التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 09:27 م , بتوقيت القاهرة

موسيقى الغجر.. الخرافة وتحرير الجسد

يشبهون السيرك المتجول، يتجولون في كل أنحاء البلاد بكامل عدتهم. إنهم موجودون بين منحنيات الجبال وعلى ضفاف الأنهار، الغجر الذين غنى لهم الشاعر الإسباني لوركا في ديوانه أغاني غجرية.

يؤمن لوركا أن الحرية هي كل شيء، الغجر لديهم موسيقاهم الخاصة المتحررة من القيود والصعوبات، لذلك يستقبل الأسبان الفلامنكو بحفاوة شديدة.

الفلامنكو فن إسباني أصيل ينحدر من الجنوب، وينسبه بعض المؤرخين إلى الحضارة الإيربية القديمة لكنه تطوّر على يد الغجر القادمين من شمال الهند في القرن الخامس عشر الميلادي، أما الفلامنكو بشكله الحديث فيرجع إلى القرن الثامن عشر الميلادي وهو عبارة عن مزيج بين موسيقى المسلمين الشرقية واليهود والغجر كذلك.

وولد من تعبير ناس مضطهدون بسبب ملك إسبانيا عام 1492  الكاثوليكي الديانة (فريدناندفي)، والملكة إيزابيلا بعد أن اصدر مرسوما أن كل شخص يعيش في مملكته لابد أن يغير ديانته إلى الديانة المسيحية الكاثوليكية، ويعتقد أنه بسبب هذا تجمعت تلك المجموعات العرقية المختلفة لمساعدة بعضهم البعض، ومن هذا الخليط من الثقافات ولدت الفلامنكو، وكانت الأغنية تتميز بالحزن والكآبة وكأنها تعبير عن ظلم واقعي وحزن.

الغجر لديهم لغتهم الخاصة وموسيقاهم التي تميزهم، ويغلب عليها طابع الحزن والبؤس المتولد من واقع حياتهم اليومية، بدأوا نشرها وفاضت بها الشوارع والمقاهي وادعوا أنهم أصحاب هذا الفن، لا يتركزون في منقطة بعينها يتجولون حول العالم، يتصفون أحيانا بالقسوة والتقشف من المشاعر لكنهم في الوقت ذاته يؤمنون بالسحر والخرافة والأعمال الخيالية التي لا تعتمد في قوامها على المباشرة والصراحة.

ولا تخلو الثقافة الشعبية المصرية من الغجر، حيث تعتبر قصة الناعسة بنت زيد العجاجي أشهر ما انتشر من موسيقاهم خاصة في الجنوب، وهي العادة التي لا تزال مستمرة حتى اللحظة على شكلها منذ مئات السنين، عازف يمسك بالربابة (التي يرى المؤرخون أن الغجر أتوا بها من الهند معهم) ويبدأ في ارتجال الكلمات عن قصص منها ما هو أسطوري ومنها ماهو متعلق بشخصية محبوبة في البلدة.

تقول في مطلعها أول ما أبدي أصلي على النبي/ نبي عربي والمدح فيه صواب/ عليك صلاة الله يا خير من هدى/ طه الذي نوره ملا المحراب/ أصلي وأحب اللي يصلي على النبي/ صلوا عليه يا جملة الأحباب.

الغجر هم ملح الأرض.. مصدر إلهام لمعظم الفنانين والأدباء.. يطوفون بآلاتهم الوترية ليضيفوا كل ما هو جديد وممتع.