لا نريد الحرب ولكننا مستعدون.. رسالة روسية ترسم خطوط حمراء أمام أوروبا
بوتين وزيلينسكي
فاطمة شوقى
الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 01:30 م
في تصعيد لافت في لهجتها تجاه الغرب، بعثت موسكو برسالة شديدة الوضوح إلى العواصم الأوروبية: روسيا لا تسعى إلى حرب مع أوروبا، لكنها مستعدة للرد بكل قوة إذا تم تجاوز الخطوط الحمراء.
وأشارت صحيفة لاراثون الإسبانية إلى التصريحات النارية لمسؤولين روس، على رأسهم وزير الخارجية سيرجي لافروف، أعادت فتح ملف الضمانات الأمنية لأوكرانيا، ووضعت أي وجود عسكري أوروبي محتمل داخل الأراضي الأوكرانية في دائرة التهديد المباشر، وسط مفاوضات سلام هشة وصراع محتدم بين منطق الردع وشبح التصعيد.
وجاءت الرسالة الروسية واضحة وحادة:الكرملين لا يسعى إلى خوض حرب مع أوروبا لكنه مستعد للرد بقوة على أى تدخل أوروبى مباشر فى أوكرانيا ، وبحسب مراقبين ، فإن بريطانيا باتت على وجه الخصوص ضمن دائرة التحذير الروسى.
ورغم أن المفاوضات حول اتفاق سلام محتمل في أوكرانيا تشهد تقدمًا، إلا أنها تجري فوق أرض مليئة بالألغام السياسية والعسكرية، ويظل أحد أكثر الملفات حساسية دون حل واضح، وهو **ضمانات الأمن التي يفترض أن تحمي كييف بعد توقيع أي اتفاق مع موسكو.
ويبقى السؤال المحوري بلا إجابة: من سيضمن، وكيف، ألا تعاود روسيا مهاجمة أوكرانيا كما حدث بعد اتفاقيات مينسك عام 2015؟
عقدة الضمانات الأمنية
في المحادثات التي تضم الولايات المتحدة وأوكرانيا وعددًا من الدول الأوروبية، تحولت مسألة الضمانات الأمنية إلى نقطة الخلاف الرئيسية، ولا يقتصر الجدل على تحديد الدول التي ستتحمل هذا الالتزام، بل يمتد إلى طبيعة هذه الضمانات: هل ستكون مجرد تعهدات سياسية؟ أم ستشمل وجودًا عسكريًا فعليًا لقوات أجنبية على الأراضي الأوكرانية؟، وهنا تحديدًا رسمت روسيا خطًا أحمر واضحًا.
فقد حذر موسكو مرارًا من أنها لن تقبل بوجود جنود غربيين داخل أوكرانيا، وتشير تحليلات حديثة إلى أن الكرملين بات يصعد لهجته لمنع أي صيغة ضمانات يعتبرها «ذات مصداقية عسكرية».
رسائل محسوبة لا تصريحات عابرة
ووفقا لخبراء من معهد دراسة الحرب ISW الذين قاموا بتحليل تصريحات حديثة لمسؤولين روس، فإنها ليست مجرد مواقف إعلامية، بل رسائل محسوبة بعناية تهدف إلى تقويض أي التزام أمني يتجاوز الورق.
لافروف: لا حرب.. لكن الرد جاهز
أولى هذه التصريحات جاءت على لسان وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، في خطاب ألقاه يوم 10 ديسمبر، حيث حاول في ظاهره تهدئة الأجواء، مؤكدًا أن روسيا لا تنوي إعلان حرب على أوروبا ولا تفكر في هذا السيناريو.
لكن النبرة تغيرت سريعًا، إذ شدد لافروف على أن موسكو مستعدة للرد على أي إجراءات عدائية، وذكر صراحة احتمالين: نشر قوات أوروبية داخل أوكرانيا، و مصادرة الأصول الروسية في الخارج.
ويرى محللو معهد دراسة الحرب أن هذا الأسلوب ليس بريئًا، إذ يهدف إلى تصوير أي تصعيد روسي محتمل باعتباره ردًا دفاعيًا مشروعًا، تمامًا كما بررت موسكو سابقًا غزوها لأوكرانيا.
تهديدات أكثر فجاجة
أما التصريح الثانى فكان أكثر حدة ، وأدلى به أليكسى تشيبا ، نائب فى البرلمان الروسى وعضو لجنى الشئون الدولية ، حيث تحدث لوسائل إعلام روسية عن إبادة القوات الأوروبية ، فى حال تم نشرها داخل أوكرانيا كجزء من آلية ضمان أمنى.
ورغم أن تشيبا لا يشغل منصبًا بوزن لافروف، إلا أن تصريحاته تعكس إجماعًا واسعًا داخل موسكو ضد أي وجود عسكري غربي في أوكرانيا، ورسالة موجهة ليس فقط للحكومات الأوروبية، بل أيضًا للرأي العام داخل القارة.
زيلينسكي والانتخابات
في موازاة ذلك، ربط الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مسألة الضمانات الأمنية بملف بالغ الحساسية: إجراء الانتخابات في أوكرانيا، فالقانون الأوكراني، كما هو الحال في دول أوروبية أخرى، يمنع إجراء انتخابات في زمن الحرب، كما أن تنظيمها وسط النزاع يبدو بالغ التعقيد.
وبعد ضغوط من واشنطن، أبدى زيلينسكي استعدادًا لمناقشة هذا الخيار في 10 ديسمبر، لكنه وضع شرطًا واضحًا: ضمانات أمنية قوية من الولايات المتحدة وأوروبا. وبدونها، ترى كييف أن أي مسار سياسي داخلي سيظل مهددًا بهجوم روسي جديد.
مأزق بلا حل حتى الآن
يكشف هذا التصادم في المواقف جوهر الأزمة:
أوكرانيا: لا سلام دائم بلا ضمانات حقيقية
روسيا: تلك الضمانات غير مقبولة إذا تضمنت قوات غربية مسلحة
أوروبا والولايات المتحدة: تبحثان عن صيغة تمنع حربًا جديدة دون إشعال أخرى
لا يفوتك