التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 04:34 م , بتوقيت القاهرة

روائى مغربي: "آيات شيطانية" لحظة فارقة في تاريخ مسلمي أوروبا

?عندما كنت في الثالثة عشرة من عمري، كنت أظن نفسي طفلاً عادياً مثل بقية الأطفال الهولنديين من حولي ، أفكر في مصاحبة الفتيات وأهوى قراءة الروايات ولكن ما حدث لي مع معلمي في الفصل دفعني للإيقان بأنني لست كالآخرين، كانت هذه كلمات الروائي والكاتب الهولندي المغربي الأصل، عبد القادر بن علي، الذي أفردت له صحيفة نيويورك تايمز مساحة يتحدث فيها عن تجربته كمسلم في الغرب في ظل التطورات التي شهدها الشرق الأوسط كتوسع داعش في المنطقة، وإقبال الشباب الأوروبي المسلم على اعتناق فكرها، بالإضافة إلى الهجمات الأخيرة التي شهدتها باريس.



يقول بن علي أنه يتذكر كيف وقف غاضباً يحاور معلمه في الفصل حول فتوى الخوميني، التي أباح فيها قتل سلمان رشدي، الكاتب البريطاني، الذي ألف رواية "آيات شيطانية" بينما كان معلم بن علي يحاول إقناعه ببرود عن أهمية احترام حرية الرأي بصورة كلية دون قيد أو شرط، وأن ما كتبه سلمان رشدي كان مجرد عمل روائي أعمل فيه خياله الأدبي، ولا يستحق أن يقتل من أجله.


ومع كل كلمة تخرج من فم المعلم الهولندي وتنحاز للعقلانية والموضوعية كان غضب بن علي يتزايد فهو الفتى المسلم الذي جاء من أسرة مسلمة محافظة، لا يستطيع استيعاب عجز الغرب عن إدراك قدسية العقيدة الإسلامية لدى أتباعها، لكنه عندما انتهى به الأمر في تلك المناقشة إلى الطرد من حجرة الدراسة، توقف بن علي للحظات حسبما يقول ليتساءل بداخله عن سر هذا الغضب الذي شعر به في مواجهة معلمه الهولندي الأبيض، وسرعان ما تحولت هذه التساؤلات إلى إحساس بالعار كما يقول بن علي الذي أحس بالعار لفشله في مواجهة المعلم الهولندي بالحجة ولفشله في عدم نصرة دينه ولفشله في عدم إدراك سر هذا الغضب الذي استولى عليه.


يقول بن على أن رواية سلمان رشدي جاءت لتشير للحظة فارقة في مسيرة المجمتع الإسلامي في هولندا، حيث وقف المسلمون هناك أمام أسئلة بدت لهم وكأنها أول مرة يتعين عليهم فيها مواجهتها، أسئلة مثل لماذا نشعر بالغضب إزاء ما فعل رشدي؟ وما هو مصدر هذا الغضب؟ وهل يستطيع الإسلام التعايش مع المبادئ الغربية؟


يقول بن علي عن تلك الفترة أنه أحس فيها لأول مرة بالضياع فليس هو بالهولندي الأبيض ولا بالمستغرب العلماني، فكان يتعين عليه حسبما يقول أن يعثر على طريق ينهي فيه هذا الصراع النفسي الذي يمر به العديد من المسلمين في الغرب.


ولم يجد بن علي الإجابة بين صفحات كتب الدين بل وجدها بين صفحات الروايات فانكب على قراءة روايات كافكا وكامو، ليتكشف لديه طريق جديد يمكنه من تفريغ الغضب الذي يشعر به والذي تبين له مصدره عندما رأى العديد من الشبان والشابات المسلمات المولودين في الغرب يتركون كل شئ ورائهم ويعتنقون أفكار داعش ويسافرون آلاف الأميال للمحاربة في صفوفها "إنهم يشعرون بنفس الغضب الذي شعرت به في مواجهة معلمي الهولندي، إنه الغضب من السخرية والاستهزاء بأعز ما تملك من مقدسات"


إنه الغضب من تجاهل حكومات الغرب لهؤلاء الشباب وتركهم في مواجهة مؤسسات اليمين المتعصب التي تزيد من الطين بلة، فتدفع الشباب المسلم إلى المزيد من كراهية المجتمعات، وهو نفس الغضب الذي دفع الأخوين كواشي إلى ارتكاب مذبحة شارلي إبدو التي شهدت مقتل اثنين من المسلمين على يد اثنين من المسلمين، حسبما يقول بن علي، الذي يرى أن "الشك هو الذي يدفعنا نحو الابتكار وإخراج ما لدينا من إبداعات، ولكن حينما يتحول هذا الشك إلى الاتجاه الخاطئ فإنه ينتج عنه عنف وقتل مثلما حدث في باريس"


يشبه بن علي ما وقع في باريس على يد الأخوين كواشي بموقفه مع معلمه الهولندي، فكلا الموقفين كانا نتيجة الغضب من السخرية من المقدسات لكن في نظر بن علي أن الرد ليس في الانتقام العنيف، بل في محاولة إدراك مصدر الغضب الذي يدفعك نحو العنف وفي اعتناق حرية التشكيك في موقف خصمك، فعن طريق هذا التشكيك يمكنك التنفيس عن غضبك .


منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001، وهناك من المسلمين في أوروبا من يشعر بالحيرة تجاه هويته، حسبما يقول بن علي وهو شعور خاطئ في نظره، لكنه مدفوع بنظرة الساسة الغربيين الذين ينظرون للمسلمين بينهم، وكأنهم نبتة شيطانية نمت في غفلة من الزمن على العكس من نظرة بن علي لهم، حيث يرى أن المسلمين بالنسبة للمجتمع الأوروبي مثل الغجر والشواذ والمثقفين والمزارعين والعمال، هم جزء من مكونات هذا المجتمع وسيستمرون في العيش فيه مثل بقية الآخرين.