التوقيت الخميس، 26 يونيو 2025
التوقيت 08:16 ص , بتوقيت القاهرة

الجنس مقابل الحياة.. في سجون أمريكا وبريطانيا

ترجمة- محمد سيد عبدالرحيم: 

على الرغم من المعايير التشريعية الصارمة التى تستند إليها السجون فى الولايات المتحدة وبريطانيا، فإن السجينات، تحديدا، يتعرضن لأشكال مختلفة من الاعتداءات الجنسية من قبل القائمين على السجون. وهناك محاولات على المستوى الرسمي وغير الرسمي، لمواجهة الانتهاكات التى تتعرض لها النساء خلف القضبان، لكن الكثير منها لا يتعامل مع الأسباب الحقيقية للمشكلة. 

في أمريكا.. الجنس الإجباري هو الخيار الوحيد

فى الولايات المتحدة، ليس هناك سوى أماكن قليلة، أسوأ من سجن جوليا تاتويلر، بالنسبة للسجينات. فالتعرض للاغتصاب والضرب والتحرش على أيدي الضباط، أصبح سمة هذا السجن العتيق، خلال الثمانية عشر عاما الأخيرة، ووفقا لتحقيقات وزارة العدل، فإن أكثر من ثلث موظفي السجن مارسوا الجنس مع السجينات، حتى أصبح هذا الأمر العملة الوحيدة للحصول على احتياجات الحياة الأساسية، كأوراق التواليت. ورغم الحالة السيئة التي وصل إليها السجن، والتي دفعت الحكومة الفيدرالية لاعتبار الأوضاع بداخله مخالفة للدستور، يظل واحدا ضمن سلسلة من السجون المليئة بالمشاكل في ولاية ألاباما، التي تملك ثاني أكبر عدد من السجناء بالولايات المتحدة الأمريكية.


وكانت الهيئة التشريعية قد خفضت ميزاينة السجون 7 ملايين دولار عن العام الماضي، فيما طالبت إدارة إصلاح السجون بزيادة الميزانية 42 مليون دولار، بدعوى اكتظاظ السجون بضعف سعتها الأصلية، ما يجعل المستوى المعيشي للعاملين مقلقا، وهو الأمر الذي دفع كيم تيه توماس، رئيس مصلحة السجون، بالمطالبة بتخصيص 21 مليون دولار من الزيادة المطلوبة في الميزانية، لتحسين مرتبات الضباط، وتوظيف المزيد منهم.

وعلى الجانب الآخر، هناك من يرى أن الحل ليس في بناء سجون جديدة، لاستيعاب العدد الكبير، وإنما في تغيير القواعد المتبعة في السجون نفسها، حيث إن أكثر من نصف سجناء ولاية ألاباما، سجنوا في قضايا مخدرات وجرائم سرقة، أي إن أغلب الجرائم ليست من النوع العنيف، وهو ما يتطلب نوعا مختلفا من التعامل مع المساجين. وهناك العديد من الدعوات لإصلاح السجون بإلغاء قانون "الثلاث ضربات"، للمجرمين الخطرين، وإطلاق سراح المرضى وكبار السن، وإخضاع مرتكبي جرائم المخدرات الصغيرة لبرامج علاج وتأهيل.


ويبلغ عدد النزيلات فى السجن الذي أنشئ عام 1942 أكثر من 900 امرأة، بما فيهن المحكوم عليهن بالإعدام، رغم أن المبنى مصمم ليسع 400 شخص فقط. ولا يحوي من الداخل سوى على ثلاث كاميرات فقط، ما يجعل الكثير من مناطقه مخفية، وبالتالى سهّل انتشار ممارسة الجنس بين السجينات والحراس. كما اعتاد الحراس الذكور مشاهدة السجينات في أثناء الاستحمام، بل وتصل الأمور أحيانا لإجبارهن على تنظيم عروض للتعري "إستربتيز"، حيث أصبح الجنس وسيلة للحصول على المحظورات، كالمخدرات، أو لتوفير الاحتياجات الأساسية كالملابس نظيفة، ومنذ عام 2009 أدين 6 موظفين في السجن -على الأقل- بجرائم جنسية.


ومن أشهر حوادث الاعتداءات الجنسية التي فتحت المجال للكشف عما يجري داخل سجن تاتويلر، ما تعرضت له مونيكا واشنطن، التي قضت 20 عاما به، في جريمة سطو مسلح، حيث اغتصبها أحد الحراس، وأنجبت منه ابنة، تبلغ الآن 3 سنوات، وأدين الحارس وحبس 6 أشهر، بتهمة سوء السلوك في أثناء ممارسة عمله، قبل أن ينقل إلى تكساس تحت المراقبة، وحصلت عائلة السجينة في النهاية على إعانة للطفل، تصل إلى 230 دولارا كل شهر. وقالت مونيكا واشنطن تعليقا على أوضاع السجن: "السجينات لا يزلن خائفات، والظروف لا تزال سيئة، وبالنسبة لي، لا يزال الوضع كما هو مع الضباط، وكأن الانتهاكات هى قانون صادر من الكونجرس، مقابل الحصول على احتياجاتك. أوضاع السجينات هنا غير إنسانية بالمرة".


أما مارشا كوبلي، أم لستة أطفال، والتي قضت في سجن تاتويلر ما يقرب من عشر سنوات، فقد بقيت على اتصال ببعض رفيقات الزنزانة، بعد خروجها في ديسمبر 2012، وقالت إن الجنس سلعة مهمة داخل السجن، وتابعت: "السجينات تستخدمنه للحصول على معاملة أفضل، أو لتأمين المواد المهربة، لبيعها والحصول على الطعام والأساسيات الأخرى، بالإضافة إلى أنه يستخدم مقابل تهريب أدوات التجميل، أو العطور، أو أي شيء يستطيعن بيعه".


ومن جهته، يقول لاري أف وود، الاخصائي النفسي الذي استقال بعد شهرين فقط من تعيينه في سجن تاتولير عام 2012، إن نظام إدارة السجون بدائي ومتخلف، ويكمل: "عملت في السجون لأكثر من 30 عاما، ولم أر أبدا شيئا كهذا. إن الأشخاص الذين يديرون هذا السجن لا يملكون أي رؤية حيال ما يجب تغييره".


بريطانيا..تهريب المخدرات في أجساد السجينات



وفي بريطانيا، أكد تقرير نشرته بي بي سي، فبراير الماضى، أن السجينات يجبرن على الدخول في علاقات جنسية مع موظفي السجن، مقابل تهريب السجائر والكحول. وكانت جمعية هوارد للإصلاح الجنائي قد شكلت لجنة للتحقق مما يحدث داخل السجون البريطانية بحق السجينات، ضمت أكاديميين بارزين ومديرين سابقين للسجون، وخبراء في مجال الصحة.

وقدمت اللجنة أول تقرير مستقل عن الاعتداءات الجنسية خلف القضبان في إنجلترا بعنوان "حماية المستضعفين"، أشار إلى أن هناك قائمة بأشكال متنوعة من الاستغلال الجنسي للسجينات، على رأسها إخفاء المخدرات قسرا في أجسادهن. وأشار التقرير إلى أن النساء قد يكنّ أخطر من الرجال في نشر فيروس نقص المناعة، الأيدز "HIV" للسجون، موصيا بضرورة أن تتلقى موظفات السجن تدريبات بخصوص كيفية دعم السجينات.

وعلّق المتحدث الرسمي لمصلحة السجون على التقرير، نافيا شيوع العلاقات الجنسية بين السجينات، وقال إن حوادث الاعتداء الجنسي نادرة، وعند اكتشافها يتم التحقيق فيها وإبلاغ الشرطة. وأكد أن بعض العلاقات الجنسية داخل السجن تكون تطوعية بين السجينات بغرض الدعم، إلا أن بعضها يصل إلى حد الاعتداء والاستغلال الجنسي.

وفيما لم تتمكن اللجنة من الوقوف على أدلة عن ممارسات جنسية إجبارية داخل السجون، فإن عددا من التقارير الرسمية التي استند لها تقرير اللجنة، أشار إلى وجود مثل هذا النوع من الانتهاكات. ففي تقرير عن صحة المرأة صادر في 2006، تمت مقابلة 220 سجينة، بعد شهر واحد من وصولهن السجن، قالت نحو 18 منهن إنهن مارسن الجنس مع ذكور. فيما قالت 25 منهن إنهن مارسن الجنس مع سيدات، خلال الفترة نفسها. كما سجلت إدارة السجون خلال الخمس سنوات الأخيرة، وفاة خمس سجينات، بالمقارنة بسجين واحد، لأسباب جنسية.