التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 07:56 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| العاصمة الإدارية.. حلم مصري عمره نصف قرن

أعاد مشروع إنشاء عاصمة إدارية جديدة لمصر، الذي طرح خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ "مصر المستقبل"، للأذهان مبادرات سابقة حاولت مصر من خلالها تدشين هذا المشروع الطموح، منذ 50 عاما مضت.


ويساهم المشروع في تفريغ القاهرة من التكدس الناتج عن حركة العاملين بالوزارات والجهات الحكومية، فيما ستتحول العاصمة التراثية والثقافية والتاريخية  إلى مقصدا سياحيا.



 


لماذا عاصمة جديدة؟


تهدف خطة المشروع إلى نقل الوزارات إلى المدينة الجديدة لمعالجة الاحتقان المزمن في القاهرة التي يقطنها 18 مليون نسمة، ما يفتح آفاقا جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية ويمهد الطريق نحو فكرة الخروج من وادي النيل الضيق.


ويضم المشروع الذي وقعته مصر، مع الإمارات العربية المتحدة، مقارا حكومية وأخرى للبعثات الدبلوماسية ووحدات سكنية وفنادق، ويقع في المنطقة بين القاهرة ومدينة السويس والعين السخنة، ويشمل المشروع أيضا مطارا و90 كيلومتر مربع من حقول الطاقة الشمسية، ويستهدف انجاز ذلك في غضون من 5 إلى 7 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار.


اللافت في إعلان المشروع الرغبة الحقيقة التي تمثلت لدى الحكومة في إنجاز المشروع، بالرغم من تجارب سابقة في عهود مضت باءت بالفشل، وهى فكرة سبق أن طرحها الرئيس الراحل أنور السادات، وأعادها الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولكن بحجم أوسع وخطة أكثر تفصيلا وتكاملا.


وبحسب تصريحات الشريك الإداري الاستشاري في شركة سكيدموري، أوينغس وميريل، جورج جيه إفستاثيو، "القاهرة العاصمة" بمزايا عديدة من أبرزها الموقع الجغرافي الذي يتميز بالوديان والهضاب والتضاريس الأخرى التي ترسم معالم استثنائية وفريدة وسيتم تزويد كل جزء من أجزاء المدينة بالمرافق الحيوية الضرورية والتي تخدم مختلف الاحتياجات. كما ستكون المدينة الجديدة مقراً لعدد من المراكز منها مركز إداري ومركز للأعمال بالإضافة إلى مركز ثقافي وآخر للتقنية والابتكار وغيرها.  



مدينة السادات


والمرة الأولى لطرح فكرة العاصمة الإدارية، تعود إلى عهد السادات الذي تولى الرئاسة بين 1970 و1981، إذ كان يخطط لإنشاء عاصمة إدارية تستوعب الزيادة السكانية لحل مشكلة الازدحام بالعاصمة، وكانت مدينة السادات هي المنطقة التي كان ينوي السادات جعلها عاصمة إدارية جديدة.


وبدأ السادات في نقل الوزارات إلى المدينة الجديدة، بتكلفة بلغت وقتها 25 مليون جنيه، لكن المشروع لم يكتب له النجاح لاعتبارات عدة أبرزها صعوبة المواصلات بينها وبين المدينة الأم، وهو ما عكس ضعفا في التخطيط للقرار قبل اتخاذه، ولعلاج ذلك تم إلحاق مباني الوزارات المقترحة بجامعة المنوفية، وانتهت الفكرة بالفشل ولم يكن لها أي مردود اقتصادي أو مروري أو أمني.


نقل مربع الوزارات


وفي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وضعت خطة لنقل مربع الوزارات من منطقة وسط القاهرة، التي تضم وزارات مثل التربية والتعليم، والتعليم العالي، والصحة، والإنتاج الحربى، ومجلس الوزراء، ومجلس النواب وهيئة التخطيط العمراني، إلا أن الخطة لم تنفذ أصلا.
التكلفة


وزير الإسكان، مصطفى مدبولي، قال إن المشروع سيكلف 45 مليار دولار، ويستغرق إنجازه من 5 إلى 7 أعوام، وأوضح الوزير في تصريحات صحفية، أن الهدف من المشروع تخفيف الازدحام عن مدينة القاهرة في الأربعين عاما المقبلة، ويبلغ عدد سكان القاهرة حاليا 18 مليون نسمة، ويتوقع أن يتضاعف عددهم خلال أربعين عاما، وستنقل مقرات البرلمان والحكومة والوزارات والسفارات الأجنبية إلى المدينة الجديدة، التي ستكون، حسب الوزير، بمقاييس عاصمة عالمية.


المستثمرون ممن حضروا حفل التوقيع، أكدوا إن المدينة الجديدة، التي لم يكشف عن اسمها، ستشمل 2000 مدرسة وكلية، وأكثر من 600 مركز صحي، وسيوفر بناؤها أكثر من مليون ونصف المليون فرصة عمل،وسيتم بناؤها على مساحة 700 كلم2، وتسع 5 ملايين ساكن.


المستمثر الإماراتي محمد العبار، رئيس مجلس إدارة مجموعة إعمار مصر الإماراتية، و"إيجل هيلز" الإماراتية بأبوظبي، حيث أنجزت الأولى، شركته برج خليفة، أطول بناء في العالم، هو من سيشرف على بناء المدينة، وأوضح أن الاستثمارات المبدئية للمشروع تقدر بـ150 مليار جنيه مصريا، سيكون نصيب المرحلة الأولى منها 50 مليار جنيه تقريبا.


تجدر الإشارة إلى أنه سيتم بناء الأحياء السكنية للمشروع على مناطق مرتفعة تسمح بتدفق الهواء الطبيعي عبر الأودية الخضراء بما يؤمن تهوية طبيعية. وستقع كل منطقة سكنية في وسط نظام خدمات يربطها بمجموعة من المرافق الهامة مثل مراكز التسوق والمؤسسات التعليمية والدينية وغيرها، وبالرغم من إنشاء العاصمة الجديدة على أحدث الأسس العالمية، فإنها ستبقى وفيّة للتراث العمراني العريق لمدينة القاهرة التاريخية.



المدى الزمني


حددت شركة كابيتال، التي أُسست من أجل تنفيذ هذا المشروع، موقع العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة في نقطة تتوسط الطريق بين القاهرة ومنطقة قناة السويس التي تشهد أحد المشروعات العملاقة التي أطلقتها مصر منذ أشهر قليلة، هو مشروع قناة السويس الجديدة.


وقال العبار، مقاول المشروع، إن "أعلى برج في إفريقيا سوف يكون بين الإنشاءات التي ستشهدها العاصمة الجديدة"، ووفق ما أعلن عنه العبار، فإن المشروع سيكون بحجم سنغافورة، ببنايات ذكية ومستدامة، وسيستغرق إنجازه أعواما.


ومن المقرر أن تحتوي العاصمة الإدارية الجديدة على منطقة معارض على نطاق واسع، ومنشآت إدارية، ومنطقة سكنية، بالإضافة إلى خط قطار سريع يربط المدينة الجديدة بالقاهرة وفقا لوزير الإسكان المصري.


أثناء تفقد النموذج المصغر للعاصمة الإدارية الجديدة، على هامش المؤتمر الاقتصادي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن "عشر سنوات وقت طويل جدا لإستكمال المرحلة الأولى من المشروع وأن طريقة العمل التي أتبعها سوف تقلص هذا المدى الزمني إلى حدٍ كبير، وأضاف :"لدينا شركات في مصر قادرة على الانتهاء من المشروع في أقل من ذلك، وإذا ما دعت الحاجة إلى شركات أخرى، سوف نستعين بشركات أجنبية. 



فيما أكد العبار أن المشروع توسع طبيعي لمدينة القاهرة، وإن المدينة الجديدة ستقام بمحاذاة المدينة الحالية، وأضاف أن "المكاسب لا تقاس بالعائدات المالية فقط، فتخفيف الضغط عن القاهرة سوف يحسن الأوضاع البيئية ويحدث رواجا في قطاع السياحة بعد أن تنتقل أغلب المؤسسات التجارية والاستثمارية خارج العاصمة."


وأوضح المستمثر الإماراتي أن مصر في عهد جديد يؤكد على أن المسؤول الذي لا يستطيع تنفيذ ما يُناط به من أعمال لا مكان له في إدارة الدولة وفقا لما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي في أحد خطاباته.




وأشار إلى أن العمل في المشروعات الضخمة التي بدأتها الدولة المصرية بالتوازي لا ينطوي على أي خطر، إذ تعمل كل جهة اختصاص في المشروع الواقع في دائرة مسؤوليتها وأن التوازي في بذل تلك الجهود سوف يحدث التنمية المرجوة.