التوقيت الخميس، 28 مارس 2024
التوقيت 02:55 م , بتوقيت القاهرة

عيد للأب وللسند

ألا يستحق منا الأب يوما للاحتفال به بحق! وخاصة من النساء دون الرجال، فدائما ما يدلل الأب بناته أكثر من الأولاد، وتظل الفتاة تتذكره طوال حياتها مهما قابلها من رجال، فهو الرجل الوحيد الذي أحبها دون غرض، سيظل الأب سندا ولو لاح في الأفق ألف ولد، وإن فقدتيه يوماً ستشعرين أن ظهرك بات مكشوفا وأصبحتِ على وجه الدنيا الآخر.. القبيح، هو الأب الذي عودك على عزة النفس وعدم تقبيل يد أحد ولا حتى يديه، سواء انكشف الظهر أو مات السند، فأنت صنيعته وتربيته، ونحسن الرحلة فقط من أجل حصاد ما زرعوه، فالحياة قاسية ولكن مستمرة.


عيد الأب أو الـ father's day ليس بجديد، بل هو يوم تعبر فيه شعوب كثيرة عن عرفانها بالجميل وتقديرها للآباء، يأتي يوم الأب في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا في ثالث يوم أحد من شهر يونيو، وفي استراليا يحتفل به عادةً في أول يوم أحد من شهر سبتمبر، وفي عدد من الدول العربية كسوريا ومصر ولبنان يتم الاحتفال به في 21 يونيو من كل عام، يحتفل في نفس اليوم أيضاً دول كالهند وغانا وباكستان وسويسرا وتركيا، أما إيطاليا والبرتغال وبوليفيا فيحتفلون به في 19 مارس من كل عام .


في البلدان الكاثوليكية احتفل بعيد الآباء منذ القرون الوسطى في 19 آذار / جوان،  وهو عيد القديس يوسف ومع ذلك كان من الصعب الاحتفال بعيد الأمهات دينياً والمهرجانات المكرسة لمريم العذراء أم يسوع ما هي إلا احتفالات تكريماً للعذرية، وتم الاحتفاظ بتاريخ 19 مارس في بعض البلدان منذ الكاثوليكية تقليدياً.

تم إنشاء واحدة من الاحتفالات غير الدينية الأولى للآباء في عام 1912 في الولايات المتحدة، إلا أنه لا يتم الاحتفال بيوم الأب عالمياً كيوم الأم، وقد يكون السبب في الاهتمام بيوم الأم خاصة هو التغطية على وجود قوانين تنتهك حقوق المرأة في جميع أنحاء العالم.

في يوم 21 يونيو دعونا نصر على الاحتفال بذكرى عيد الأب من كل عام لتكريم الشخص الذي له الدور الأهم والأكبر بما نحن عليه، حيث بوجود عيد الأم لا بد من موازنة المعادلة، والسبب لعدم الاهتمام لمثل هذه الذكرى هو ما تتسم به علاقتنا بالأب بنوع من البرود والجفاف على عكس علاقتنا بالأم، والتي تكون دائماً مفعمة بالحنان الذي لا نتردد في إظهاره، بينما نحرم آباءنا من هذه المشاعر، وقد يوجد منا من يندم بعد فوات الأوان وفقدان الأب من عدم بوحه لحبه لأكبر عاشق لنا، ومستعد أن يضحي بحياته من أجل سلامتنا، ويضحي بصحته من أجل إسعادنا وتوفير أسباب راحتنا.

 فالأب يصبح كالإنسان الآلي من حبه لأبنائه مبرمج لهدف معين لا يحيد عنه مهما جرى، لا يفكر بمتعته ولا براحته ولا بسعادته ولا بعمره الذي يقضيه في خدمتنا والحفاظ علينا، حتى وإن أصبحنا كبارا في السن، نبقى أولاده الذين يعشقهم ويفضلهم على نفسه.

احتفالنا بعيد الأب سيذيب الكثير من الجليد بين الآباء وأبنائهم، ويعيد لهم اهتماما يستحقونه، فالفكرة ليست مجرد احتفال، ولكن إحياء علاقات لا تدرك قيمتها جيداً لما اعتلاها من برود آن لها أن تنصهر، وأن نعرف المحب الحقيقي لنا في هذه الحياة.

نحتاج لإقامة عماد هذا المجتمع مرة أخرى، أن نقيم عماد الأسرة ونجبر كسور روابطها وعلاقاتها، وأن نجعل الأم قيمة وفعلاً حاضرين طوال الوقت، وأن نتذكر من لا يقل عنها أهمية في تدشين معمار الاجتماع البشري، ونصون حكمة الله في الخلق، فإذا كانت الأم هي الرحمة والمودة والوجود، فالأب هو الرحمة والإيجاد والأمان.

 يكفينا في هذا اليوم هدفا أن نضمد جراح الروابط الاجتماعية الآخذة في التفكك، ونربت على قلوبنا التي كسرت طوق الونس الاجتماعي والعائلي، وتاهت في صحراء الأيام غير متبوعة سوى بظلالها وحسب.