التوقيت الثلاثاء، 14 مايو 2024
التوقيت 09:59 م , بتوقيت القاهرة

خاص| القصة الكاملة لسرقة سيارات أمريكا ودهس "متظاهري يناير"

كتبت- نرمين سليمان، محمد أبوالدهب، طارق حافظ:

أفادت شهادة حراس "جراج السفارة الأمريكية بالقاهرة" يوم 28 يناير 2011 الشهير بـ"جمعة الغضب"، أن متظاهرين اقتحموا "الجراج" واستولوا على عدد من السيارات، كما كشفت مذكرة تقصي الحقائق عن كيفية التوصل للسيارتين اللتين استخدمتا في الاعتداء على المتظاهرين ومجندي الأمن المركزي بشارع قصر العيني.

العثور على السيارتين

لجنة التحقيق وتقصي الحقائق حول الأحداث، كشفت في مذكرة أرسلتها للنائب العام بتاريخ 16 مارس 2011 -حصل عليها "دوت مصر"- عن كيفية توصلها للسيارتين، وقالت إنها تلقت اتصالا هاتفيا من محام يُدعى أحمد محمد مجدي، قرر فيه إنه حال توجهه إلى نقطة شرطة "فم الخليج" بالقاهرة، دار بينه وأمين شرطة يُدعى "عبد الله" حوارا، أخبره فيه أن السيارة التابعة لإحدى الهيئات الدبلوماسية والتي دهست عددا من المتظاهرين يوم "جمعة الغضب"، أحضرها "مجموعة من الضباط التابعين لوزارة الداخلية وتركوها خلف ديوان النقطة بقصد تفكيكها وطمس ملامحها".

عضو الأمانة الفنية للجنة، انتقل إلى نقطة فم الخليج، وتبين له وجود سيارة بيضاء من نوع "شيفرولية" تقف بجوار سور النقطة، منزوعة الإطارات وأجزاء من فرشها الداخلي وأبوابها، كما تبين تحطم نوافذها ومقدمتها وخلفيتها، واتضح أنها تحمل بصمة شاسيه رقم "o38a4a/25759781rh" – بحسب المذكرة.

وردَ بالمذكرة أن أمين الشرطة بنقطة "فم الخليج"، عبد الله سيد علي أمين، قرر أنه شاهد سيارتين أبيضتي اللون يوم 30 يناير 2011، الأولى كانت تقف أمام كوبري الملك الصالح، والأخرى بجوار سور مجرى العيون في نهاية شارع الكورنيش باتجاه القادم من منطقة المعادي، بدائرة مصر القديمة، وعقب ذلك بفترة شاهد السيارة الأولى تقف أمام نقطة "فم الخليج"، وعندما استعلم عنها من بعض الضباط، أخبروه أن عددا من الأهالي أحضروها إلى المكان، كما سمع رواية أخرى بأن أحد ضباط المرور أتى بها بواسطة "ونش مرور".

بعد ذلك حضر موظف بالسفارة الأمريكية، وأخذ بصمتي الموتور والشاسية من على السيارة، وادعى أنها وأخرى موجودة أمام نقطة "ساحل السوق" بمصر القديمة سرقتا من السفارة الأمريكية – بحسب ما نقلت المذكرة عن أمين الشرطة.

التسليم إلى الجيش

بعد الاستماع إلى أمين الشرطة انتقل عضو باللجنة إلى نقطة شرطة "ساحل السوق"، وتبيّن له وجود سيارة بيضاء اللون كبيرة الحجم من نوع "شيفرولية" هناك، وبمعاينتها تبيّن عدم وجود الموتور الخاص بها، وكذلك الفرش الداخلي والإطارات، وعلم أن بصمة الشاسيه الخاص بها تحمل رقم "309krdsa/25755067rh". كما اتضح للجنة عدم وجود حراسة أمنية على السيارتين، فقررت تسليمهما إلى القوات المُسلحة لحين إخطار النيابة بشأنهما، وتم إبلاغ غرفة العمليات بالقوات المُسلحة بقرار التحفظ، وسلمتا لنائب مأمور قسم شرطة مصر القديمة، العقيد أيمن الصعيدي، تمهيدا لتسليمهما للجيش.

السرقة من الجراج

ما مضى كشف عن كيفية العثور على السيارتين بعد تهريبهما من مسرح الأحداث يوم "جمعة الغضب"، لكن تحقيقات النيابة مع حراس "جراج" السفارة الأمريكية الكائن بشارح الشيخ ريحان بوسط القاهرة، كشف عن سرقة 18 سيارة منه في نفس اليوم، على يد من وصفوا بالمتظاهرين، الذين سبقهم إلى "الجراج" 5 أشخاص تسللوا من ناحية مبنى تابع لوزارة الداخلية إليه.

موظف أمن السفارة الأمريكية وقت الأحداث، محمد عبدالمرضي عبدالعظيم موسى، قال أمام النيابة إنه بمفرده يؤمن "الجراج" في هذا اليوم، لحراسة 23 سيارة دبلوماسية مختلفة الأحجام والأنوع، منها من كانت نوافذها مفتوحة، وبعضها كانت المفاتيح الخاصة بها موجودة داخل غرفة "الأمن".

أثناء ذلك سمع "محمد"  أصوات هتافات متظاهرين، فخرج من "الجراج" لاستطلاع الأمر، فوجدهم قادمين إليه من ناحية مبنى تابع لوزارة الداخلية المجاور لـ"الجراج"، وحينها سمع دوي طلقات نارية تطلق صوب المتظاهرين، فعاد إلى مقر عمله وأغلق عليه بابه – وفقا لشهادته أمام النيابة.

أضاف موظف الأمن أنه فوجئ عقب صلاة العشاء في حوالي الساعة 7 مساءا بـ5 أشخاص يرتدون ملابس مدنية يتسلقون باب "الجراج"، حتى دخلوه، فتوارى عن أنظارهم خوفا منهم، وبعد ذلك بدأت أعداد كبيرة من المتظاهرين تدخل إلى ساحة الجراج بعد أن اقتحموا بابه، فاستبدل ملابسه الخاصة بالعمل بأخرى مدنية، واختلط بهم، وتمكن من الخروج من "الجراج" حفاظا على نفسه.

المتظاهرون حصلوا عل مفاتيح 18 سيارة من "غرفة الأمن" واستولوا عليها، وبعد فشلهم في قيادة 5 سيارات أخرى أتلفوها، كما سرقوا ملابس موظف الأمن وجهاز اتصال "لاسلكي" خاص به – وفقا لأقوال "محمد" أمام النيابة.

اسطوانة مدمجة

نائب مدير مكتب حراسة المنشآت بالسفارة الأمريكية، حسام الدين محمود شحاتة، أقر أمام النيابة أنه كان متواجدا يوم 28 يناير 2011 بمقر السفارة الأمريكية بمنطقة "جاردن سيتي"، والذي يبعد عن الجراج  بحوالي 500 متر، نفى مشاهدته لما حكاه موظف الأمن، لكنه أقرّ بما قاله، وأوضح أن اقتناعه ناتج عن مقاطع "فيديو" صورت "الجراج" من أعلى مبنى بنك قناة السويس عقب إخلائه تماما من السيارات، وقدمها إلى النيابة مسجلة على اسطوانة مدمجة – بحسب التحقيقات.

 شهادة الشرطة

رقيبا أول شرطة بقسم قصر النيل، طه محمد العربي و عباس عبدالواحد، والمجندين بمعسكر الجبل الأحمر، محمد عبدالخالق سلامة و قاسم الشحات حسن، والعريفين بقسم قصر النيل، على عطية علي و طه محمد العرابي، كانوا معينين كخدمة لحراسة كنيسة قصر الدوبارة، المجاورة لجراج السفارة الأمريكية، تضاربت أقوالهم حول الواقعة، فمنهم من نفى مشاهدتها من الأساس وآخرون عززوا شهادة الحارس  وأكدوا أن متظاهرين اقتمحوا "الجراج" واستولوا على عدد من السيارات، وأحرقوا بعضها ولم يستطع رجال الشرقة إيقافهم لكثرة عددهم.

معاون مباحث قسم شرطة قصر النيل، الرائد محمد عصام محمد أحمد عبدالخالق، أكد على صحة الواقعة، وقال إن تحرياته السرية عما جرى يوم 28 يناير 2011، أثبتت أن دائرة عمله شهدت فيما بين الساعة 5 وحتى 7 مساء، هجوم مجهولين على "جراج السفارة الأمريكية" الذي كان يضم 23 سيارة دبلوماسية، مستغلين حالة الانفلات الأمني التي جرت خلال اليوم، وسرقوا 18 سيارة منها وأحرقوا 5 أخريات لعدم تمكنهم من الحصول على المفاتيح الخاصة بها.