التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 01:34 ص , بتوقيت القاهرة

ما توطي "الحساس"

كيف نُشْفى من الألم الأدرينالين؟ ثم كيف نُشفى من ألم الأدرينالين؟


 هذا السؤال الذي يُطاردني يوميًا أينما ذهبت إلى حُلم جديد أو حب جديد، وزاد إيماني إن لحظة دخول الحياة فينا أصعب من خروجها، أجسادنا المتيبسة من فعل التمسك بالأمان والكساد فينا، آلية حياتنا التي جعلت منا أمواتا يسيرون وراء لقمة عيش، للعيش في حياة لم نعُد نُدرك هدفها.


الدائرة تدور والغمامة لا تقع والأدرينالين لا يجد مكانًا بداخلنا، كلما حاول المرور بين كرات دمائنا إثر تجربة جديدة أو مغامرة شيقة، تتسارع ضربات قلوبنا، وتلهث أنفاسنا غير قادرة على التعامل مع هذا الكم الكبير من  الحماسة الذي لم نعتده، نتوقع مسبقًا فشل التجربة/ المغامرة، حتى نتجنب ألم الأدرينالين الصارخ فينا مطالبًا بقوة "حي على الحياة"، ولكن الخوف من الفشل، يجعل من التراجع الحل الأمثل لأي شيء جديد.


لم نجد كُتيب تعليمات يخبرنا كيف نتعامل مع الأدرينالين عندما يأتي؛ لأن المفروض أننا خُلقنا له بشكل بديهي،  ولكن وظيفتنا اليومية لا تُفرز الأدرينالين فينا، ولا علاقتنا العاطفية، ولا خططنا في الويك إند، ولا التغييرات الطفيفة التي تزورنا من عقد لآخر في حياتنا، لم يعد لدينا القدرة على الوقوف أمام العالم وإخباره أن الإجابة " لا شيء مما سبق"، الاختيارات الفقيرة لا تناسبنا، ثم نترك كل شيء وراءنا، ونبدأ حياةً جديدة، من منا يتحمل القدر الناتج من الأدرينالين للبداية الكاملة الجديدة، والمخاطرة بكل ما هو سابق وآمن  ومتعارف عليه؟!



من منا لديه القدرة الكافية على التعامل مع هذا الكم من الأدرينالين الناتج عن قصة حب جديدة رائعة غير مضمونة النتائج؟ تجربة حب قد يكون وجعها بقدر متعتها؟، عندما يهاجمك هذا الكم من الأدرينالين وهذا الشخص يقف أمامك لن يفهم جسدك أن هذا إحساس بالفرحة والحماسة، جسدك المدفون لأعوام طويلة، سيترجم هذا الأدرينالين إلى خوف ورغبة في الهرب، ستركض وكأن الجحيم يُطاردك، وولكنك بعد الهرب، لن تُشفى  من هذا الحب، ولن تُشفى من هذا الرعب، ولن تُشفى أيضًا من ألم الأدرينالين.


تقول لي صديقتي مازحة وهي تحكي تجربتها مع سيارتها الجديدة، إن شخصا مر بجوار السيارة وقال لزوجها كنصيحة "وطي الحساس يا أستاذ"، والحساس هذا هو جهاز الإنذار الخاص بالسيارة الذي يتأثر من أي جسد مجاور لها  فيطلق صفير الإنذار "عمال على بطال".


 كانت الكلمة مضحكة بالنسبة لي في بدايتها ثم جاءت لي الإجابة عن سؤالي "كيف نشفى من ألم الأدرينالين؟" الحل هو أن "نوطي الحساس"، لماذا كل هذا الرعب من كل ما هو جديد؟، لماذا ليست لدينا القدرة على تهدئة أنفسنا؟ لماذا لا نجد الاطمئنان داخل أجسادنا؟


الحل ليس فقط أن نتجنب ألم الأدرينالين، الحل هو بعد "توطية الحساس" الخاص بنا والذي يطلق صفيرا كلما هاجمنا بعض من الأدرينالين، هو أن نخرس هذا الصفير/ الحساس، ونفسح مجالاً للأردينالين، ونغمض أعيننا ونشعر به يسير في كل قطرة دم في أجسادنا ليعيدها إلى الحياة.


 أعتقد أننا إذا استطعنا أن نفعل هذا ولو لمرة واحدة.. سيكون الأدرينالين بعد ذلك برداً وسلاماً على روحنا..وسنقفز داخل أي تجربة جديدة، ونحن نستمتع بكل قطرة أدرينالين جديدة تنتجها التجربة في دمائنا، طالما "هدينا على نفسنا" و"وطينا الحساس".