلبي.


(3)


أبلة فاهيتا


لم يجد حرجاً أبدا، في أن ينظر في عيني بثقة، ثم يقول بصوت جهوري بينما نجلس بصحبة نحو 15 زميلا


- علشان إنتي معقدة يا مُنى .


كانت تلك الجملة ردا على أنني اتهمت أبلة فاهيتا بالسماجة وتقل الدم، وأن برنامجها لم يضحكني أبدا.


أعترف فعلا أنني لست من هؤلاء الذين ينهارون ضحكاً على أي شيء، أنا أضحك وضحكتي "فضيحة" فعلا حين يضحكني شيء من قلبي، حين أشعر أنه خرج من قلب من أمامي فعلا، عفويا غير متكلف، وهو ما لا ولن يحدث أبدا مع أبلة فاهيتا.


نجح القائمون على الأبلة أن يصنعوا منها "براند" فعلا، أحترم مجهودهم و"شغلهم عليها" جدا، تعجبني بعض التغرديات حتى وإن لم أفهمها، وأحببت فكرة المشاركة في "ميستاهلوشي"، بغض النظر عن مدى انزعاجي من صوت فاهيتا متحدثة ومغنية، لكن ومع كل ذلك، في حاجة غلط..


جاءت فاهيتا "سئيلة"، في أولى حلقاتها، بمحتوى يكاد يكون عاديا أو أقل، غير متناسب أبدا مع كل هذه الضجة والإعلانات، ولا يستحق كل ما صُرف على ديكور الدوبليكس، ولكن ربما هو احترافنا استغلال الأفكار حتى تستغيث، قدرتنا اللانهائية على إيجاد أبواب لاستغلال نجاح الشيء الناجح، بغض النظر تماما عن إنه ليس كل ما ينجح في مساحة صغيرة، يمكن أن ينجح حين يمنح مساحة كبيرة.


لكن عزائي أن ما قتل اللمبي، سيقتل- حتما- أبلة فاهيتا، يوما ما.


أخيرا، باسم يوسف، و برغم اختلافي معك في بعض الأشياء، لكنني، أقسم بالله، أفتقدك كثيرا، كثيرا جداً.