التوقيت الجمعة، 17 مايو 2024
التوقيت 12:05 ص , بتوقيت القاهرة

جول فيرن.. تنبأ بالنشرات الإخبارية والغواصات في القرن 18

حينما نتحدث عن الخيال العلمي، لا بد وأن نتحدث عن رائده "جول فيرن". في عام 2005 احتفل العالم بمرور 100 عام على وفاة الأديب الفرنسي المولود في 8 فبراير 1828. يعتقد جول فيرن أن الأشكال هي لغة الكون الأساسية فبدونها لا يُمكن أن يتواصل الإنسان مع الظواهر الطبيعية.

كتب "فيرن" روايته الأولى "خمسة أسابيع في بالون"، وهو في الخامسة والثلاثين من عمره، وأصبح ثاني أكثر الكُتاب الذين تترجم أعمالهم في العالم. كتب "فيرن" عن العديد من الاكتشافات والاختراعات العلمية قبل أن تتحول إلى حقائق ملموسة على أرض الواقع. بعد المرحلة الثانوية قام والده بإرساله إلى العاصمة "باريس" ليدرس القانون، قبل أن يقوم بتدوين يومياته ومشاهداته اليومية في قوالب أدبية تنوعت ما بين النصوص، الشعر، والقصص القصيرة.

في باريس لم ينجذب "فيرن" إلى القانون، جذبه شغب المسرح. وبعد أن حصل على البكالوريوس في القانون عى 1850، بدأ في التجريب والكتابة الأدبية، فأنتج مجموعة من المسرحيات وعروض الأوبرا والقصص القصيرة.

أخذ فيرن بنصيحة صديقه الكاتب الكبير "ألكسندر دوماس"، مؤلف الفرسان الثلاثة، والذي شجّعه على التفرغ للعمل المسرحي. بنهاية عام 1850 أنتج فيرن مسرحيتين لكنهما لم يحققا نجاحا ساحقا هما (Blind Man’s Buff) و(The Companions of the Marjolaine). لم تحقق المسرحيتان نجاحا مبهرا، ولكنهما وفرا القدر الكافي من المال الذي مكنه من التزوج بإحدى الأرامل عام 1857. في العام ذاته تمّكن فيرن من نشر كتابه الأول (The 1857 Salon).

 


كان فيرن يأخذ نصائحه باستمرار من فيكتور هوجو، وألسكندر دوماس الأب. كما كتابه الأشهر "حول العالم في 80 يوم" بُني على قصة واقعية. كتابات فيرن عن الاختراعات العلمية جعلت منها واقعا ملموسا ففي عام 1886 حمل اختراع أول غواصة تعمل بالكهرباء الاسم ذاته للغواصة في روايته (Nautilus). في عام 1863 بدأ فيرن في الكتابة عن بعض الأشياء التي أصبحت جزءا من عالمنا الآن، ومنها ناطحات السحاب الزجاجية، القطارات فائقة السرعة، الآلات الحاسبة، وشبكات الاتصال حول العالم. كانت هذه الإشارات ضمن رواية اكتشفها حفيده فيما بعد وتحديدا في عام 1989. وكان فيرن من أكثر الكُتاب نشاطا حول العالم، فقد وصل إنتاجه إلى نشر كتاب في السنة على مدار 40 عاما متواصلة.

لم يكن فيرن من عُشاق السفر، بالرغم من كتابته لكل هذه الرحلات الغرائبية، وكانت أطول رحلة له على متن منطاد، استمرت 24 دقيقة فقط، انتهت حياته الأدبية والفكرية بعد الإصابة بمرض السكري عام 1905.

مع الملك إدجار آلا نبو

في عام 1864 خصص فيرن عملا كاملا لكاتب قصص الرعب الأمريكي "إدجار آلان بو". حمل هذا الكتاب عنوان "حكاية إدجار آلان بو العجيبة". يقول عنه فيرن، "عندما نتحدث عن التأثيرات على الأدب الأمريكي في البدايات، فإن اسما واحدا يتبادر إلى المخيلة ألا وهو إدجار آلان بو، الذي ألف مجموعة كبيرة من القصص المرعبة والغريبة، والذي يعدّ واحدا من أكثر كتاب الولايات المتحدة الأمريكية احترافية". كما يرى أن قصص آلان بو كان لها تأثيرا كبيرا على كتابات فيرن، وخصوصا في رحلة إلى مركز الأرض.


اختراعات تتحول لواقع

 

 

 

في روايته "عشرون ألف فرسخ تحت تحت الماء" سافر كابتن "نيمو" في المحيطات مستخدما إحدى الغواصات التي تُدار بالطاقة الكهربية، والتي تحولت فيما بعد إلى اختراع على أرض الواقع. كما وصف في إحدى مقالاته عام 1889 بديل الجرائد بأنه سيكون هناك أخبار تُبث مباشرة متضمنة مجموعة من المراسلين والمذيعين الذين يديرون الحوار.

وطبقا لوكالة أنباء "أسوشيتد برس" فإن أول نشرة مذاعة كانت عام 1920، أي تقريبا بعدما وصفها جول فيرن بحوالي 30 عاما. لم تتوقف تنبؤات فيرن هنا، بل وصلت إلى الأشرعة الشمسية ففي روايته "من الأرض للقمر" عام 1865، تحدث فيرن عن إحدى الأشرعة التي يُمكنها التحليق في الفضاء عن طريق الطاقة الشمسية.

بعد ذلك قامت وكالة "ناسا" لعلوم الفضاء بترجمة أفكاره إلى مجموعة من الشرائح والأشرعة التي يُمكنها الطيران باستخدام الشمس. وفي الرواية السابقة ذاتها تحدّث فيرن عن الكبسولة الزمنية التي يُمكن للبشر الانتقال خلالها والوصول إلى القمر بعد تجاوز الجاذبية الأرضية. لكن يظل تنبؤه الأكثر طرافة، ذلك الذي تحدث فيه عن الدعاية والإعلان باستخدام الكتابة في الهواء. وقال فيرن إن البشر سيتمكنون من رؤية بعض الإعانات فوق السحب خلال عام 2889.

ولم توقف الرجل هنا بل تابع تنبؤاته التي وصلت إلى (الفيديو كونفرانس) والتي يُتاح للبشر الاتصال ببعضهم البعض من خلالها كما حدث بي كوريا الشمالية والجنوبية عام 2005. كان وصف فيرن يتعلق بعرض الصور من خلال "شرائح زجاجية شفافية يتم توصيلها بأسلاك كهربية". وعن مستقبل الأسلحة تحدث فيرن في روايته "عشرون فرسخ تحت الماء" عن المسدس المعروف بالصاعق الكهربائي، والذي يُمكنه إخراج العديد من الصدمات الكهربائية التي قد تشل الهدف. وأخيرا كانت المركبة الفضائية التي يُمكنها الطفو فوق الماء إحدى الأشياء المذهلة التي تحدث عنها فيرن في القرن الثامن عشر.

نهاية كاتب عالمي

في عام 1886 طلب "جاتسون" ابن أخيه بعض المال، عندما رفض فيرن الأمر قام بإطلاق الرصاص عليه الأولى أخطأته والثانية أصابت ساقه. وفي عام 1900 أصيب بالماء الأزرق في عينيه، قبل أن يترأس جماعة الإسبيرانتو في مدينة أميان الفرنسية، وهذه اللغة مصطنعة اخترعها "لوفيج أليعزر زامنهوف" كمشروع للغة اتصال دولية عام 1887. قبل أن يتوفى في قلعة "لنونجفيل" ويُدفن بها.