التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 04:18 ص , بتوقيت القاهرة

خليك فاكر.. مصر كبيرة

واحدة من مشكلات مصر الكبيرة (الكبيرة تمشي كده وتمشي كده)، إنها فعلا كبيرة (هنا بـ نتكلم عن مصر بس)، وكبيرة مش بمعنى إنها قد الدنيا، ولا إنها هـ تبقى قد الدنيا (معتزل سياسة حاليا بشكل قاطع)، لكن كبيرة بمعنى إنها ضخمة، ناس كتير كتير، تقريبا ميت مليون نَفْس.


الموضوع ده مش بسيط، حتى لو ناس كتير قالوا إنها حاجة بسيطة، ومش هي المؤثرة، بس فعلا ضخامة عدد السكان عامل مشكلة ضخمة، ومش قصدي هنا بـ المعنى الكلاسيكي، اللي اتعودنا نشوفه في رسومات مصطفى حسين من السبعينات لـ حد ما ربنا افتكره، وإن الانفجار السكاني أكل التنمية، لأن ده مش موضوعي خالص (معتزل سياسة حاليا بشكل قاطع).


الفكرة إن الضخامة دي مش بـ تدي فرصة لـ تكوين "رأي عام"، ولا لـ خلق حوار مجتمعي، ولا حتى بـ تدي فرصة إن الواحد يشوف الصورة على بعضها، ويحدد عناصر أي معادلة بـ يسعى لـ تكوينها، وحجم كل عنصر، وطبيعة التفاعلات، والحاجات دي اللي المفروض الواحد يفهمها وهو بـ يعالج أي مشكلة.


مصر في المركز الـ 15 من حيث عدد السكان على مستوى العالم، وتنفرد بين الـ 15 دولة، بإن سكانها بـ يعيشوا على مساحة ضئيلة جدا من الأرض (في أكثر التقديرات 6%) والباقي صحراء جرداء، لا زرع فيها ولا ماء، ولا يحزنون (الحقيقة فيه يحزنون كتير) والـ 14 دولة اللي قبلنا، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية هم كمان حياتهم صعبة، وظروفهم مش ولابد، حتى المتقدمين فيهم اقتصاديا زي الصين، أو ليها وزن عالمي نتيجة امتلاك السلاح زي روسيا، حتى دول حياة المواطنين مش سالكة، وأغلبية السكان عايشين بالتيلة.


ومع ذلك، تقدر تقول إن مصر عندها مشكلة تانية، إنها كبيرة، وسكانها مش مدركين الحقيقة البديهية دي، وده بـ يبان في حاجة مهمة، هي اللي هـ نركز عليها النهاردة.


كل واحد عايش في وسط ما، في بيئة ما، بـ يعتبر إن مصر هي الوسط ده وبس، واللي براه هو ومجتمعه أقلية، أو في أفضل التقدير ناس مالهاش عازة، علشان كده عندنا إسهال في تعبيرات زي "الناس"، "الشعب"، "البلد"، وتلاقي اللي يقول لك: مصر كلها النهاردة حزينة/ فرحانة/ بـ تشوف كذا/ بـ تسمع كذا/ بـ تحب كذا، مع إن كذا ده ممكن يكون مش مهم لا بالسلب ولا بالإيجاب لـ 90% من السكان.


مصر فيها كل حاجة، وبـ أعداد كبيرة من كل حاجة، لو قلنا مثلا إن نسبة واحد في المية من المصريين بـ يعملوا كذا، أي كذا، فـ هي نسبة ضئيلة، لكننا بـ نتكلم هنا عن مليون بني آدم، عارف يعني إيه مليون بني آدم.


تعال نفتكر لما قالوا إن ثروة مبارك سبعين مليار، وإنها هـ ترجع، فقالوا إن نصيب الفرد فيها هـ يكون 200 ألف جنيه، يعني لو عندك تلات عيال وإنت والمدام قفلت المليون. 


وقتها كنت كل ما أسمع الحكاية دي، أقول للمواطن: حتى لو الكلام ده صحيح، والفلوس هـ ترجع، وكل مواطن هـ ياخد حقه ناشف، هـ يكون نصيب الفرد سبعمية جنيه، يعني كبيرك إنت والعائلة الكريمة، تلات أربع بواكي، يدوب تسدد بيهم نص ديونك، ده لو حصل.


إيه اللي خلى البشر يبلعوا الحسبة دي، اللي ما تعديش على طفل في تانية ابتدائي؟ مش إنهم بُلدا فـ الحساب، لكن لأن كلمة مليار ضخمة جدا جدا عليه هو ووسطه، فـ هو بـ يقسمها عليه هو ووسطه، مش على مصر كلها، هو مش متخيل قد إيه مصر كبيرة.


لذلك، الواحد بـ يفكر، وبـ يفكر تاني، لأنه ممكن يكتشف إن اتجاهه السياسي (بلاش دي لأني معتزل سياسة حاليا بشكل قاطع) ممكن يكتشف إن مطربه المفضل، ممثله النبراس، هو شخصيا، حاجة أصغر بـ كتير مما يظن، يمكن ساعتها، يقدر يعمل حساب لـ "الناس" التانية اللي مش معاه ع الخط.
اعمل ما بدالك، بس خليك فاكر، مصر كبيرة، خليك فاكر.