التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 07:04 ص , بتوقيت القاهرة

تحقيق واستئناف للدوري.. اهزموا المانشيتات الكئيبة

لا أعرف من المسؤول مباشرة عن مأساة مباراة الزمالك وإنبي لأنني أنتظر تحقيقا في الموضوع، أو على الأقل بيانات أسباب الوفاة. لكن في كل الأحوال الشرطة مسؤولة سياسيا لأنها يجب أن تستعد وتتوقع، هذه وظيفتها. لا ينتقص من هذه المسؤولية أن جماهير الألتراس أثبتت في أكثر من مناسبة أن التعامل معها صعب.



                
هذه مشكلة ليست فريدة في ملاعب الكرة. كثير من دول العالم شهدت أحداثا مماثلة. ورغم ما تتمتع به هذه الدول من إمكانيات وقدرات وكفاءات، فإن المشكلة لم تنتهِ تماما، وإن كانت على الأقل تحت السيطرة.



قبل مباريات الفرق الإنجليزية خارج البلاد لا تزال بريطانيا تعلن حالة التأهب بأكثر من رسالة في أكثر من اتجاه.


الرسالة الأولى، للمشجعين. لدى بريطانيا قاعدة معلومات تفصيلية عن مشاغبي الملاعب. هذه القوائم السوداء نالت بداية ما تستحقه، الحرمان من دخول الملاعب. وهي ملاحقة قضائيا على أي "جريمة" تقترفها.


نعم، الرسالة الثانية، أن الشغب جريمة، لها مسؤولون عنها. المسؤول الأول الأفراد الذين ينفذونها، والمسؤول الثاني النادي الذي تنفذ جماهيره شغبا. قد تعترضين بأن النادي قد يتعرض لنكاية. ربما. لكن هذا احتمال ضئيل جدا إذ إن الشغب يحتاج إلى قاعدة عريضة من الجماهير "الحاضنة"، إن لم تشارك لن تعترض. من الصعب أن يحدث هذا باندساس "غرباء" وسط جماهير ناد. ثم إن السياسة تتنازل عن فكرة "العدالة المطلقة" لصالح فكرة تحقيق الأمن والحفاظ على الحياة.


ثالثا، هذا يجعل الأندية، وجماهيرها التي لا تحب الشغب، مضطرة إلى التعاون وإلى نبذ المتطرفين.


رابعا، الدول الخارجية. المشاغبون يعاملون معاملة أسوأ من المجرمين. إذ يحرمون من أبجديات في الحياة الأوروبية، مثل حرمانهم من الدخول إلى دول أوروبية في أوقات المباريات "يدخلونها عادة بلا فيزا".


كل هذا يأتي على خلفية تفهم المجتمع لما فعله مشاغبو الملاعب. هل رأينا فيلما تسجيليا واحدا في مصر يشرح هذا للناس، بوقائع، وليس بخطب بلاغية واتهامات جزافية؟ أعود لأكرر مرة ثانية أن هذا ليس جزما بمسؤولية طرف معين عما حدث في مباراة الزمالك وإنبي، بل إبراز لنقطة واحدة غائبة في هذه "المعركة" نقطة التواصل، تبليغ وجهة النظر.


مما سبق أعلاه فإن هزيمة الشرطة في "معركة العقول والقلوب" سببها الشرطة نفسها. لأنها لم تستعد بالتدريب، وقد عانينا من المشكلة لسنوات. غياب التدريب هنا يعني كارثة ومأساة ستتكرر كل فترة. ولأنها لم تستعد بمعلومات، وفي غياب المعلومات لن تستطيع الشرطة أن تتعقب قيادات الشغب ولا أن تتواصل مع المجتمع. ولأن سلوكها في مناسبات أخرى لم يكن جيدا. لن يشفع لها هنا التعاطف الشعبي الحالي مع الشرطة نظرا لتضحياتها في مواجهة الإرهاب.


الشرطة تحتاج إلى استراتيجية لمكافحة هذه المأساة، حفاظا على أرواح المواطنين، وتجنبا للعواقب السياسية الوخيمة من تكرار هذا مرة بعد مرة، والعواقب الاقتصادية والاجتماعية من توقف الدوري.


إلغاء النشاط الكروي لن يحل المشكلة، بل يفاقمها. المباراة القادمة يجب أن تجرى في أقرب وقت ممكن، بمجرد بدء تحقيق، شفاف، من جهة مستقلة. لا بد أن ينال المخطئون جزاءهم. لقد تحولنا إلى أمة يصنع لها النكد صنعا. يدفع ثمنه أناس، ويتغذى عليه آخرون هدفهم أن تستمر "المانشيتات الكئيبة".